المغامرة التركية في سوريا هل تمتد إلى الحسكة؟
طموحات أنقرة قد يبددها الانتشار العسكري الأمريكي في الحسكة واستعادة النظام السوري قدرات الدفاع الجوي.
أطلقت تركيا يوم الجمعة عملية عسكرية في مدينة عفرين شمالي غرب سوريا، في محاولة لإجهاض تمدد حكم ذاتي كردي على طول شريطها الحدودي في الجنوب، واختبار ردود الفعل الدولية قبل السعي لتطوير العملية والانتقال بها من حلب إلى الحسكة، حسب مراقبين.
ومنذ أكتوبر/تشرين الأول الماضي تحشد تركيا قواتها قبالة مدينة عفرين بعد أن فشلت قوات الجيش السوري الحري المدعوم من أنقرة على مدى شهور في السيطرة على مثلث قاعدته بين مدينتي منبج وعفرين ورأسه بمدينة الباب.
وبالتزامن مع العملية العسكرية التركية في الشمال السوري نقلت تقارير إعلامية محلية عن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قوله إن "عملية عفرين ستستمر حتى منبج بهدف تطهير حدود تركيا من الإرهابيين وستصل إلى العراق".
ورغم الوعيد التركي المتواصل بسحق أحلام الأكراد في إقامة دولتهم ظلت ضغوط أنقرة العسكرية منحصرة في الشطر الغربي وعلى طول الحدود دون التقدم باتجاه في عمق المناطق الشمالية الشرقية، في محافظة الحسكة التي تعد معقل قوات سوريا الديمقراطية المدعومة من التحالف الدولي ضد تنظيم داعش الإرهابي.
وتشرف الولايات المتحدة الأمريكية على تدريب قوات سوريا الديمقراطية في معسكرات تتركز في الحسكة على الحدود مع العراق.
وكان الوجود الأمريكي في شمالي شرق سوريا قد ارتفع من 50 جنديا مع نهاية عام 2015 إلى نحو ألف جندي في مارس/آذار من العام الماضي.
وينتشر أغلب الجنود الأمريكان في المنطقة الممتدة من "المبروكة" شمال غربي الحسكة إلى التايهة جنوب شرقي منبج.
وكانت عدة مراكز أبحاث قد أشارت إلى أن واشنطن نشرت ما يقرب من 400 جندي في محيط منبج، بهدف منع تقدم قوات درع الفرات الحليفة لأنقرة من المدينة التي تسيطر عليها قوات سوريا الديمقراطية.
وحذر مصدران بالجيش الأمريكي، في تصريحات لـ"سي إن إن"، من أن القوات الأمريكية قد تكون معرضة للخطر، إذا هددت تركيا أيضا بمهاجمة مدينة منبج، حيث تقوم القوات الأمريكية بدوريات مراقبة في هذه المنطقة.
وأضاف المسؤولان أن مهمة القوات الأمريكية هي منع الاشتباكات (في منبج)، ولكنها رغم ذلك تتعرض بشكل متكرر لإطلاق نار من مقاتلين سوريين مدعومين من تركيا، حسب الشبكة الإخبارية الأمريكية.
ورغم المقاربة الأمريكية الحذرة في التعامل مع التحرك التركي في عفرين تظل العملية في مناطق لا تعتبرها الولايات المتحدة خطا أحمر، على خلاف مدن الحسكة التي تعتمد عليها الجيش الأمريكي في تدريب مقاتلين عرب وأكراد لإرسالهم للقتال على جبهة دير الزور.
وجاء التحرك التركي بعد أن أعلن البنتاجون في وقت سابق الشهر الجاري تدريب قوات كردية لحماية الحدود الشمالية في سوريا.
وردا على الخطوة الأمريكية قال أردوغان، في تصريحات أثناء افتتاح إحدى المنشآت الصناعية في أنقرة، منتصف الشهر الجاري إن "الجيش الإرهابي الذي تشكله حليفتنا (أمريكا) يستهدف تركيا"، وأضاف أن بلاده ستتخذ "الخطوات اللازمة للقضاء على الجيش الإرهابي الذي تسلحه أمريكا بـ4900 شاحنة مدججة بالسلاح، والذي أسس على حدود تركيا".
ويخشى مسؤولون في البنتاجون من خطر تفجر الأوضاع في سوريا مجددا، قائلين إن النظام السوري هدد بالرد على التدخل التركي المحتمل، وهو ما اعتبروه أمرا ممكنا في ظل استعادة قوات الدفاع الجوي السورية قوتها الكاملة، محذرين من أنه في حال حدوث ذلك فإنه قد يؤدي إلى صراع أكبر بين النظام السوري وتركيا.
ورغم التلويح التركي باستمرار العملية العسكرية حتى الحدود العراقية يرى المراقبون أن الولايات المتحدة وحتى النظام السوري ومن خلفه روسيا لن يسمحا بتقدم من هذا القبيل، معتبرين أن أنقرة تعمل في الوقت الراهن على عزل الحسكة عن حلب، وتضييق المساحة المحتملة لإقليم كردي يتمتع بالحكم الذاتي.