لم تفارق فلسطين بقضيتها وشعبها وبكل تفاصيلها من حق العودة إلى وقف الاستيطان وإقامة دولة فلسطين العربية إلى كسر قيود الأسرى.
كانت ومازالت فلسطين محور الوجدان العربي لارتباطاتها القومية والعقائدية في نفوس العرب والمسلمين كافة، على اختلاف مشاربهم الفكرية والسياسية لما لها من أبعاد دينية وسياسية وإنسانية، ولكن من القادة العرب من سلبت فلسطين لبّهم وسكنت قلوبهم حتى لم تكد تفارق أفعالهم ولا ألسنتهم وخطاباتهم في كل منبر من منابر الأفعال والخطاب، ومن أبرز هؤلاء القادة المغفور له "زايد الخير" طيب الله ثراه،، الرجل الذي تجسدت كل القضايا العربية والإنسانية في شخصيته القيادية الإماراتية العروبية والإنسانية، ولكن مما يميز مواقف المغفور له "زايد الخير" هو اقتران الأقوال بالأفعال، بل في حقيقة الأمر إنّ أكثر أقواله – طيّب الله ثراه – كانت تأتي بعد أفعاله، فالفعل مسبوقاً بالقول، ومن يعرف تاريخ الرجل يعلم علم اليقين أن تبنيه للقضية الفلسطينية لم يقتصر على جانبٍ واحدٍ إنما تبناها على كافة الأصعدة وكأن لا قضية له سواها، ولكن أبرز هذه الأصعدة اثنان:
الأول: الصعيد السياسي: لم تفارق فلسطين بقضيتها وشعبها وبكل تفاصيلها من حق العودة إلى وقف الاستيطان وإقامة دولة فلسطين العربية إلى كسر قيود الأسرى، جدول أعمال المغفور له "الشيخ زايد" على كافة المنصات والقنوات الدبلوماسية والسياسية في كل المؤتمرات والاجتماعات الطبيعية منها والاستثنائية على المستوى الداخلي ومستوى العالم أجمع، رابطاً أمن المنطقة وتنميتها والسلام العالمي بإيجاد تسوية عادلة للقضية الفلسطينية والتمسك بالحق المشروع للشعب الفلسطيني، وهذا ماسار عليه أبناؤه الذين قالوا كلمتهم بأنّ السلام حتى وإن أُبرم مع الجانب الإسرائيلي إلا أن الشأن الفلسطيني سيكون حاضرا وركيزة أساسية في أي اتفاقيات ثنائية، وعليه جاء الطلب الإماراتي بوقف مسألة ضم مزيد من الأراضي الفلسطينية والضفة الغربية على وجه التحديد كخطوة أولى لأي علاقات سوية بين الإمارات وإسرائيل.
وفي عودة للتاريخ القريب وليس البعيد نجد أن المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، لم يدخر جهدا لنصرة القضية الفلسطينية ودعمها بضخ الأموال والمساعدات للشعب الفلسطيني لمساعدته في صموده وتصديه لما يعانيه من حصار واعتداء، بالإضافة إلى دعم المنظمات الدولية بمؤسساتها الطبية والتعليمية مثل "الأونروا" لإيصال المساعدات، ودعم المؤسسات التعليمية والخدمية للمساهمة في صمود الفلسطينيين، كما مولت الإمارات العديد من المشاريع السكنية في القدس وساهمت بإعادة بناء المنازل التي هدمها الإسرائيليون.
الصعيد العسكري: للتذكير فحسب وعلى الرغم من أن فكرة المغفور له "زايد الخير" قائمة على إحلال السلام بالسلام، وإنهاء العدوان بالطرق السلمية، وعمله الجاد على إرساء هذه الدعائم لتخليص العالم والإنسانية جمعاء من دعوات الاعتداء وإراقة الدماء، إلا أنه بالإضافة إلى ذلك كان حريصاً على أن يكون هذا الأمر متبوعاً بقوة عسكرية ليس للاعتداء أو الحرب إنما لردع المعتدين على مبدأ "لو رأى الظالم على جنب المظلوم سيفاً لَمَا أقدم على الظلم"؛ لذلك نجده – رحمه الله – قد ناصر كل التحركات العربية الداعية إلى التحرك العسكري لرد الاعتداء والحفاظ على المكتسبات العربية ولا سيما الفلسطينية، ففي حرب أكتوبر/تشرين الأول عام 1973 توّج الشيخ زايد المواقف السياسية بخطوة أقل ما يقال عنها جريئة وقوية حد التحدي للعالم أجمع، بمشاركته في الحرب العربية الإسرائيلية بسلاح استراتيجي رجّح الكفة العربية في الحرب حين كان مبادراً في قطع النفط عن الدول المساندة لإسرائيل، ولعل رده للمتسائلين عن السبب كان أقوى وأرسخ من السلاح ذاته حينما قال: "النفط العربي ليس أغلى من الدم العربي".
هذا غيض من فيض الخير الذي فاض به "زايد الخير" طيب الله ثراه في إرسائه لمبادئ العروبة واضطلاع الإمارات العربية المتحدة بمسؤولياتها وعملها الدؤوب للم الشمل العربي، وفق بوصلة ثابتة لا تشير إلا إلى فلسطين والمسجد الأقصى، بذل من أجلها – رحمه الله – الغالي والنفيس انطلاقاً من مبادئ عربية وإنسانية لإحلال السلام العالمي ومناصرة الشعب الفلسطيني، لأنه جزء من العالم الإنساني، وعندها يمكن القول بأنه لايمكن لأحد المزايدة على الإمارات لا في ماضيها ولا في حاضرها.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة