التعاون العسكري المستمر بين الإمارات والأردن ينطلق من قناعة راسخة بأن أمنهما جزء أصيل من الأمن القومي الخليجي والعربي بوجه عام.
التمرين العسكري المشترك "الثوابت القوية/1" بين القوات المسلحة لدولة الإمارات العربية المتحدة والمملكة الأردنية الهاشمية "الجيش العربي"، والذي أقيم في الإمارات خلال الأيام القليلة الماضية يعد تجسيداً قوياً لوحدة الأمن القومي العربي، ليس فقط لأنه يعكس الإدراك المشترك للدولتين لخطورة المرحلة الراهنة التي تشهدها المنطقة، وما تفرزه من تحديات تمثل تهديداً للأمن القومي العربي، وإنما أيضاً لأنه يؤكد قناعتهما المشتركة بأهمية العمل على تعزيز التضامن العربي من أجل الحفاظ على مقتضيات الأمن القومي العربي، وأن شعار "الثوابت القوية/1" الذي انطلق منه هذا التمرين هو تأكيد أيضاً على أن التعاون العسكري بين الدولتين ينطلق من الثوابت الراسخة التي تؤمن بها الدولتان، وتعملان على ترجمتها في مبادئ سياستهما الخارجية، وفي مقدمتها الدفاع عن الحق والتضامن مع الأشقاء والمشاركة في الحفاظ على السلام الإقليمي والدولي، والوقوف صفاً واحداً في مواجهة مختلف التحديات، والعمل من أجل تعزيز أسس الأمن والاستقرار في الدول العربية والمنطقة بوجه عام.
إن التمرين العسكري المشترك "الثوابت القوية/1" قد شكل مرحلة متقدمة في مسار التعاون العسكري بين الدولتين، وتحديداً فيما يتعلق بإدارة العمليات العسكرية المشتركة، وتوحيد الإجراءات بين القوات المشاركة، خاصة أن هذا التمرين تضمن تنفيذ العديد من المهام والعمليات المشتركة
ولا شك في أن حرص سيدي صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، وجلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين، ملك المملكة الأردنية الهاشمية الشقيقة، على حضور جانب من فعاليات هذا التمرين، والإشادة بمستوى المهارة والأداء الذي ظهر به المشاركون في التمرين، إنما يعكس حرص قيادتي الدولتين على تعزيز التعاون العسكري، والارتقاء بجاهزية القوات المسلحة في الدولتين، لتكون قادرة على الدفاع عن المصالح الوطنية والقومية وحمايتها وردع كل من تسول له نفسه المساس بالمقدرات الوطنية للدولتين والدول الخليجية والعربية مجتمعة، خاصة في هذه المرحلة الدقيقة التي تعيشها المنطقة، وتتوهم فيها بعض القوى أنها قادرة على فرض إرادتها والمضي قدماً في سياساتها العدائية التدخلية دون رادع أو حساب.
لقد أكد سيدي صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان بهذه المناسبة "أن التعاون العسكري المستمر بين دولة الإمارات العربية المتحدة والمملكة الأردنية الهاشمية الشقيقة يصب في مصلحة الأمن والاستقرار والسلام في المنطقة، ويعزز العمل في مواجهة المخاطر التي تواجه الأمن الإقليمي بشكل عام، والأمن القومي العربي بشكل خاص، ويوثق من عرى المحبة والتفاهم التي تجمع بين أبناء الشعبين الشقيقين منذ القدم"، وهذه حقيقة ثابتة تُرجمت في العديد من المواقف المشتركة للدولتين، والتي أسهمت في تعزيز أسس الأمن والاستقرار في المنطقة، فقد شاركت الدولتان بفاعلية في التحالف الدولي للتصدي لخطر تنظيم "داعش" الإرهابي، والقضاء على "خلافته المزعومة" في العراق وسوريا، كما تشاركان في التحالف العربي الذي تقوده المملكة العربية السعودية لاستعادة الشرعية في اليمن، ودعم الحكومة الشرعية في مواجهة مليشيات الحوثي الإرهابية التي تسعى إلى تدمير قدرات اليمن، كما ترفض الدولتان بشكل قاطع التدخلات الخارجية في شؤون دول المنطقة، وتتصديان بكل حسم للمؤامرات التي تستهدف النيل من أمن ومقدرات الدول الخليجية والعربية.
ولا شك في أن التعاون العسكري المستمر بين الدولتين ينطلق من قناعة راسخة بأن أمنهما جزء أصيل من الأمن القومي الخليجي والأمن القومي العربي بوجه عام، وأن الدفاع عن أمن واستقرار الدول العربية قضية لا تقبل المساومة أو التهاون، لأنها تتعلق بمصير الشعوب العربية وحقها في العيش في أمن وسلام وازدهار، وكما قال جلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين، فإن التمرين العسكري المشترك "الثوابت القوية/1" يبعث "برسالة ليست فقط لشعبي البلدين الشقيقين.. بل هي رسالة للإقليم والعالم بأننا نقف معا في خندق واحد.. ضد أي تحدٍ يواجهنا معاً"، وهذه حقيقة يدركها الجميع، خاصة أن للدولتين تاريخا حافلا من التعاون العسكري لصد المؤامرات الهادفة لزعزعة الاستقرار العربي والإقليمي، وهناك تنسيق متواصل بينهما حول التطورات التي تشهدها المنطقة، كما تقفان في جبهة واحدة في الحرب ضد التطرف والإرهاب، وتعملان معاً من أجل تحقيق السلام والتنمية في المنطقة.
إذا كانت التدريبات العسكرية المشتركة بين الدول تمثل أهم وسائل تطوير المهارات ورفع مستوى الكفاءة والارتقاء بجاهزية للقوات المسلحة، حيث تتيح لمنتسبي القوات المسلحة الاحتكاك بمدارس تدريبية متطورة، وخبرات عسكرية جديدة، فإن التمرين العسكري المشترك "الثوابت القوية/1" قد شكل مرحلة متقدمة في مسار التعاون العسكري بين الدولتين، وتحديداً فيما يتعلق بإدارة العمليات العسكرية المشتركة، وتوحيد الإجراءات بين القوات المشاركة، خاصة أن هذا التمرين تضمن تنفيذ العديد من المهام والعمليات المشتركة، منها الدفاع الساحلي والقتال في المناطق المبنية والرماية الحية باستخدام مختلف أنواع الأسلحة المتوسطة والثقيلة، وغيرها من التدريبات التي أظهرت المهارات القتالية المتقدمة، ومستوى التدريب والتأهيل النوعي الذي حصلت عليه القوات المشاركة بالإضافة إلى المستوى العالي من التفاهم والانسجام في تنفيذ العمليات المشتركة، وهذا إنما يؤكد أن هذا التمرين أسهم بدرجة كبيرة في رفع كفاءة القوات المسلحة في البلدين، والارتقاء بجاهزيتها للقيام بالمهام المنوطة بها على المستويات كافة. وهذا لا شك أمر يعزز من الثقة والطمأنينة، ويؤكد أن التعاون العسكري بين الأشقاء والعمل المستمر على تعزيز وتطوير القدرات العسكرية المشتركة يمثل ضمانة قوية للحفاظ على الأمن القومي العربي، وردع أي جهة تحـاول النيل من استقرار الدول العربية.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة