تقرير لجنة التحقيق الأممية.. هل يتحول لآليات لمحاسبة إسرائيل؟
مصطفى البرغوثي قال إنه يمكن استخدام التقرير لمقاضاة انتهاكات وجرائم الاحتلال الإسرائيلي في المحكمة الجنائية الدولية.
بمزيج من الشك والأمل تابع الجريح الفلسطيني صهيب قديح نتائج تحقيقات لجنة الأمم المتحدة المستقلة للتحقيق في انتهاكات الاحتلال المرتكبة في الأراضي الفلسطينية المحتلة خلال مسيرة العودة، مؤكداً أن المهم تحولها إلى آليات لمحاسبة الاحتلال.
- مندوب فلسطين بالأمم المتحدة: التقرير الأممي حول جرائم إسرائيل "إيجابي"
- الجامعة العربية ترحب بتقرير أممي يدين جرائم إسرائيل بحق الفلسطينيين
- الأمم المتحدة: انتهاكات إسرائيل في غزة يجب أن تحال إلى الجنائية الدولية
وقال قديح لـ"العين الإخبارية": "كما فهمت أن نتائج التقرير تدين إسرائيل، هذا مهم ولكن الأهم كيف ستقف اعتداءات الاحتلال ويحاسب جنوده وقادته المسؤولون عن قتلنا وإصابتنا".
وأصيب قديح (33 عاماً) برصاص قناص إسرائيلي في أول أيام مسيرة العودة في 30 مارس/آذار الماضي، ما تسبب في بتر ساقه اليمنى من أعلى الركبة، في حين أصيبت شقيقته نزيهة (38 عاماً) في 14 مايو/أيار، ما تسبب في بتر ساقها اليمنى هي الأخرى.
وأشار الجريح الفلسطيني، إلى أنه أدلى هو وشقيقته بإفادته لمنظمات حقوق إنسان فلسطينية ودولية وكذلك للجنة التحقيق الأممية عبر الهاتف، على أمل أن يسهم ذلك في ملاحقة الاحتلال ومحاسبته وإلزامه بوقف جرائمه.
وقال: "نأمل أن يحاسب الاحتلال على جرائمه ضدنا ونراهم في السجون".
وخلص تقرير لجنة الأمم المتحدة المستقلة، المنبثقة عن مجلس حقوق الإنسان، إلى أن "قوات الأمن الإسرائيلية قتلت وأحدثت عاهات مستديمة بمتظاهرين فلسطينيين لم يشكلوا خطراً وشيكاً على آخرين، سواء بالقتل أو بإلحاق إصابة خطيرة عندما أطلقت النيران عليهم كما لم يكونوا يشاركون بشكل مباشر في اشتباكات".
ويؤكد شعوان جبارين، مدير مؤسسة الحق لحقوق الإنسان، أن التقرير ممتاز من ناحية مضمونه وتشخصيه وآليات تنفيذه.
ملاحقة منظومة الاحتلال
وأشار جبارين في حديثه لـ"العين الإخبارية" إلى أن التقرير أشار بوضوح إلى أن ما يجرى في غزة يرقى لجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، مبيناً أنه عندما تصل لجنة تحقيق أممية لهذا المستوى من الإدانة فإنها تضع مسيرات العودة وما وصله قطاع غزة من اضطهاد وحصار في إطاره الصحيح.
ورأى أنه "لن يفلت من هذا التقرير واستخلاصاته أي إسرائيلي مهما كان منصبه، بمعنى أن المنظومة الإسرائيلية بالكامل متهمة ومدانة وعرضة للملاحقة".
ووفق التقرير الأممي فإن قوات الأمن الإسرائيلية ربما ارتكبت جرائم حرب فيما يتصل بقتل 189 فلسطينياً وإصابة أكثر من 6100 خلال احتجاجات أسبوعية في قطاع غزة العام الماضي.
وحول آليات المحاسبة في التقارير، أشار جبارين إلى أن التقرير أوصى أن يودع للمحكمة الجنائية الدولية، وهو ينتظر اعتماده من مجلس حقوق الإنسان، ليحال بعد ذلك لمحكمة الجنايات الدولية كبلاغ.
