معاقبة معرقلي انتخابات ليبيا أوروبيا.. بين الجدوى واللافائدة
أي طرف يعرقل العملية السياسية مصيره العقوبات، تصريحات فرنسية بمجلس الأمن، سلطت الضوء على عزم المجتمع الدولي على حسم أزمة انتخابات ليبيا.
فخارطة الطريق في البلد الأفريقي الذي تعرض خلال الأيام الماضية لعقبات، أدت إلى تخوفات دولية، من عرقلة إجراء الانتخابات المحدد لها سلفًا، الرابع وادعشرين من ديسمبر/كانون الأول موعدًا لانطلاقها.
وفي رد فعل سريع حول تلك العراقيل، عقد مجلس الأمن الدولي، الخميس، اجتماعًا، أكد خلاله ضرورة إجراء الانتخابات وفقا للجدول الزمني الذي وضعه ملتقى الحوار السياسي الليبي، داعيا السلطات الليبية إلى اتخاذ إجراءات فورية لتوضيح الأساس الدستوري للانتخابات.
إخراج المرتزقة
وطالب مجلس الأمن الدولي جميع الدول الأعضاء بالامتثال لحظر الأسلحة المفروض على ليبيا منذ عام 2011، والعمل على مساعدة السلطات الليبية في إخراج المرتزقة وسحب المقاتلين الأجانب من البلاد.
بيان مجلس الأمن، والذي جاء متناغمًا مع كلمات الوزراء الأوروبيين والغربيين، في الجلسة التي عقدت علانية الخميس، ستلقي بظلالها بلا شك، حول اجتماعات لجنة التوافقات الليبية، التي تعقد اجتماعاتها على مدار يومي الجمعة والسبت، بحسب محللين ليبيين استطلعت "العين الإخبارية" آراءهم.
تهديدات حقيقية
إلا أن تصريحاتهم تباينت، ففريق يشترط رحيل المرتزقة وتفكيك المليشيات كأساس لإجراء انتخابات حرة ونزيهة، وأخر يؤكد أن تلك العقوبات ستساهم في حلحلة الأزمة الحالية بعض الشيء، ولن تكون لها آثار قوية، كون بعض الأطراف الليبية المعرقلة، ليست لها حسابات في مصارف ليبيا، كما أنهم غير راغبين في السفر، وهي موطن العقوبات الدولية والتي تتركز حول تجميد الحسابات أو حظر السفر.
وكان وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان قال خلال كلمته أمام جلسة مجلس الأمن حول ليبيا الخميس، إن أي طرف في ليبيا يعرقل العملية السياسية يعرض نفسه للعقوبات الدولية، مشيرا إلى أن "هناك تهديدات حقيقية تلوح في الأفق في ليبيا ونعمل على إنهائها".
وأضاف لودريان: "ما زال البعض يعارض الجدول الزمني لخارطة الطريق في ليبيا وإجراء الانتخابات التي علينا عدم التراجع عن إجرائها والعمل للتغلب على التحديات التي تواجه الشعب الليبي".
توافق أمريكي بريطاني
إلى ذلك، يقول المحلل السياسي الليبي أيوب الأوجلي، في تصريحات لـ"العين الإخبارية"، إن تصريحات الدول العظمى خلال جلسة مجلس الأمن بشأن ليبيا كانت تؤكد على ضرورة إجراء الانتخابات في موعدها دون تأخير، إلا أن جلسة الخميس، كشفت توافق أمريكا وبريطانيا بخصوص هذا الملف الذي كان يشكل نقطة خلافية بين الدولتين.
وأوضح الأوجلي، أنه يبدو أنه ومع الموقف البريطاني الجديد الداعم للانتخابات فإن القوى العظمى عازمة على فرض عقوبات حقيقية على كل من يحاول عرقلة الانتخابات، معبرًا عن اعتقاده بأن هذه الرسالة الواضحة سيكون لها تأثير كبير على كافة الأطراف المعرقلة وسنرى أول تأثيراتها على لجنة التوافقات التي تعقد اليوم وغدًا، اجتماعًا بخصوص القاعدة الدستورية.
مكاسب فردية
وأشار إلى أن اتفاق الأطراف الخارجية حول الملف الليبي الذي يدار تحت تأثير الأطراف الدولية المتداخلة في الأزمة الليبية، سينعكس بشكل مباشر على الأطراف الداخلية.
وأكد المحلل السياسي الليبي، أن معرقلي العملية السياسية في الداخل لا يقفون علي أرض صلبة؛ فالعرقلة هدفها الأساسي جني مكاسب فردية باستخدام طرق ملتوية وتحالفات ودفع الرشاوى، ما يجعل تطبيق أي عقوبة دولية عليهم أمرا أكثر سهولة وبشكل قانوني.
