الإمارات وجهة عالمية للرحّل التنفيذيين.. منظومة حياة مثالية للنخبة

تشهد دولة الإمارات العربية المتحدة، ولا سيما دبي وأبوظبي، تحولات بارزة جعلتها وجهة رئيسية لفئة متنامية من المهنيين تُعرف باسم "الرحّل التنفيذيين".
هؤلاء ليسوا مجرد رحّل رقميين يحملون حقائبهم ويتنقلون بين المدن كما هو شائع، بل هم مجموعة من كبار المديرين ورواد الأعمال والمؤسسين الذين يبحثون عن بيئات آمنة ومستقرة توفر لهم ولأسرهم جودة حياة عالية، مع القدرة على إدارة أعمالهم عالميًا، وفقا لتقرير بلومبرغ.
وفي هذا السياق، صرّح أندرو كامينجز، أحد أبرز الخبراء في قطاع العقارات الفاخرة في الشرق الأوسط ورئيس وكالة المبيعات السكنية في Savills بالمنطقة، أن الإمارات باتت تلعب دورًا محوريًا في استقطاب هذه الفئة بفضل البنية التحتية المتطورة والقدرة على الجمع بين أسلوب حياة عالمي المستوى وبيئة أعمال متصلة بالأسواق الدولية.
وأوضح كامينجز، خلال مقابلة مع بلومبرغ، أن هذه المعطيات تجعل من الإمارات خيارًا استراتيجيًا لرواد الأعمال والمديرين الباحثين عن الاستقرار الشخصي والعائلي مع الحفاظ على مرونة أعمالهم.
تتميز الإمارات بمجموعة من العوامل التي تجعلها وجهة مفضلة عالميًا. فشبكة الطيران المباشر التي توفرها شركات كبرى مثل طيران الإمارات والاتحاد للطيران تضمن سهولة الوصول إلى المراكز المالية العالمية.
كما أن بنية الاتصالات الرقمية المتقدمة، بما في ذلك الإنترنت عالي السرعة، تمكّن التنفيذيين من إدارة أعمالهم بكفاءة من أي مكان داخل الإمارات.
وأشار كامينجز إلى أن جودة الحياة عنصر أساسي في هذا التوجه، فهي لا تقتصر على المناخ المشمس والطقس المعتدل، بل تشمل أيضا الخدمات الصحية المتقدمة، والمدارس العالمية، وخدمات الضيافة الراقية. ويعد عنصر الأمان غير المسبوق من أبرز عوامل الجذب للمستثمرين والأسر، حيث توفر الإمارات بيئة مستقرة مقارنة بالعديد من الوجهات المنافسة.
انعكس تدفق الرحّل التنفيذيين والمستثمرين بشكل مباشر على أداء سوق العقارات في دبي، حيث أظهر تقرير حديث أن عدد الصفقات السكنية تجاوز 50 ألف صفقة خلال الربع الثاني من العام الجاري، بزيادة سنوية بلغت 21%. وتشير هذه الأرقام إلى استمرار الزخم في السوق بدعم من الطلب المحلي والدولي.
ووفقًا لمؤشر المدن العالمية للعقارات الفاخرة، جاءت دبي في المرتبة الثالثة عالميًا، متقدمة على أسواق عقارية كبرى مثل ميامي وبرشلونة. كما سجلت أسعار العقارات الفاخرة نموًا تجاوز 5% في النصف الأول من العام، مع توقعات بزيادة إضافية تتراوح بين 4 و6% خلال النصف الثاني.
وعند التعمق في التفاصيل، تظهر الشريحة الفاخرة كأكثر الفئات نشاطًا. فقد شهدت العقارات التي تزيد قيمتها عن 10 ملايين درهم إماراتي نموًا في حجم الصفقات بنسبة 31% على أساس سنوي. وأوضح كامينجز أن هذا النمو لا يعكس ارتفاع الأسعار فقط، بل يشير أيضًا إلى زيادة استثمارات الملاك في تطوير وتجديد ممتلكاتهم.
فعلى سبيل المثال، في مناطق مثل جزر جميرا لم تكن تُسجَّل صفقات بمستويات تتجاوز 10 ملايين درهم قبل سنوات قليلة، بينما وصلت بعض الفلل اليوم إلى أكثر من 60 مليون درهم، نتيجة إنفاق الملاك مبالغ ضخمة لتحويل منازلهم إلى وحدات بمعايير عالمية جاهزة للسكن، وهي الفئة المطلوبة بشدة لدى المشترين الدوليين.
شدد كامينجز على أهمية وجود آليات مالية مبتكرة تجمع بين الحكومة والقطاع الخاص والمجتمعات المحلية لمعالجة التحديات المرتبطة بالموارد، مثل المياه والطاقة، والتي تُعد عنصرًا أساسيًا في تحقيق التنمية المستدامة.
وأكد أن البنوك في الإمارات، مثل بنك الإمارات دبي الوطني، تلعب دورًا محوريًا في تمويل الابتكارات بمجالات الاستدامة، سواء عبر دعم حلول إعادة استخدام المياه أو تمويل مشروعات صديقة للبيئة.
تعكس هذه المؤشرات أن الإمارات لم تعد مجرد وجهة عقارية أو سياحية، بل أصبحت منظومة اقتصادية واجتماعية متكاملة تستقطب النخبة من المهنيين ورجال الأعمال من مختلف أنحاء العالم. ومن المتوقع أن يستمر هذا الزخم بفضل توسع الاستثمارات الحكومية في البنية التحتية وحرص القطاع الخاص على تلبية الطلب المتزايد، خاصة في الشريحة الفاخرة التي باتت من ركائز النمو العقاري في الدولة.
واختتم كامينجز حديثه بالتأكيد على أن الإمارات تواصل ترسيخ مكانتها كوجهة عالمية للعيش والعمل والاستثمار، بفضل سياسات جاذبة وبيئة آمنة، إلى جانب توازن مثالي بين جودة الحياة وازدهار الأعمال، ما يجعلها في طليعة المدن القادرة على استقطاب المواهب والاستثمارات في عالم يتغير بوتيرة متسارعة.
aXA6IDIxNi43My4yMTYuMTg2IA== جزيرة ام اند امز