عامان من التدخل الروسي في سوريا.. كيف أصبحت الأزمة؟
عامان من التدخل الروسي في سوريا استطاعت خلالهما موسكو تغيير الخريطة السورية السياسية والميدانية لصالحها وحليفها القابع في دمشق
عامان من التدخل الروسي في سوريا استطاعت خلالهما موسكو تغيير الخريطة السورية السياسية والميدانية لصالحها وحليفها القابع في دمشق.
فبالنظر للوضع الميداني والسياسي التفاوضي في مسيرة الأزمة المستعرة منذ أكثر من 6 سنوات، يري مراقبون أن موسكو تمكنت من تغيير موازين القوي بما يخدم أهدافها ويرسخ بقاء الرئيس السوري ولو في الوقت الراهن.
فمنذ دخولها على خط الأزمة السورية مباشرة في 30 سبتمبر/أيلول 2015، حتى ذات التاريخ من عام 2017، استطاع الأسد مضاعفة سيطرته على الأراضي.
وبات النظام يسيطر على 48% من مساحة سوريا، بعد أن كان يسيطر فقط على 22% في الأشهر الأخيرة من عام 2015، بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان.
حسم معارك هامة
بدوره، قال قائد مقر القوات الروسية في سوريا ألكسندر لابين، في 12 سبتمبر/أيلول الماضي، إن قوات النظام السوري تمكنت من تطهير 85% من مساحة البلاد من المتشددين.
وأضاف لابين أن تنظيم داعش الإرهابي مازال يسيطر على نحو 27 ألف كيلو متر مربع، أي بما يعادل 15% من مساحة الأراضي السورية.
وتقول موسكو إنه بفضل غاراتها الجوية ووجودها العسكري، تمكن الأسد من حسم معارك هامة مثل استعادة تدمر وحلب ومعركة دير الزور حاليا.
ففي مارس/آذار 2016، شن الطيران الروسي ضربات جوية ضد مسلحي "داعش" على مشارف تدمر، الأمر الذي مكن القوات السورية من تحرير المدينة في 27 آذار / مارس.
وعندما استولي عليها داعش مرة اخري في ديسمبر / كانون الأول 2016، استعادت القوات السورية بمساعدة القوات الجوية الروسية تدمر مرة أخري في 2 مارس/اّذار 2017.
معركة حلب بدورها، ساهمت القوات الروسية بحسمها لصالح الأسد، ما غير الميزان العسكري والتفاوضي بشكل ملحوظ لصالحهما؛ حيث تمكن النظام السوري وحلفاؤه من طرد المعارضة السورية من الجزء الشرقي لحلب إلى إدلب.
وفي 5 سبتمبر/أيلول الماضي، تمكنت القوات السورية، مدعومة من سلاح الطيران الروسي، من اختراق حصار دير الزور.
الضحايا
وعن القتلى، أكد المرصد السوري في تقرير له، نشره أمس الأحد، أنه خلال الفترة المذكورة، سقط 13854 قتيلاً من المدنيين ومقاتلي الفصائل وأعضاء تنظيم داعش الإرهابي.
ومن بين هؤلاء القتلى، يوجد 1399 طفلاً دون سن الـ18، و825 امرأة فوق سن الـ18، و3479 رجلا وفتىً، و4258 عنصراً تابعاً لتنظيم داعش.
وأكد المرصد سقوط 3893 قتيلا من "الفصائل المقاتلة"، وتضم "جبهة فتح الشام"، والحزب الإسلامي التركستاني، ومقاتلين من جنسيات عربية وأجنبية.
مصالح روسية
وذكر تقرير لوكالة "سبوتنيك" الروسية، نشرته بمناسبة مرور عامين على التدخل العسكري الروسي، أن روسيا اختبرت حوالي 162 نموذجاً من "الأسلحة الحديثة والمتطورة في سوريا.
تنوعت تلك الأسلحة، بحسب "سبوتنيك" ما بين الطيران وبين أنظمة الدفاع الجوي والصواريخ المجنحة والمعدات البرية.
وشارك في القتال قاذفات القنابل سو-24 أم، والطائرة سو -25إس أم، و"سو- 27 أم 3"، بالإضافة إلى " سو-34" و"سو-300إس أم"، ومروحيات مي-8 ومي-24 ومي-28، فضلا عن أنظمة الدفاع الجوي إس-300 وإس-400 "تريومف" و"بانتسير-إس1" و"بوك-أم2"، وصواريخ "كاليبر" المجنحة.
ونقلت "سبوتنيك" عن موقع"Jane's Defence "، اليوم، أنه تم نشر مجموعة جديدة من منظومة الدفاع الجوي الروسية "أس-400" في محافظة حماة.
وخلال العامين الماضيين، قام الطيران الروسي بـ 30650 طلعة جوية في أنحاء متفرقة من الأراضي السورية، منها 5165 طلعة في عام 2015 و13848 طلعة في عام 2016، نفذ خلالها 92006 غارات على مواقع الإرهابيين، منها 13470 غارة في العام 2015 و50545 غارة في العام 2016 تمكن خلالها من تدمير 96828 هدفا وموقعا للإرهابيين.
وحول الأهداف التي تعاملت معها تلك الطلعات، أكدت الشبكة السورية لحقوق الإنسان، أن القوات الروسية نفذت مئات الهجمات غير المبررة، والتي أوقعت خسائر بشرية ومادية فادحة، تركّزت في معظمها على مناطق تخضع لسيطرة فصائل في المعارضة السورية المسلّحة بنسبة تقارب 85%.
كما أشارت بعض المنظمات الحقوقية إلى أن القصف الجوي الروسي، أصاب مقار خدمية للمواطنين، كالمستشفيات والمدارس، وسواها.
وبالإضافة لاستخدامها الأرض السورية كميدان تجارب لأسلحتها، استطاعت موسكو توقيع اتفاقيتين لإقامة قاعدتين على البحر المتوسط، إحداهما جوية في مطار حميميم، والثانية بحرية في طرطوس.
وتشير تقارير إعلامية إلى أن الاتفاقيتين تنصّان أيضا على بقاء القوات الروسية مدة نصف قرن قابلة للتمديد على الأراضي السورية.
المسار التفاوضي
بمبادرة من الجانب الروسي، تم الإعلان عن محادثات السلام في العاصمة الكازاخستانية أستانا، في 23 يناير/كانون الثاني 2017 لتسوية سلمية للنزاع السوري.
وعبر مفاوضات الأستانة، التي وصلت في عددها حتى الآن لست جولات، تم التوصل لاتفاق وقف إطلاق النار في سوريا رعته روسيا (ضامنة النظام) وتركيا (ضامنة المعارضة).
واستطاعت الجولة الرابعة من محادثات الأستانة التوصل لاتفاق حول ما يعرف بـ "مناطق خفض التوتر" برعاية روسيا وإيران وتركيا في مايو/آيار الماضي؛ حيث يشمل الاتفاق 4 مناطق لتخفيف التصعيد فيها وهي: إدلب والغوطة الشرقية وشمال حمص وجنوب سوريا.
كما كان الهدف الأساسي من "الأستانة 6" في سبتمبر/أيلول الماضي، تقريب وجهات النظر حول إدلب، بما يقضي بتنظيم رقابة مشتركة لوقف إطلاق النار فيها.
مراقبون فسروا تلك الخطوات الروسية التدريجية من وقف إطلاق النار إلى تنفيذ "خفض التوتر" في مناطق الاشتباك العنيف بين النظام والمعارضة، بأن موسكو استطاعت تصدير فكرة "إنهاء الحرب" للعالم، وأن عملياتها في سوريا ستتركز ضد داعش والجماعات المعارضة التي ستحارب النظام.