سياسات إماراتية ثابتة تجاه القضية الفلسطينية تؤكدها مواقف إنسانية تمد جسورا من الأمل عند الأزمات والمحن، وتبعث برسائل متعددة الأبعاد.
رسائل يكتبها قادة الدولة بمداد الأخوة، من ذلك توجيه الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة، بتقديم 3 ملايين دولار لدعم إعادة إعمار بلدة حوارة الفلسطينية.
موقف إنساني استبقه موقف سياسي قوي بإدانة دولة الإمارات العربية المتحدة في 2 مارس/ آذار الجاري، تصريحات عنصرية لوزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش، دعا خلالها إلى تدمير قرية حوارة الفلسطينية.
وقبل 3 أسابيع، اقتنصت الإمارات نصرا حيويا للقضية الفلسطينية من داخل مجلس الأمن الدولي باعتماده بياناً رئاسياً يعارض الإجراءات أحادية الجانب التي تعرقل عملية السلام في الأرض الفلسطينية ويؤكد التزامه بحل الدولتين.
مواقف ثابتة
مواقف إنسانية وسياسية ودبلوماسية متتالية توجه من خلالها دولة الإمارات رسالة هامة تؤكد أن دعمها الأبدي للقضية الفلسطينية، وتوقيعها لمعاهدة سلام مع إسرائيل لم ولن يكون على حساب القضية الفلسطينية وحقوق الشعب الفلسطيني غير القابلة للتصرف، وإنما توظفها دولة الإمارات العربية المتحدة دائما لدعم حقوق الشعب الفلسطيني.
أيضا تؤكد دولة الإمارات من خلال تلك المواقف أن دعمها للقضية الفلسطينية لا يقتصر على الجانب السياسي فقط، بل يصاحبه دعم إنساني وتنموي يستهدف تعزيز صمود الفلسطينيين بما يساهم بالدفع في تحقيق حل الدولتين من خلال إقامة دولة فلسطينية مستقلة على أساس حدود الرابع من يونيو/ حزيران 1967، وعاصمتها القدس الشرقية.
كذلك تؤكد دولة الإمارات العربية المتحدة من خلال هذا الدعم أنها صاحبة مواقف حقيقية وأفعال ملموسة بعيدة كل البعد عن الضجيج والشعارات الإعلامية.
توجه أكده الدكتور أنور بن محمد قرقاش المستشار الدبلوماسي لرئيس دولة الإمارات، في تغريدة قال فيها إن "دعم الإمارات للشعب الفلسطيني ثابت وراسخ تؤكده المواقف الحقيقية والأفعال الملموسة التي تخفف من معاناة الفلسطينيين".
وأضاف أن "توجيه الشيخ محمد بن زايد آل نهيان بدعم إعادة إعمار بلدة حوارة والمتضررين فيها نهج إماراتي أصيل ينطلق من مبادئ سامية بعيدة كل البعد عن الضجيج والشعارات الإعلامية."
توجيه هام
ووجه الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة بتقديم ثلاثة ملايين دولار لدعم إعادة إعمار بلدة حوارة الفلسطينية والمتضررين من الأحداث الأخيرة.
وستنفذ المبادرة من قبل دائرة البلديات والنقل – أبوظبي بالتعاون مع نادي الصداقة الإماراتي ـ الفلسطيني، وذلك في إطار الجهود الإنسانية التي تبذلها دولة الإمارات لدعم الشعب الفلسطيني.
وعقدت دائرة البلديات والنقل – أبوظبي اجتماعاً لبحث آلية تنفيذ المبادرة وتقديم الدعم، بحضور محمد علي الشرفاء رئيس الدائرة والوفد الفلسطيني الذي ضم كلاً من معين ضميدي رئيس بلدية حوارة وجلال عودة ومحمد عبدالحميد، عضوي مجلس البلدية وعمار الكرد رئيس نادي الصداقة الإماراتي ـ الفلسطيني.
كما بحث الاجتماع تعزيز آفاق التعاون المشترك في مجال العمل البلدي بين الجانبين.
ورحب محمد الشرفاء بالوفد الفلسطيني، مؤكداً اهتمام قيادة دولة الإمارات الحكيمة بدعم الشعب الفلسطيني والمساهمة في إعادة تطوير المنطقة المتضررة في حوارة.
وقال الشرفاء إن اهتمام دولة الإمارات بدعم الأشقاء في فلسطين نابع من مواقفها الثابتة في مساندتهم وتقديم مختلف أشكال الدعم والمساندة لهم.
