فوكوياما في قمة الحكومات.. نهاية التاريخ أم إعادة كتابته؟
مؤلف "نهاية التاريخ" يعتقد أن أكبر تهديد للنظم الديمقراطية في الغرب يأتي من الداخل وليس من الخارج.
لم يكتسب فرانسيس فوكوياما شهرته كفيلسوف مخضرم من كتابه "نهاية التاريخ والإنسان الأخير"، بل من تحليه بالنزاهة الأكاديمية التي جعلته يقر بقصور أطروحته القائلة إن العالم انتهى إلى ما انتهت إليه واشنطن وصويحباتها.
في كتابه الصادر عام 1992، ذهب الباحث الأمريكي إلى أن الرأسمالية والديمقراطية الليبرالية اللتين يحتكم إليهما الغرب نقطة النهاية للتطور السياسي والاجتماعي والثقافي للبشرية.
وكان قد طرح رؤيته لأول مرة في مجلة "ناشيونال إنترست" عام 1989، قبل أن يطورها إلى كتاب يعضده انهيار المعسكر الاشتراكي لصالح الولايات المتحدة وحلفائها الذين يقتسمون معها ذات القيم.
حينها، كان فوكوياما مؤمنا بأن ما يشهده العالم ليس مجرد نهاية للحرب البادرة أو حقبة تاريخية عادية، لكن نهاية التاريخ، ليس كتسلسل زمني، وإنما نهاية الصراع الأيديولوجي وبداية عولمة الديمقراطية الليبرالية، كشكل نهائي للحكومة الإنسانية.
واليوم، يجادل الأكاديمي الأمريكي بأن البشرية تسير باتجاه عالم متعدد الأقطاب، إلا أن مشكلة الولايات المتحدة عدم اعتيادها على هكذا تعدد.
فمن خلال محاضرة عنونها بـ"إعادة كتابة التاريخ: كيف تبني الدول هويتها"، ضمن فعاليات القمة العالمية للحكومات التي تستضيفها دبي، يشير فوكوياما إلى أن الصين ستصبح الأقوى بعد بضع سنوات، وعلى الجميع التكيف مع هذا الأمر.
فالبنوك الصينية، يضيف الأكاديمي الأمريكي، تشكّل ثلثي الاستثمارات العالمية، وبذلك فهي تعمل على تنحية الولايات المتحدة من المركز الأول، لكنها أمام اختبار في عالم البنية التحتية.
وردا على سؤال وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية الدكتور أنور قرقاش الذي تولى محاورة فوكوياما، خلال المحاضرة، قال إن الصين تريد جعل آسيا محورا لاقتصاد العالم الجديد وتجارته المتدفقة بين المحيطين الأطلسي والهادئ.
ومع السطوة الصينية المحتملة، يعتقد مؤلف "نهاية التاريخ" أن أكبر تهديد للنظم الديمقراطية في الغرب يأتي من الداخل وليس من الخارج، وفي المقدمة أزمات الهوية والهجرة والشعبوية واللامساواة الاجتماعية.
فالولايات المتحدة وأوربا مرتا بصعوبات اقتصادية، جعلت اقتصادهما لا يبدو متألقا كما كان في التسعينيات، في أعقاب نهاية الحرب الباردة، وفقا لفوكوياما.
واختتم الفيلسوف المخضرم حديثه بالقول: "إلا أن التحدي الذي تواجهه الحوكمة العالمية هو الاتفاقيات والقوانين الموجودة حاليا، والتي قد تكون قديمة لكن يصعب تغييرها أو تحديثها.. والحال كذلك، يجدر التفرس في عالم رأسمالي تسيطر عليه بكين بشعارات ماركسية".