قرار الإمارات بافتتاح قنصلية في مدينة العيون بالجنوب المغربي، جاء حكيماً بالوقوف إلى جانب الحل الملائم والواقعي وصوت العقل المغربي.
تمر العلاقات الإماراتية المغربية بمنعطف مهم في مسار التعاون الثنائي المتعمق في المجالات ذات الاهتمام المشترك مع افتتاح قنصلية الإمارات في مدينة العيون بالجنوب المغربي، وهو ليس بالأمر الغريب، فقيادتا البلدين تجمعهما أواصر صداقة قديمة منذ عهد المؤسسين في عام 1971.. وهذه الخطوة إنما هي أرفع تعبير على الاعتراف بمغربية الصحراء ولها مدلولات سياسية وقانونية واستثمارية عديدة.
ورغم النزاع الذي يعد الأقدم في القارة الأفريقية والذي تطالب فيه جبهة البوليساريو باستقلال الأقاليم الصحراوية عن المغرب وواجهته المملكة بمقترح الحكم الذاتي تحت سيادتها بدعم أممي جاء القرار الإماراتي حكيماً بالوقوف إلى جانب هذه المشورة لتضم صوتها إلى الدول التي أيدت هذا الحل الملائم والواقعي وصوت العقل المغربي ودبلوماسيتها التي ستخدم مستقبلاً الرؤية نحو الوحدة الترابية للمملكة، فتكون الإمارات بهذه الخطوة هي الدولة الخليجية الأولى التي تفتتح قنصلية لها هناك إلى جانب عدة دول أفريقية قامت بذلك مثل جزر القمر وجيبوتي وغيرهما، سيراً على منهجها الثابت في دعم القضايا العادلة والاتجاه دائماً نحو الحل السياسي التفاوضي الذي يتماشى مع قرارات مجلس الأمن ذات الصلة الصادرة في عام 2007.
الخير والسلام ورفعة الأوطان والإنسان.. محاور رئيسية تنظر إليها الدبلوماسية الإماراتية حينما تضع يدها في يد أصدقائها، فلا شك أن الخطوة -إلى جانب كونها تدعم القرارات السيادية للمملكة- لها مردود إيجابي لكلا البلدين اقتصادياً أيضاً، فمع كون الاستثمارات والتمويلات المباشرة الإماراتية بالمغرب تأتي في المرتبة الأولى عربيا، أصبحت الإمارات تتصدر الاستثمار الأجنبي في سوق الأسهم المغربية بقيمة سوقية تناهز 88.9 مليار درهم بزيادة 1.6%، وأصبحت الاستثمارات الإماراتية تمثل حصة 47% من إجمالي الاستثمارات الخارجية في الأسهم المغربية المدرجة في البورصة.
وتعد الإمارات أول مستثمر عربي في المغرب بقيمة استثمارية إجمالية تبلغ 15 مليار دولار، وذلك من خلال 20 مؤسسة وشركة عاملة في قطاعات مختلفة كالعقار والسياحة والزراعة والصناعة والصحة.
هذه المؤشرات تفرش طريقاً ممهداً أمام رجال المال والأعمال للاستثمار في مدينة العيون المغربية تحديداً والتي تجمع بين الروح البدوية والطابع الحضري وتعد مدينة حديثة وسوقاً واعدةً للسياحة الصحراوية مع وجود فنادق كبرى فيها وأسواق للمنتجات المحلية، فضلاً عن امتيازها بالثروات المعدنية والمنجمية المهمة.
ومع هذه الخطوة الإماراتية الدبلوماسية المهمة في افتتاح القنصلية هناك يكون بصيص الأمل أكثر اتساعاً بتحفيز دول عربية وخليجية أخرى لدعم التوجه المغربي بإكسابه اعترافاً دولياً ممتداً وكتابة فصل جديد من النصر للقضايا الأممية العادلة.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة