النظام القطري يعلم جيداً أن أردوغان من مصلحته إطالة أمد المقاطعة على قطر
هناك متغيرات ملموسة وقعت مؤخراً تعطينا مؤشراً أن العلاقات التركية القطرية ليست على ما يُرام، إذ ظهرت بوادر تشير إلى أن خلافا بينهما يكاد أن يصبح ظاهراً للسطح وهذا الأمر أكّدته زيارة أردوغان الأخيرة إلى قطر. ولقد جرت العادة عندما يقوم الرئيس التركي أردوغان بزيارة الدوحة ويكون في أول مستقبليه بالمطار تميم، لكن هذا الأمر لم يحدث في آخر زيارة قام بها أردوغان إلى الدوحة والتي استمرت ساعات فقط.
ويُفهم من ذلك أن تلك الزيارة ربما قد تكون لرأب الصدع الذي تعيشه العلاقات التركية القطرية، إذ كانت قطر تقوم بحراك كبير وغير مسبوق قبل الزيارة من أجل طلب وساطات عدة دول، من أجل فك المقاطعة الاقتصادية من قبل الدول الأربع ولكنها فشلت. وأيضاً التغريدات التي يُطلقها حمد بن جاسم عبر موقع التواصل الاجتماعي "تويتر" يُفهم منها رغبة بلاده البحث عن موافقة ضمنية على شروط الدول الأربع.
إن النظام القطري يعلم جيداً أن أردوغان من مصلحته إطالة أمد المقاطعة على قطر، كي يضمن بالوقت نفسه الحصول على المليارات من الدولارات والدعم الدائم خاصة ما يعيشه الاقتصاد التركي من أزمة اقتصادية وعجز تجاري وصناعي وانهيار العملة التركية "الليرة"، ولكن النظام القطري لن يستمر طويلاً في دعم اقتصاد التركي.
وكأن أردوغان يهدف من زيارته إعطاء الطمأنينة للنظام القطري، وبنفس الوقت يحاول تخريب نية النظام القطري في الموافقة على شروط الدول الأربع.
إذ تقلصت بشكل كبير أهم موارد النظام القطري خاصة مع هبوط أسعار الغاز إلى أدنى مستوياتها وانعدام هامش الربحية، مما زاد الضغوط على قطر اقتصادياً، ومع مرور الوقت إن استمرت في نفس سياستها بدعم الاقتصاد التركي سوف تنفذ كافة احتياطياتها. لذلك أتوقع أن النظام القطري سوف يرفض مستقبلاً تقديم دعم جديد للاقتصاد التركي الذي تنتظره أوقات صعبة وكل دعم قطري لهذا الاقتصاد سوف يذهب مع الريح، والسبب هو حجم الأزمة المالية التركية التي لن تستطيع قطر بمفردها تحمل فاتورتها، من هنا وجدنا أن النظام القطري بات يُدرك الآن أكثر من أي وقت مضى أن استمراره في دعم الاقتصاد التركي سوف يتسبب بانهيار للاقتصاد القطري؛ خاصة مع هبوط أسعار الغاز إلى أدنى مستوياتها لأكثر من نصف عام.
لقد استدرك أردوغان الأمر وتأكد أن قطر قد توافق على شروط الدول الأربع، ووقتها يصبح التواجد العسكري التركي لا قيمة له، وحينئذ يعلم أردوغان أن الدجاجة التي كانت تبيض ذهباً ذهبت دون عودة، حينها قام أردوغان بزيارة مفاجئة استمرت لساعات تعطينا يقيناً أن العلاقات التركية القطرية ليست على ما يُرام.
وكأن أردوغان يهدف من زيارته إعطاء الطمأنينة للنظام القطري، وبنفس الوقت يحاول تخريب نية النظام القطري في الموافقة على شروط الدول الأربع. ومن واقع سلوك أردوغان مع أصدقاء أو حلفاء سابقين، نكتشف أن هذا الرجل متقلب وليس له صديق أو حليف، وكل ما نراه من تواجد عسكري تركي في قطر يهدف بالأول والأخير لامتصاص ثروات قطر، والاستفادة قدر الإمكان من تحويل قطر لداعم دائم لاقتصاده، نفس الوضع مع حكومة السراج في ليبيا، حقق أردوغان المليارات من الدولارات جراء إرسال آلاف المرتزقة، وهذه هي سياسة أردوغان قديماً وحديثاً، رجل يقتات على الأزمات، وفي سبيل ذلك لا يهم حتى لو تحالف مع أشد أعدائه.
لذلك أستطيع القول الآن أن هناك خلافا تركيا قطريا موجودا، ويقترب من الظهور على السطح، وربما نشاهد ذلك بوضوح مستقبلاً، لن يستمر بنك قطر بتقديم المليارات من الدولارات إلى ما لا نهاية لأردوغان، والذي وجد من النظام القطري ضالته وأصبح يستغلهم استغلالا كبيرا، وهذا الخلاف إن أصبح ظاهراً سوف يترتب عليه أمور كثيرة أهمها: ستستجيب قطر لشروط دول المقاطعة، وطلب النظام القطري من أردوغان وقتها سحب التواجد العسكري التركي في بلادهم.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة