الحزام التركماني.. "أبارتايد" أردوغاني بحق أكراد سوريا
أردوغان اعتمد سياسة عنصرية بحق الأكراد لدفعهم إلى مغادرة مناطقهم وسهل هجرتهم إلى أوروبا لإحداث أوسع تغيير ديمغرافي في شمال سوريا
باع فصيل "نور الدين الزنكي" الموالي لأنقرة في شمال سوريا أحياء في مدينة عفين مقابل 25 ألف دولار لـ"أحرار الشرقية" الفصيل المسؤول عن اغتيال ناشطة كردية بارزة، بحسب منظمة حقوقية محلية في المدينة التي ترزح تحت الاحتلال التركي منذ أوائل 2018.
والصفقة تعد جانبا من خطة تركية أوسع لبناء حزام تركماني جنوب البلاد على الحدود مع سوريا ضمن سياسة الأبارتايد (سياسة عنصرية تهدف لتكريس تفوق أقلية ذات أصل معين على أخرى ذات أغلبية وصك المصطلح لوصف ممارسة البيض ضد الغالبية السمراء في جنوب أفريقيا) التي يعتمدها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بحق الأكراد، بحسب نشطاء في عفرين.
وحذرت منظمة عفرين لحقوق الإنسان التي تنشط في مناطق الشهباء بريف مدينة حلب شمال غربي سوريا من تهجير من بقي من الأكراد في مدينة عفرين وريفها.
وقالت المنظمة في بيان نشرته على صفحتها الخاصة على "فيسبوك" إن بقايا فصيل نور الدين الزنكي التابع للجيش السوري المعارض الموالي لأنقرة باعوا أحياء بلدة جنديرس جنوبي غربي مدينة عفرين لفصيل أحرار الشرقية بمبلغ 56 مليون ليرة سورية ما يعادل 25 ألف دولار.
وأوضحت المنظمة أن فصيل أحرار الشرقية المتهم قائده "حاتم أبو شقرا " بقتل المسؤولة الكردية "هفرين خلف" خلال العملية التركية "نبع السلام" التي أطلقتها أنقرة ضد المقاتلين الأكراد في أكتوبر/تشرين الثاني الماضي قد أنذر أهالي الحي بإخلاء منازلهم تمهيداً لبيعها لمستوطني غوطة دمشق وحمص وإدلب بعد طرد سكانها الأصليين منها وإجبارهم على الرحيل.
وعلى مدار عامين وثق المرصد السوري لحقوق الإنسان عمليات التضييق على أكراد الشمال السوري التي مارسها الجيش التركي وفصائل موالية له بحق الأكراد لدفعهم إلى مغادرة مناطقهم تمهيدا لتغيير ديمغرافي واسع في المنطقة.
تطهير عرقي:
وقال الناشط والصحفي الكردي نورهات حسن المتحدر من ريف مدينة عفرين لـ"العين الإخبارية " إن الحكومة التركية تنفذ تطهيراً عرقياً، وتسهل عمليات التغيير الديموغرافي في عفرين عبر إخراج من بقي فيها من السكان الكرد بالقوة من منازلهم، وعدم السماح بعودتهم لديارهم
وأوضح أنه "قبل حوالي أسبوع اعتقل حرس الحدود التركي الذي يسمى بالجندرما التركية مجموعة شباب من الكرد والعرب كانوا في طريقهم لتركيا، فسمحت بمرور الشباب الكرد بينما أعادت بقية المجموعة إلى عفرين.
وتعمل تركيا على تسهيل هجرة الأكراد باتجاه أوروبا لتفريغ شمال سوريا منهم.
وكان الأكراد في شمال العراق رأس حربة للتحالف الدولي ضد داعش لمحاربة التنظيم على الأرض، وحصلت قوات سوريا الديمقراطية ذات الغالبية الكردية على تسليح من التحالف ما أثار مخاوف أنقرة بشأن أن تلهم مناطق الحكم الذاتي في الشمال السوري نظرائهم جنوب تركيا.
الناشط والصحفي الكردي نورهات حسن أشار أيضا إلى الممارسات التركية بحق الأكراد قائلا إن آلاف حالات الضغط سجلت ما أجبر العائلات على ترك مناطقهم خوفاً من الاستهداف بعد أن نصبت الفصائل السورية مئات حواجز التفتيش وضيقت الخناق على المارين من العوائل والشباب في عفرين.
ومن جانبه، أكد إبراهيم شيخو مدير منظمة حقوق عفرين لـ"العين الإخبارية " أن عمليات خطف المدنيين في عفرين وريفها لم تتوقف منذ احتلالها من قبل الحكومة التركية والمجموعات السورية المسلحة في مارس 2018 بتهم وحجج واهية تركزت غالبيها في اتهامهم بالتعامل مع الإدارة الذاتية السابقة سواء أكانوا أطفالا أو نساء أو كهولا.
ولفت إلى أن الفصائل الموالية لتركيا أجبرت الأكراد على دفع مبالغ مالية كبيرة وتهجيرهم قسرياً بترهيبهم وخطفهم مرات عديدة وتصوير مقاطع فيديو لتعذيبهم وإرسالها لذويهم لإجبارهم على ترك منازلهم وممتلكاتهم والهروب وليحل محلهم مستوطنو وعوائل مسلحي التشكيلات السورية المسلحة المعارضة المصنفة معظم فصائله على اللوائح السوداء للإرهاب الدولي.
خطف واعتقال في تركيا:
وأضاف شيخو أن "الشرطة العسكرية التابعة للمعارضة السورية المسلحة خطفت 5 مسنين كرد ينحدرون من قرية بريمجة التابعة لناحية معبطلي في ريف عفرين قبل أيام بتهمة التعامل مع الإدارة الذاتية في شمال وشرق سوريا وأفرجت عنهم بعد ابتزاز ذويهم ماديا وطلبت فدية عن كل مسن بمبلغ 800 ليرة تركية، كما اعتقلت قبل شهرين عددا من كبار السن أيضا ونقلتهم الى تركيا التي حاكمتهم بتهمة محاربتهم للدولة التركية خلال فترة شبابهم".
الطريق إلى أوروبا:
وقال نورهات حسن إن "الحكومة التركية تفتح حدودها لانتقال الأكراد للعيش في تركيا مقابل منعهم من التوجه إلى شرق الفرات أو تل رفعت شمال شرق مدينة حلب لتدفعهم للرحيل بعد ذلك من تركيا الى أوروبا.
حزام تركماني:
كما أكد إنشاء الاحتلال التركي حزاماً تركمانياً بالقرب من حدوده في عفرين بعد توطين أكثر من 50 عائلة تركمانية في قرية قسطل جندو وعائلات أخرى في قرية كوتانا القريبتين من الحدود السورية التركية.
وقال: طردت تركيا والتشكيلات السورية المعارضة الموالية لها 350 ألف كردي من مدينة عفرين بعد احتلالها أوائل 2018 وجلبت ما يقابل عددهم من مستوطني دمشق ودرعا وحمص.
إعادة تسجيل العقارات:
ونقل عارف دليل مدرس التاريخ الذي فر من معبطلي قبل 6 أشهر واستولى فصيل "أحرار الشرقية" على منزله بعد خطفه مرتين، لـ"العين الإخبارية "صور الواقع الذي تعيشه منطقته من ترحيل اللاجئين السوريين من تركيا وإعادة توطينهم في عفرين إضافة لعشرات الآلاف من المهجرين الجدد الذين سكنوا في منازل والمزارع المملوكة للمواطنين الكرد.
وقال: "أعيد تسجيل العقارات في عفرين لحرمان المهجرين الكرد من ملكية أراضيهم وتحصى العقارات والأملاك وعدد القاطنين في أرياف المدينة والأعراق التي ينتمون لها من قبل لجان تابعة للمجالس المحلية في عفرين وتستقدم الفصائل المعارضة عوائلها وتستولي على الأراضي والعقارات العائدة للمواطنين الكرد، وترهبهم لترك مناطقهم"،
وشدد على أن التشكيلات السورية الموالية لتركيا ترتكب جرائم التغيير الديموغرافي والإقصاء والتهجير على أسس طائفية.
بناء مستوطنات:
ومن جانبه أوضح إبراهيم شيخو مسؤول منظمة حقوق الإنسان في عفرين عن إنشاء الدولة التركية مخيمات تشبه المستوطنات بمحيط قرية ترندة التابعة لمركز مدينة عفرين وصولا إلى ناحية شيراوا خصصت لتوطين عوائل المسلحين والمستوطنين فيها.
ونوه شيخو إلى توسيع الاحتلال التركي مخططه وتجهيزه مخيما آخر خلف قرية بافليون ذي الغالبية الأيزيدية التابعة لناحية شرا في منطقة عفرين.
وأضاف "أنشئ مخيم ضخم آخر لتوطين الذين تم استقدامهم مؤخراً من ريف إدلب في الساحة التي كانت تقام فيها احتفالية أعياد نوروز السنوية (عيد رأس السنة الكردية) في قرية افراز ناحية موباتا، وهذه المخيمات تشبه لحد ما المستوطنات، وهي تدخل ضمن سياسة تثبيت وتوطيد وجود المستوطنين العرب والتركمان وعوائل المسلحين الذين ينحدرون من كل المدن السورية وضمان عدم مغادرتهم واستكمال تغيير ديموغرافية المنطقة برمتها ".
وتابع إبراهيم شيخو: "الدولة التركية سمحت للمستوطنين بالاستيلاء على الأراضي التي كانت تسمى سابقاً بأملاك الدولة والإصلاح الزراعي، وأباحت لهم قطع الأشجار والغابات الحراجية في قرية عشق قيبار وذلك لإنشاء بيوت سكنية لهم فيها إلى جانب بناء قاعدة عسكرية تركية في محيط القرية".