الإمارات والصين.. «حقبة ذهبية» من الشراكة الاستراتيجية الشاملة
«حقبة ذهبية» تشهدها العلاقات الثنائية بين دولة الإمارات والصين في ظل مواصلة توسيع آفاق الشراكة الاستراتيجية الشاملة بينهما، بدعم وتوجيه القيادة الرشيدة في البلدين الصديقين.
وترتبط دولة الإمارات والصين بعلاقات صداقة وثيقة، تستند إلى روابط ثقافية واقتصادية وتاريخية، ومنذ إقامة العلاقات الدبلوماسية بينهما في عام 1984، بذل البلدان جهوداً حثيثة وملموسة في تعزيز شراكتهما، وهو ما تجلى في توقيع أكثر من 148 اتفاقية ثنائية ومذكرة تفاهم في شتى المجالات.
وتتميز علاقات البلدين بأنها تاريخية ومتجذرة، إذ تعد زيارة المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان إلى الصين في مايو/أيار 1990 الأولى من نوعها التي يقوم بها رئيس دولة خليجية إلى الصين، والتي جاءت بعد زيارة الرئيس الصيني الراحل يانغ شانغكون إلى دولة الإمارات في ديسمبر/كانون الأول 1989.
وأسهمت الزيارات الرسمية المتبادلة بين قادة البلدين، في ترسيخ العلاقات الثنائية بينهما ودفعها نحو مزيد من التطور، ومنها زيارة الرئيس الصيني شي جين بينغ إلى الإمارات في عام 2018، فيما أسست الزيارة التي قام بها الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات إلى جمهورية الصين الشعبية في يوليو/تموز 2019 لمرحلة فارقة وجديدة من الشراكة الاستراتيجية بين البلدين.
وبدأت العلاقات الدبلوماسية الثنائية بين البلدين في الأول من نوفمبر/تشرين الثاني 1984، وتم افتتاح سفارة الصين في أبوظبي خلال أبريل/نيسان 1985، فيما تم افتتاح سفارة الدولة في بكين يوم 19 مارس/آذار 1987، وفي دلالة على الأهمية القصوى التي توليها دولة الإمارات لتعزيز علاقتها بالصين تم افتتاح قنصليات متعددة للدولة في كل من هونغ كونغ في أبريل/نيسان 2000، وشنغهاي في يوليو/تموز 2009، وكوانغ جو في يونيو/حزيران 2016، وفي المقابل جرى افتتاح قنصلية الصين في دبي خلال نوفمبر/تشرين الثاني 1988.
وتولي كل من الإمارات والصين أهمية كبيرة لتقوية شراكتهما الاقتصادية وتعزيز الروابط التجارية والاستثمارية بينهما في المجالات كافة، إذ بلغ حجم التجارة الخارجية غير النفطية لدولة الإمارات مع الصين خلال العام الماضي 296 مليار درهم، أي ما يعادل “81 مليار دولار” بنسبة نمو 4.2% مقارنة بعام 2022، وبذلك حافظت الصين على موقع الشريك التجاري الأول لدولة الإمارات في تجارتها غير النفطية خلال عام 2023 إذ استحوذت على ما نسبته 12% من تلك التجارة.
وتتربع الصين على المركز الأول من حيث واردات دولة الإمارات بنسبة 18%، كما تحتل الصين المرتبة الــ 11 في صادرات دولة الإمارات غير النفطية بنسبة مساهمة 2.4% والمرتبة الـ 8 في إعادة التصدير بنسبة مساهمة 4%، وفي حال استثناء النفط الخام من تجارة الصين مع الدول العربية خلال 2023 تكون الإمارات الشريك التجاري العربي الأول بنسبة مساهمة 30%.
وبلغ إجمالي التدفقات الاستثمارية الإماراتية إلى الصين نحو 11.9 مليار دولار أمريكي بين عامي 2003 و2023 في حين بلغت التدفقات الاستثمارية الصينية إلى الإمارات 7.7 مليار دولار أمريكي خلال الفترة ذاتها.
وتشمل أهم قطاعات الاستثمارات الإماراتية في الصين، الاتصالات، والطاقة المتجددة، والنقل والتخزين، والفنادق والسياحة، والمطاط، فيما وصل عدد الشركات الإماراتية العاملة في السوق الصيني إلى أكثر من 55 شركة.
وتبرز السياحة كأحد أهم القطاعات الرئيسية في تعزيز العلاقات الاقتصادية المشتركة بين الإمارات والصين، حيث وصل إجمالي عدد السياح الصينيين أكثر من مليون زائر في العشرة أشهر الأولى من عام 2023، كما وصل عدد الصينيين المتواجدين في دولة الإمارات نحو 350 ألفا.
وتعد دولة الإمارات شريكاً استراتيجياً في مبادرة الحزام والطريق التي أطلقها الرئيس الصيني شي جين بينغ عام 2013، وقد أصبحت بفضل موقعها الاستراتيجي وقدراتها اللوجستية نقطة مهمة وحاسمة في إنجاح المبادرة.
وضخت الإمارات 10 مليارات دولار في صندوق استثمار صيني - إماراتي مشترك لدعم مشروعات المبادرة في شرق أفريقيا، ووقعت 13 مذكرة تفاهم مع الصين عام 2018، للاستثمار في مجالات متعددة داخل الإمارات.
وأظهرت بيانات النصف الأول من العام 2023 ، أن قيمة تجارة الإمارات غير النفطية مع الدول الواقعة ضمن المبادرة بلغت 305 مليارات دولار التي تساهم بنسبة 90 في المائة من تجارة الإمارات غير النفطية خلال تلك الفترة، وحققت نمواً بنسبة تجاوزت 13 في المائة مقارنة مع النصف الأول من 2022.
وتشهد العلاقات الثقافية بين البلدين تطورا متناميا وملحوظا، يتمثل في تبادل الزيارات الطلابية ووفود المسؤولين الثقافيين والإعلاميين والباحثين بينهما، كما وقع البلدان منذ عام 1989، العديد من اتفاقيات التعاون الثقافي والإعلامي.
وساهم مركز الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان لدراسة اللغة العربية والدراسات الإسلامية، الذي تأسس عام 1990، بجامعة الدراسات الأجنبية في بكين، في نشر الثقافة العربية في الصين، وتعزيز اللغة العربية، كما ساهمت الأسابيع الثقافية والمهرجانات الموسيقية والفعاليات التي يتم تنظيمها بين البلدين، ومعارض الكتب، في تعزيز العلاقات الثقافية بينهما والدفع بها إلى الأمام عاما بعد عام.
ويمثل التعليم ركنا أساسيا في العلاقات الثقافية الإماراتية الصينية، ففي عام 2015، وقع البلدان على مذكرة تفاهم للتعاون في مجال التعليم العالي لتشجيع التعاون في مجالات العلوم وضمان جودة التعليم بين مؤسسات التعليم العالي ومراكز البحث العلمي في كلا البلدين، وتبادل المنح الدراسية الجامعية.
وشهد عام 2019 إطلاق "مشروع تدريس اللغة الصينية في 200 مدرسة"، في دولة الإمارات، والذي استقطب أكثر من 71 ألف طالب وطالبة في 171 مدرسة بمختلف إمارات الدولة.
aXA6IDQ0LjE5Mi45NS4xNjEg جزيرة ام اند امز