وفي وقت سابق، هاجم مئات المستوطنين بلدة حوارة جنوب نابلس شمالي الضفة الغربية. وقتلوا فلسطينيا وأصابوا العشرات في هجمات طالت عشرات المنازل والسيارات والمحال التجارية التي تم حرقها والتسبب بأضرار جسيمة بها.
وتخلل تلك الهجمات تصريحات لوزير المالية الإسرائيلي، بتسلئيل سموتريتش، دعا فيها إلى تدمير قرية حوارة الفلسطينية.
إدانة قوية
أدانت دولة الإمارات العربية المتحدة، التصريحات العنصرية لوزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش التي دعت إلى تدمير قرية حوارة الفلسطينية.
وزارة الخارجية والتعاون الدولي الإماراتي، أكدت في بيان سابق رفض دولة الإمارات العربية المتحدة، كافة الممارسات التي تتعارض مع القيم والمبادئ الأخلاقية والإنسانية.
وشددت على ضرورة مواجهة خطاب الكراهية والعنف، منوهة بأهمية تعزيز قيم التسامح والتعايش الإنساني ضمن الجهود المبذولة للحد من التصعيد وعدم الاستقرار في المنطقة.
وأكدت الوزارة ضرورة دعم كافة الجهود الإقليمية والدولية لدفع عملية السلام في الشرق الأوسط قدما، ووضع حد للممارسات غير الشرعية التي تهدد حل الدولتين، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.
مواقف ودلالات
بعد أيام من تلك الإدانة، جاء توجيه الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة بتقديم 3 ملايين دولار لدعم إعادة إعمار بلدة حوارة الفلسطينية والمتضررين من الأحداث الأخيرة، لتثبت الإمارات أنها صاحبة مواقف حقيقية وأفعال ملموسة لدعم الفلسطينيين.
وكان لافتا ما صاحب هذا التوجيه من لفتات حملت العديد من الدلالات الهامة، وتؤكد الرغبة الإماراتية بسرعة إعادة إعمار بلدة حوارة الفلسطينية.
رغبة تأكدت من خلال سرعة تحديد الجهة التي ستتولى تنفيذه المبادرة، وعقد اجتماع فوري لبحث آلية تنفيذ المبادرة، حيث تم بالفعل عقد اجتماع على الفور بين محمد علي الشرفاء رئيس دائرة البلديات والنقل بأبوظبي ووفد فلسطيني.
دعم إنساني متواصل
تأتي هذه المبادرة بعد نحو 3 شهور من تسلم قطاع غزة أكبر قافلة مساعدات طبية، تضم أدوية ومستلزمات طبية ضرورية، بتبرع سخي من دولة الإمارات.
ووصلت القافلة، التي تضم أكثر من 85 طنا من الأدوية والمستلزمات الطبية بتكلفة 10 ملايين دولار عبر شاحنات ضخمة، من خلال معبر رفح الحدودي بين قطاع غزة ومصر.
وجاء إرسال القافلة الطبية لغزة بعد نحو شهر من قيام دولة الإمارات العربية المتحدة بتوقيع اتفاقية تعاون مع منظمة الصحة العالمية، لدعم مستشفى المقاصد الذي يعد أكبر مستشفى أهلي خيري تعليمي في القدس الشرقية بـ25 مليون دولار، تنفيذاً لتوجيهات الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات.
مواقف تأتي جميعها ضمن جهود دولة الإمارات المستمرة لدعم قدرات المؤسسات الصحية الفلسطينية وتلبية متطلبات الشعب الفلسطيني في المجالات الإنسانية والمعيشية والصحية والاجتماعية والتعليمية وغيرها.
وبلغ إجمالي المساعدات الإماراتية لفلسطين خلال الفترة من 2010 حتى مطلع عام 2021، 1.14 مليار دولار أمريكي، منها 254 مليون دولار لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل لاجئي فلسطين في الشرق الأدنى "الأونروا"، حسب وكالة الأنباء الإماراتية "وام".
وتعد دولة الإمارات من أكبر الجهات المانحة للأونروا لتمويل مختلف القطاعات في الأراضي الفلسطينية.
مواقف سياسية ودبلوماسية
أيضا تأتي مبادرة دعم حوارة بعد نحو 3 أسابيع من اقتناص الإمارات نصرا حيويا للقضية الفلسطينية من داخل مجلس الأمن الدولي باعتماده بياناً رئاسياً يعارض الإجراءات أحادية الجانب التي تعرقل عملية السلام في الأرض الفلسطينية المحتلة ويؤكد التزامه بحل الدولتين.
وأدان البيان الرئاسي في 21 فبراير/ شباط الماضي، جميع أعمال العنف المرتكبة ضد المدنيين، ودعا كافة الأطراف إلى إدانة أعمال الإرهاب والامتناع عن التحريض على العنف، ومتابعة المساءلة عن جميع أعمال العنف التي تستهدف المدنيين.
وأعرب البيان عن بالغ قلقه واستيائه لإعلان إسرائيل في 12 فبراير/شباط الماضي عزمها شرعنة تسع بؤر استيطانية في الأرض الفلسطينية المحتلة والسماح ببناء عشرة آلاف وحدة استيطانية عليها.
وفي سياق متصل، جدد مجلس الأمن التأكيد في بيانه، على أن استمرار أنشطة الاستيطان الإسرائيلية يهدد بشكل خطير إمكانية تحقيق حل الدولتين على أساس حدود 1967، مؤكدا أهمية خفض التصعيد وتجنب الأعمال الاستفزازية.
وشدّد المجلس على تساوي حق كل من الشعبين الإسرائيلي والفلسطيني في التمتع بالحرية والأمن والازدهار والعدالة والكرامة.
وكانت دولة الإمارات العربية المتحدة قد بدأت في تيسير عملية صياغة رد المجلس على النشاط الاستيطاني الإسرائيلي، ودعمت الانخراط الدبلوماسي المكثف للولايات المتحدة من أجل تهدئة الوضع والتأكد من أن المجلس سيتحدث بصوت واحد بشأن هذه القضية المهمة.
جهود وتصريحات إماراتية واضحة تكللت بإصدار أول قرار يصدر عن مجلس الأمن الدولي بشأن ملف الاستيطان منذ أكثر من ست سنوات، ودعوة إماراتية قوية تؤكد على أهمية التزام المجتمع الدولي برؤية فلسطين مستقلة تعيش جنباً إلى جنب مع إسرائيل في سلام، ورفض أي إجراءات إسرائيلية تعوق حل الدولتين.
رسائل مهمة
مواقف إنسانية ودبلوماسية وسياسية متتالية تؤكد من خلالها دولة الإمارات دعمها الأبدي للقضية الفلسطينية، وأن توقيعها لمعاهدة سلام مع إسرائيل في 15 سبتمبر/أيلول 2020، لم ولن يكون على حساب القضية الفلسطينية وحقوق الشعب الفلسطيني غير القابلة للتصرف.
أيضا تؤكد دولة الإمارات من خلال تلك المواقف بأن السلام الشامل والدائم والعادل هو السبيل الوحيد لحل أزمات المنطقة، وأنه لن يستطيع أي من الطرفين الإسرائيلي والفلسطيني حسم الصراع لصالحه مهما طال الوقت، وسيكون الخاسر دائما هم الأبرياء من النساء والأطفال والمدنيين الذين لا ذنب لهم.
كما تأتي تلك المواقف ترجمة لرؤية دولة الإمارات ورسالتها التي عبرت عنها عمليا منذ توقيع اتفاقية السلام التاريخية وتحملت في سبيل إيمانها برؤيتها الكثير من حملات الإساءات والافتراءات، وهي أن نشر السلام ودعم القضية الفلسطينية مساران يتكاملان ولا يتقاطعان.
ومنذ خطوتها الشجاعة والجريئة بشأن توقيع معاهدة سلام مع إسرائيل قبل أكثر من عامين، تؤكد الإمارات مرارا وتكرارا أن تلك المعاهدة لن تكون على حساب القضية الفلسطينية، وإنما تدعمها لتحقيق أمنيات الشعب الفلسطيني والعالم العربي والإسلامي في إقامة دولة فلسطينية انطلاقا من رؤيتها حول إمكانية نجاح لغة الحوار والتفاوض في تحقيق ما لم تحققه عقود الجفاء والمقاطعة.
ولطالما أكدت الإمارات أن الاتفاق الإبراهيمي للسلام لا يتعارض مع الجهود المبذولة لتحقيق سلام عادل وشامل ودائم بين الفلسطينيين والإسرائيليين على أساس حل الدولتين.
ويأتي ذلك استمرارا لسياسة دولة الإمارات، منذ تأسيسها، في وضع القضية الفلسطينية على رأس أولوياتها باعتبارها القضية المركزية للأمة العربية، في نهج أسس له المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، وتسير على خطاه القيادة الرشيدة التي تكرس الجهود كافة لإحلال قيم العدالة والسلام.