الدور الذي تقوم به الأمم المتحدة في العالم ليس بمستوى الفاعلية المطلوبة والمنشودة عمليا.
عمر الأمم المتحدة الآن ٧٣ عاما، ويبدو أن الضعف بدأ ينخر هذا الجسد الذي يعتبره العالم وليا ووصيا عليه.
والآن حان وقت المراجعة والتغيير، فكل ما يقع في العالم اليوم يوصلنا إلى نتيجة واحدة، وهي أن الدور الذي تقوم به الأمم المتحدة في العالم ليس بمستوى الفاعلية المطلوبة والمنشودة عمليا، وعليه فقد حان وقت التغيير ومراجعة طرق عمل منظمة الأمم المتحدة وتحديث مؤسساتها وأساليبها؛ لتتماشى مع التحديات الحقيقية والجديدة للعالم وخاصة الإرهاب.
ولا نتجنّى هنا على هذا الكيان الذي علقت الشعوب عليه آملها لينصفها ويحقق العدل في العالم منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، لكن ما نراه في العالم اليوم من انتهاكات وحروب ودمار يدعونا إلى التساؤل عن قيمة ما تفعله الأمم المتحدة.
الأمم المتحدة أمام تحد في إثبات مسؤوليتها ودورها في نزع السلاح، وكذلك في وقف تدفق الأسلحة لمناطق النزاعات وتصاعد عدد المنظمات الإرهابية، وانتشار الإرهابيين كجماعات أو أفراد في العالم. كل هذه التحديات الجديدة تحتاج إلى تجديد جذري في طريقة عمل هذه المنظمة لكي تحقق أهدافها
نحن نحتاج الآن إلى إعادة تفكير في وجود وأهمية هذا الكيان الذي بعث بالأساس لـ"توفير الأمن في العالم".
عضوية الأمم المتحدة مفتوحة أمام كل الدول المحبة للسلام التي تقبل التزامات ميثاق الأمم المتحدة وحكمها.
ونحتاج لرصد حروب الإبادة العرقية التي شهدها العالم منذ ١٩٤٥ إلى اليوم، كما نحتاج إلى تقارير عن انتشار الأسلحة في العالم، والتجاوزات والحروب التي شهدها في السبعين سنة الأخيرة.
وبالتوازي مع هذا الرصد الدولي الذي سيحتاج لفرق علمية مختصة تتفق عليها كل دول العالم، نحتاج إلى تقييم الدور الذي لعبته الأمم المتحدة في العالم، سواء في نزع الأسلحة أو تحقيق السلام، وطبعا يجب أن يكون هذا التقرير بعيدا عن تقارير الأمم المتحدة التي تصدرها من وقت لآخر في تقييم ذاتي لأعمالها ومؤسساتها.
وعند تأسيس الأمم المتحدة حددت أدوارها الأساسية وقتها في نزع السلاح وتوفير الأمن في العالم، وتتفرع عن الأمم المتحدة هيئات مشاركة في تعزيز حقوق الإنسان، وأهمها الجمعية العامة للأمم المتحدة، والمجلس الاقتصادي والاجتماعي، ومحكمة العدل الدولية بلاهاي.
وتقبل عضوية الدول في الأمم المتحدة بقرار للجمعية العامة بناء على توصية من مجلس الأمن، وكل هذه الأدوار حددها ميثاق الأمم المتحدة تم توقيعه في ٢٦ حزيران / يونيو ١٩٤٥.
وإذا ما أردنا التفكير في قرارات الأمم المتحدة اليوم بحيادية وعقلانية، فسنصل إلى أن للسياسة دورا رئيسيا في قرارات هذه المنظمة.
ولتفسير هذا الأمر بشكل بسيط يكفي النظر إلى مكونات هذا الكيان، وهي دول قائمة الذات قد تكون ثابتة جغرافيا، لكن سياساتها وثقافاتها متغيرة وهذا أمر منطقي مع تغير الحكومات، والتي تأتي كل منها ببرامجها التي تشمل الشأنين الداخلي والخارجي.
وتغير الحكومات وسياسات الدول وانفتاح الشعوب على العالم بالتأكيد يؤثر على المنظمة الدولية التي أسست لحماية حقوق الإنسان، والنتيجة الحاصلة هنا هي أن هذه المنظمة تعمل بتأثير مباشر من الدول التي تصوت على قراراتها، والتي لا تمثل الشعوب بالتأكيد بل الحكومات سواء كانت ديمقراطية أو لا، وهنا الفكرة الرئيسية من ضرورة هذه المنظمة لتخدم الإنسانية وليس الحكومات.
وقد تحولت في السنوات الأخيرة لوسيلة عقاب وثواب حسب مصالح الحكومات والسياسات وليس المصالح الإنسانية، ويكفي أن نراجع السنوات الأخيرة، ولجان التحقيق التي تم إرسالها إلى مناطق النزاعات والحروب، من يوغوسلافيا، إلى دارفور، ليبيا أو سوريا، ومؤخرا اليمن، وفشل لجان التحقيق وتمديد أعمالها اعتمادا على تصويت حكومات تمثل دولها ومصالح أحزابها.
الأمم المتحدة أمام تحد في إثبات مسؤوليتها ودورها في نزع السلاح، وكذلك في وقف تدفق الأسلحة لمناطق النزاعات وتصاعد عدد المنظمات الإرهابية، وانتشار الإرهابيين كجماعات أو أفراد في العالم. كل هذه التحديات الجديدة تحتاج إلى تجديد جذري في طريقة عمل هذه المنظمة لكي تحقق أهدافها.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة