كان لدولة الإمارات موقفها الواضح قوميا والشريف إنسانيا منذ الأزمة السورية قبل سبعة أعوام إذ عبرت عن دعمها الحقيقي للشعب السوري.
واحدة من الأشياء الرائعة في خطوة دولة الإمارات لإعادة العلاقات الدبلوماسية مع سوريا وفتح سفارتها في دمشق، يوم الخميس الماضي، أنها بقدر ما "عرت" مطامع نظامي إيران وتركيا الذين أربكهم القرار وصدم تيار "الإخوان المسلمين" الذين شن إعلامهم هجوماً ونقداً على الإمارات، بقدر ما أنها فتحت الباب لعودة "الدولة السورية" بقوة إلى أحضان الضمير العربي.
سيتضامن باقي العرب مع الموقف الإماراتي لأنه "يمثل" رغبة الشعوب العربية وحكوماتها وقد بدأ ذلك الموقف يحدث دوياً إيجابياً دولياً؛ لأن الكل لم يعد هناك من يصدق ما يشاع بأن الهدف الحقيقي هو دعم الشعب السوري بقدر ما أنه صراع دولي وإقليمي على تقاسم النفوذ وتقسيم الدولة السورية، وهذا ما ترفضه دولة الإمارات
كان لدولة الإمارات موقفها الواضح قومياً والشريف إنسانياً منذ الأزمة السورية قبل سبعة أعوام؛ إذ عبرت عن دعمها الحقيقي للشعب السوري في العيش بكرامة وأسهمت بطريقتها الرائعة في تقديم كل ما يحقق له كرامته ومطالبه سواء من خلال دعمه في القرارات الدولية أو من خلال استضافته -الشعب السوري- في دولة الإمارات أو إنشاء مخيم المريجيب على الحدود الأردنية السورية واليوم دولة الإمارات تعبر عن غضب الشعب السوري العربي بأكمله من محاولة البعض استغلال معاناتهم في تدمير الدولة السورية، الأمر الذي يستدعي إيقافه.
اتسعت الأطماع الدولية والإقليمية في سوريا حتى بدأ وكأننا أمام أزمة جديدة للشعب الفلسطيني، وبات الجميع شاهداً على ما يحصل، وكأن الشعب السوري لم يعد مهماً لكن دون أن يسجل أحد موقفا سياسيا شجاعا من مسألة التدخل العسكري الإيراني والتركي، إلى أن جاء الموقف الإماراتي الذي بدأ معاكساً تماماً لكل التوقعات، ولكنه كان رائعاً للشعب السوري والعربي أيضاً؛ لذا فإن التوقعات بأن يخطو العرب الآخرون على منهج الإمارات التي أصبحت أكثر التصاقاً بالشعوب العربية ومحنهم.
لن يكون لهذه الخطوة الإماراتية من تفسير لدى المراقبين الموضوعين سوى الإحساس بالمسؤولية الوطنية للدولة العربية في حين الآخرين وعلى رأسهم نظام قطر وإيران وتركيا يمارسون فن التخريب والتدمير من خلال الدعم المالي والإعلامي للدولة العربية.
إن التأييد الكبير لدولة الإمارات من الدول والرأي العام العربي شهادة جديدة تثبت صحة رؤية القيادة الإماراتية في التعبير عن ضمير الشعب العربي ورغبتها في الحفاظ على الاستقرار باعتبارها أساس لكل عملية تنموية، خاصة وأن موقفها جاء مع إعلان مصر عن إنجازات الرئيس عبدالفتاح السيسي التنموية، ولم يكن ذلك الغضب الإعلامي الإيراني والتركي والقطري ليخرج إلا أنهم أدركوا أن الإمارات "عرتهم" سياسياً وقالت كل ما يختلج الضمير العربي، لأن الوجود الإيراني عربيا مرتبط بالفوضى والدمار!!.
خلاصة الموضوع أن إيران وتركيا تحاولان استغلال الفراغ السياسي الموجود في سوريا للتمدد فيها، وكان الوجود الأمريكي سبباً في وضع حد لأطماعهما، ولكن بإعلان الرئيس دونالد ترامب الانسحاب من سوريا تذكرت الإمارات ما حدث في العراق عندما تم الانسحاب الأمريكي والابتعاد العربي عنه، ولم تتردد بالتالي في تجاهل كل الخلافات مع النظام لإنقاذ الدولة السورية والحفاظ على شعبها، وبتصرفها هذا فإن الإمارات قلبت الطاولة على أعداء العرب وفضحت نواياهم ومخططاتهم بل وأحرجت المجتمع الدولي بأكمله الذي لم يقف مع الشعب السوري إلا بالتصريحات أو بلغة المصالح.
من هنا نستطيع القول إن الموضوع ليس سهلاً على إيران وتركيا وقطر، وقد بدأت تداعياته السياسية حيث أسرع النظام الإيراني في توقيع اتفاقيات اقتصادية مع الحكومة السورية، كما أن تركيا دخلت إلى منبج وقطر أطلقت "أبواقها" الإعلامية، وللأسف أن لهؤلاء حلفاءهم في سوريا، حيث يحتفظون إما بمليشيات أو ببعض معارضي النظام السوري، غير أن الرهان دائما على "الشعوب المنتمية لوطنها" وعلى الدول العربية التي تدرك أهمية عودة سوريا للصف العربي باعتبارها أحد الأعمدة السياسية العربية بجانب مصر والعراق والسعودية.
ينبغي ألا يتفاجأ الذين يدركون مدى استشعار القيادة السياسية الإماراتية بدورها "العروبي" ومسؤوليتها في الحفاظ على كيان الدولة الوطنية العربية منذ بدء ما كان يعرف إعلامياً بـ"الربيع العربي" وقبلها في العراق عام 2003 عندما عرضت استقبال صدام حسين درءً لدماء العراقيين، كما ينبغي أن نتفهم "غضب" إيران وتركيا ومعهما النظام القطري من تلك الخطوة؛ لأن دولة الإمارات تمارس منذ فترة سياسية "التقفيل" ضد تمددهم وضد طموحات "الإخوان المسلمين" بدءاً من مصر ومروراً بتونس واليمن وحتى في القرن الأفريقي.
سيتضامن باقي العرب مع الموقف الإماراتي لأنه "يمثل" رغبة الشعوب العربية وحكوماتها، وقد بدأ ذلك الموقف يحدث دوياً إيجابياً دولياً؛ لأن الكل لم يعد يصدق ما يشاع بأن الهدف الحقيقي هو دعم الشعب السوري بقدر ما أنه صراع دولي وإقليمي على تقاسم النفوذ وتقسيم الدولة السورية، وهذا ما ترفضه دولة الإمارات.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة