نجحت دولة الإمارات في جمع رئيسي أرمينيا وأذربيجان على أرضها، في لقاءٍ مباشر لبحث السلام بعد عقودٍ من النزاع الدموي حول إقليم ناغورني قره باغ.
هذا الإنجاز الإماراتي يعكس قدرتها على لعب دور الوسيط النزيه في واحدةٍ من أعقد الأزمات الإقليمية.
يعود أصل الصراع إلى الحقبة السوفياتية، حيث كان الإقليم ضمن أذربيجان لكن بأغلبية أرمينية. بعد انهيار الاتحاد السوفياتي، اندلعت حرب (1992–1994) انتهت بسيطرة الأرمن على الإقليم وأراضٍ أذرية واسعة، وتشريد مئات الآلاف. في عام 2020، استعادت أذربيجان معظم هذه المناطق بدعمٍ تركي، وفي عام 2023، أنهت عملية عسكرية سريعة الكيان الانفصالي، ما أدى إلى نزوح معظم الأرمن منه.
تقليديًّا، لعبت روسيا دور الوسيط، لكنها أصبحت منشغلة بأوكرانيا، بينما يفتقر الغرب إلى علاقات متوازنة مع الطرفين. في هذا الفراغ الدبلوماسي، برزت الإمارات بفضل سياستها المتوازنة وعلاقاتها الجيدة مع باكو ويريفان.
الإمارات لا تملك أجندة خفية، وتتمتع بعلاقات اقتصادية واستثمارية مع الطرفين، ما جعلها مقبولة كوسيطٍ محايد. كما أن سجلها في الوساطات (اليمن، السودان) يعزّز صورتها كدولة مستقرة قادرة على توفير بيئة آمنة للحوار.
هذا اللقاء في الإمارات ليس مجرد صورة، بل رسالة بأن الحوار ممكنٌ حتى بين الأعداء، وأن الدبلوماسية الذكية تستطيع نزع فتيل الصراعات. إنه دليل على التزام الإمارات بمبدأ "صفر مشاكل"، وسعيها لبناء جسور السلام في منطقةٍ وعالمٍ يعجّان بالنزاعات.
بهذه الخطوة، تؤكد الإمارات دورها كجسرٍ للسلام، تقدّم نموذجًا دبلوماسيًّا قائمًا على الثقة والبراغماتية، وتثبت أن الوساطة الهادئة قد تكون أقوى من السلاح.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة