المزارعون الأتراك يحصدون البؤس في عهد أردوغان.. الانتحار أو الديون
ارتفاع تكاليف الزراعة دفعت المزارعين إلى العزوف عن الاشتغال بالقطاع الزراعي
يمر المزارعون الأتراك بأسوأ فترة في تاريخهم بفعل ما ألحقته سياسات الرئيس رجب أردوغان التي دمرت أهم القطاعات الاقتصادية التركية بعد رفع أسعار مدخلات عمليات الزراعة وعلى رأسها سعر الوقود.
وأشار موقع "أوضه تي في" الإخباري إلى أن المزارعين يضطرون لترك المحاصيل بالحقول لعدم وجود من يشتريها.
وأوضح أن ارتفاع تكاليف الزراعة دفعت المزارعين إلى العزوف عن الاشتغال بالقطاع الزراعي، مضيفًا "فلتر الديزل وصل سعره إلى 6.20 ليرة، أي أن شراء لتر واحد يتطلب بيع 20 كجم من الطماطم".
- خطايا أردوغان.. تدمير أهم قطاع إنتاجي في تركيا
- الغاز والذهب.. أطماع أردوغان في ثروات ليبيا باتفاقيات غير شرعية
ونقلًا عن تصريحات لأحد المهندسين الزراعيين بولاية مانيسا، غربي البلاد، ذكر الموقع أن أحد المزارعين أقدم على الانتحار خلال الأيام الماضية، بسبب تراكم الديون عليه.
من جهته شدد المهندس حسين زيغير، على أن الأوضاع الزراعية في تركيا في غاية السوء، وما تصريحات المسؤولين التي يقولون فيها عكس ذلك إلا استخفاف بالعقول والمواطنين".
وأشار إلى أن القروض، والسياسات غير المستقرة، وغير المخطط لها والتي تشجع على الاستيراد من الخارج، حولت القطاع الزراعي إلى أشبه ما يكون بالخراب والدمار.
وردًا على سؤال حول ما يدفع المزارعين إلى الانتحار قال المهندس المذكور: "سوء الأحوال المعيشية بالنسبة للمزارعين بسبب ترك الدولة لهم، وعدم دعمهم، دفع بعضهم للانتحار، والبعض الآخر اضطر لبيع حقله لإنقاذ نفسه من دوامة الديون".
وتابع قائلا "الانتحار هو الجزء الظاهر من تداعيات تلك الأزمة، فهناك أيضًا من يموتون كمدًا إما بأزمة قلبية أو أي عرض آخر بسبب الديون وتفكير رب الأسرة في مستقبل عائلته".
أضاف: "أما مثلا صاحب محل لبيع المبيدات الزراعية، ولدي عملاء أوضاعهم المالية في غاية السوء، إذ يضمنون بعضهم البعض لشراء المبيدات والمنتجات الزراعية، ناهيكم عن ديونهم الكبيرة لصالح البنوك التي إن عجزوا عن سدادها يتم الحجز على ممتلكاتهم، وهذا يحدث كثيرًا".
وتابع: "كل هذه الأسباب، وما شابهها دفع مهندس زراعي زميل لي إلى الانتحار لعجزه عن دفع الديون المستحقة عليه، وهذا سيكون مصير غيره ممن تراكمت عليهم الديون ولا يجدون حلًا في ظل تجاهل الدولة لهم".
سياسات العدالة والتنمية والديون
وقبل أيام كشف تقرير للمعارضة التركية عن أن الرقعة الزراعية في البلاد تقلصت بشكل كبير في عهد حزب العدالة والتنمية، بزعامة الرئيس أردوغان، وأن السياسات التي يتبعها الحزب أسقطت المزارعين في مستنقع الديون.
جاء ذلك بحسب تقرير حول أوضاع الزراعة في البلاد، صدر عن حزب "الشعب الجمهوري"، أكبر أحزاب المعارضة في البلاد، سلط من خلاله الضوء على تردي تلك الأوضاع.
التقرير أعده أورخان صاري بال، نائب الشعب الجمهوري عن ولاية بورصه، تحت عنوان "وضع الزراعة في تركيا"، وسلط الضوء على التراجع في قطاع الزراعة خلال حكم العدالة والتنمية، فضلا عن أزمات المزارعين.
استهل كمال قليجدار أوغلو، زعيم الحزب التقرير، قائلا: إن سياسات الاحتكار الدولية النيوليبرالية التي اتبعها حزب العدالة والتنمية ونظام القصر جعلت بلادنا مستورداً فقط في قطاع الزراعة".
وأشار قليجدار أوغلو في مقدمته إلى أن قطاع الزراعة في تركيا ينزف دمًا كل يوم، وفقد قيمته، في حين أن هذا القطاع لا زال قطاعًا استراتيجيا له أهمية حيوية في البلدان المتقدمة.
أضاف: "لقد بات من الصعب في تركيا الوصول إلى غذاء كافٍ ومتوازن، بعد أن اعتمد النظام الحاكم بشكل كامل على الاستيراد من الخارج في الزراعي".
الأثرياء الأجانب
ذكر التقرير أن "تركيا فقدت مساحات زراعية تقدر بأكثر من 3 أضعاف منطقة تراقيا (الواقعة بين بلغاريا واليونان وتركيا)، وأفقر نظام أردوغان المزارع المحلي، وأسقطه في مستنقع الديون، ومن خلال الاستيراد من الخارج تسبب في ثراء المزارع الأجنبي".
ولفت التقرير إلى أنه "عند قدوم حزب العدالة والتنمية للسلطة نهاية العام 2002، كانت الرقعة الزراعية في البلاد تقدر بـ41 مليون و196 ألف هكتار، غير أن هذه المساحة تقلصت بمقدار 3 ملايين و484 ألف هكتار؛ لتتراجع إلى 37 مليون و712 ألف هكتار".
وزاد التقرير موضحًا أن "هذه المساحة التي تقلصت تزيد عن ثلاثة أضعاف منطقة تراقيا".
يأتي كل ذلك في وقت يعاني فيه قطاع الزراعة بتركيا من انهيار شامل، بسبب سياسات نظام أردوغان القائمة على الاستيراد وإهمال ذلك القطاع الحيوي، إذ أصبحت تركيا مستوردا لمعظم استهلاكها من البطاطس والقمح والبصل، ما أدى إلى زيادات باهظة في أسعار الخضراوات والفاكهة فضلا عن قلة المعروض منها.
السياسة ذاتها أدت إلى تقليص المساحات الخضراء، بسبب مشروعات عقارية ودعائية فاشلة، دمرت مساحات تعادل مساحة هولندا أو بلجيكا.
وفي عهد "العدالة والتنمية" تراجعت حصة الصادرات الزراعية من الدخل القومي، من 10.27% إلى 5.76%، وخسر القطاع 167 مليار ليرة، خلال الـ16 عاما، بحسب تقارير إعلامية.
ومثلت حصة الزراعة من الناتج المحلي نحو 359.3 مليار ليرة عام 2002 -عام وصول حزب العدالة والتنمية للسلطة- بما يعادل نحو 10.27%، ثم تراجعت العام الماضي، لتصل إلى 5.76%، بما يعادل 213.3 مليار.