مقاضاة انتهاكات إسرائيل
ومن المقرر أن يناقش مجلس حقوق الإنسان التقرير في 18 مارس/آذار الجاري، خلال الدورة الأربعين للمجلس.
ووفق جبارين، فإن دولة فلسطين تستطيع أن تتابع نتائج التقرير في الجنايات والمحاكم المختلفة إلى جانب القضايا الأخرى، وأعتقد أنها ستعمل على تسريع تحويل التقرير للجنائية الدولية.
وقال: "نحن نطمح لأن نرى المسؤولين الإسرائيليين عن الجرائم ضد العزل الفلسطينيين ملاحقين للجنائية الدولية، إلى أن يصلوا للحظة الاعتقال وتقديمهم للاقتصاص منهم".
وأشار إلى أن المحكمة الجنائية الدولية تتابع قضايا مشابهة، وجاءها تقرير إضافي من لجنة دولية يعزز متابعة المحكمة، مضيفاً: "نأمل أن يكون التقرير الأخير عامل ضاغط باتجاه سرعة التحرك لإدانة المجرمين".
وتعاونت مؤسسة الحق وغيرها من مؤسسات حقوق الإنسان الفلسطينية مع اللجنة الدولية عبر تسهيل عملها وتقديم كم هائل من المعطيات وتسهيل التواصل مع الضحايا وذويهم بعدما منعها الاحتلال الإسرائيلي من الوصول لغزة.
3 مستويات للتحرك دوليا
الدكتور مصطفى البرغوثي، الأمين العام للمبادرة الوطنية، يرى أنه يمكن استخدام التقرير في المحكمة الجنائية الدولية كدليل إضافي ضد مسؤولي الاحتلال الذين يعطون أوامر إطلاق النيران تجاه الفلسطينيين، وكذلك يمكن تقديم التقرير لمختلف المحاكم لملاحقة الجنود والمسؤولين العسكريين والسياسيين الإسرائيليين.
ورأى البرغوثي في حديثه لـ"العين الإخبارية" فلسطينياً، يجب أن يكون التحرك على 3 مستويات: الأول في محكمة الجنايات الدولية بما يضمن تسريع إجراءاتها لإدانة المجرمين واعتقالهم، والثاني في المحاكم الدولية المختلفة، وهذا الأمر سيزعج المسؤولين الإسرائيليين بمختلف مستوياتهم. أما المستوى الثالث تعرية سياسة إسرائيل، وكشفها أمام العالم عبر الإعلام والأدوات الدبلوماسية.
تعظيم الاشتباك السياسي
اعتبر عصام يونس، المفوض العام للهيئة المستقلة لحقوق الإنسان، التقرير يوفر فرصة أخرى جديدة لتعظيم الاشتباك السياسي مع الاحتلال، من خلال المحكمة الجنائية ومؤتمر الأطراف السامية المتعاقدة على اتفاقية جنيف والمفوضية السامية لحقوق الإنسان وغيرها.
ورأى أن أهمية التقرير الأممي في هذا التوقيت لوجود تغير غير مسبوق في الأولويات بالنسبة للعالم، فبعد أن كانت الأراضي الفلسطينية المحتلة تحتل موقعاً متقدماً على أجندة المجتمع الدولي تراجعت الآن لصالح قضايا إقليمية وكونية كثيرة وخطيرة تهدد الأمن والسلم الدوليين.
وشدد على أن القيمة الأهم للتقرير يتمثل في تنفيذ توصياته وإحداث تغيير لصالح الضحايا ولصالح قضيتهم، والجميع يعي الاختلال الرهيب في العلاقات الكونية في جعل ذلك ممكناً، وهو ما يؤكد أن العدالة لا تتحقق بالضربة القاضية وإنما بمحموع النقاط، وهو ما يستوجب عملاً فاعلاً ومنظماً بلعب دور الضحية بجدارة.