خريطة الهروب والعودة.. حرب أوكرانيا تعيد أوروبا لذكريات اللجوء
لم يختلف المشهد كثيرا سوى بإحداثيات مكانه وزمانه: نفس جحافل اللاجئين المتدفقة نحو أوروبا تنشد ملاذات آمنة تستنسخ ذكريات حقبة مشابهة.
أجساد بشرية تحتشد بمحطات القطارات الكبرى تنشد اقتطاع تذاكر إلى خارج الحدود، هربا من حرب اندلعت لتوها وتشي بأمد طويل مشحون بجميع السيناريوهات المرعبة.
حدث ذلك بعد أيام قليلة من بدء عملية عسكرية قالت روسيا إنها لتحرير منطقة دونباس شرق أوكرانيا، وتحديدا انطلاقا من مارس/آذار الماضي، حين بدأ اللاجئون الأوكرانيون بالتدفق على محطات القطارات في جميع مدن البلاد هربا من الحرب.
وكانت وجهتهم الدول المجاورة فيما قرر البعض منهم لاحقا مواصلة الطريق إلى أوروبا التي فتحت لهم أبوابها على مصراعيها، في مشهد بدا مختلفا تماما عن ذروة موجة لجوء السوريين في 2015.
ولا يحتاج الأوكرانيون لتأشيرة دخول للسفر إلى دول الاتحاد الأوروبي، ما يعني أنه يمكن للاجئين السفر ودخول جميع دول التكتل والإقامة فيها لمدة 90 يوما دون فيزا، كما يسمح لهم بعبور الحدود بدون جوازات سفر.
عائدون
لكن، ورغم الامتيازات التي حصل عليها اللاجئون الأوكرانيون في أوروبا، فإن الكثير منهم فضلوا العودة إلى الديار، متحدين تكثيف الضربات الصاروخية والطائرات بدون طيار، وانقطاع التيار الكهربائي والتدفئة.
وبالأشهر الأخيرة، قرر العديد من اللاجئين العودة رغم التحذيرات المتواترة لكييف، حيث دعت نائبة رئيس الوزراء إيرينا فيريشوك الناس، خلال مقابلة تلفزيونية، إلى "عدم العودة".
وقالت: "علينا أن نتغلب على الشتاء. لكن إذا عادوا، فقد تفشل شبكة الكهرباء. العودة الآن تعني المخاطرة بأنفسكم وأطفالكم وأحبائكم الضعفاء".
لكن دعوة المسؤولة الأوكرانية لم تلق آذانا صاغية على ما يبدو، حيث أظهر تقرير صادر عن المنظمة الدولية للهجرة في نوفمبر/تشرين ثاني الماضي، أن حوالي 5.2 مليون شخص فروا من القتال سيعودون إلى أوكرانيا.
وفيما لا يمكن معرفة ما إن كانت هذه العودة دائمة أم مؤقتة، فإن 79 بالمئة من الأشخاص الذين تحدث إليهم التقرير يشيرون إلى أنهم يخططون للبقاء في منازلهم بأوكرانيا (4.1 مليون).
ومعظم اللاجئين الذين اختاروا العودة إلى أوكرانيا من النساء، وما يقرب من ربعهم من الأطفال والمراهقين الذين تقل أعمارهم عن 18 عاما.
لكن رغم ذلك، أظهرت الأرقام انخفاض العدد الإجمالي للعائدين إلى أوكرانيا بين 27 أكتوبر/تشرين أول و5 ديسمبر/كانون أول الماضيين، من 5.9 مليون إلى 5.2 مليون.
وحتى ديسمبر الماضي، لا يزال أكثر من 7.9 مليون لاجئ في جميع أنحاء أوروبا، حيث توقف الكثير منهم في البلدان المتاخمة لأوكرانيا، مثل بولندا التي تستضيف حاليًا 1.5 مليون لاجئ.
فيما اختار آخرون المرور إلى دول أوروبا الغربية مثل ألمانيا وإيطاليا وإسبانيا والمملكة المتحدة، والتي تستضيف على التوالي مليون و167 ألفا و159 ألفا و150 ألف لاجئ أوكراني.
aXA6IDMuMTQ1LjExNS4xMzkg
جزيرة ام اند امز