تهديد كبير
وتوقع الأوجلي ألا يطبق المجتمع الدولي العقوبات قبل أن يرى نتائج تلويحه بها، فإذا لم يتغير الوضع على أرض الواقع، فإنه سيلجأ لتطبيقها بكل تأكيد وبشكل جدي، مشيرًا إلى أن الأزمة الليبية باتت تشكل تهديدا على المنطقة بأسرها، وهو ما يضع مجلس الأمن والأمم المتحدة أمام حتمية الدفع بعجلة حل الأزمة الليبية لا سيما مع المتغيرات السياسية التي تشهدها دول جوار ليبيا.
من جانبه، قال رئيس لجنة الأمن القومي في المؤتمر الوطني العام الليبي (المنتهية ولايته) الدكتور عبدالمنعم اليسير، في تصريحات لـ"العين الإخبارية"، إن العقوبات التي تلوح بها المجموعة الدولية والمتمثلة في المنع من السفر، وحظر الأموال والحسابات، لن يتأثر بها بعض الأطراف في ليبيا.
خطوة غير مفيدة
وأوضح اليسير، أن بعض الأطراف في ليبيا محل العقوبات، لن يتأثروا بمثل تلك الخطوة؛ فهم ليس لديهم حسابات، كون الأموال تصرف نقدا أو عن طريق غسيل الأموال، مشيرًا إلى أن أغلبهم –كذلك- لا يحتاج إلى السفر وإذا اضطروا فهم يغادرون لتركيا وهي ليست إشكالية.
وأشار إلى أنه إذا كان المجتمع الدولي جادًا في تصحيح أخطائه تجاه ليبيا، فعليه اتخاذ إجراءات جديدة، وأولها توقيع قرار "جريء"، يتضمن مشروعا لفك الميليشيات المسلحة وجمع السلاح بالتعاون مع جامعة الدول العربية والاتحاد الأفريقي.
قرار جريء
وأوضح المحلل الليبي، أن المشروع يعد فرصة ثمينة للجامعة تصحح من خلالها أخطاءها تجاه ليبيا، وسيساهم فنيا وعمليا في إعادة الاستقرار وإعادة السيادة للبلد الأفريقي، إلا أنه اشترط أن يكون ذلك المشروع مرتكزًا على قوى فنية وعربية وأفريقية لا غربية، فمهمتها ستكون مراقبة فك المليشيات المسلحة لا الدخول في حرب.
وأكد اليسير، أن الإشكالية تكمن فيما وصفه بـ"عدم جدية" المجتمع الدولي في اتخاذ هذه القرارات،
وأكد اليسير، أن التحول السياسي الديمقراطي في ليبيا يمكن تنفيذه، إلا أن المشكلة تكمن في الميليشيات التي تقدم خدماتها لمشروع الإسلام السياسي عبر فرض حالة من الفوضى يستفيد منها تنظيم الإخوان المسلمين للإبقاء على ليبيا كما هي، بدون الانتقال إلى مرحلة الاستقرار.
تصريحات جوفاء
المحلل السياسي الليبي كامل المرعاش، وافق اليسير في تصريحاته، مشيرًا إلى أن هذه التصريحات الأوروبية ليست جديدة، وهي جوفاء من أي محتوى، وعادة ما تطلق من هنا وهناك، دون تحديد آليات محددة لتطبيقها، أو الأطراف المستهدفة بها.
وأوضح المرعاش، في تصريحات لـ"العين الإخبارية"، أنه لقد بات من الواضح بأن تلك التصريحات لا ترقى إلى مستوى تحديات وأخطار استمرار الأزمة في ليبيا، مدللا على قوله، بعملية إيريني الأوروبية، والتي فشلت بشكل ذريع في منع وصول السلاح والمرتزقة إلى ليبيا، بل إنها وقفت متفرجة على ما وصفه بـ"عجرفة" تركيا واستمرارها في نقل آلاف المرتزقة السوريين، ومئات الأطنان من العتاد العسكري، والذي استطاعت من خلاله، السيطرة على 5 قواعد عسكرية في شمال شرق ليبيا، وأصبحت القوة الداعمة الأولي للميليشيات المحلية هناك.
وأكد المحلل السياسي الليبي، أن تواجد القوات التركية والمرتزقة السوريين، يعد من أكبر العراقيل لتنظيم الانتخابات الرئاسية والتشريعية، متسائلا: هل ستفرض أوروبا عقوبات حقيقية على تركيا، تجبرها على ترحيل جنودها ومرتزقتها من ليبيا؟!
وأشار إلى أن الأوروبيين ليسوا جادين في الكشف عن معرقلي الانتخابات من الأطراف المحلية، ورغم ذلك إلا أن هناك أعضاء بملتقى الحوار الليبي، عارضوا بقوة تنظيم الانتخابات، ورفضوا ذلك علنا، دون أن تمسسهم أية عقوبات أوروبية، مشيرًا إلى أن تصريحات ممثلي القارة العجوز ليست فقط تفتقد آليات التطبيق، لكنها غير ذات مصداقية.
تحذير أوروبي
المحلل السياسي الليبي محمد يسري، قال في تصريحات لـ"العين الإخبارية"، إن ما حدث في جلسة مجلس الأمن هو بمثابة تحذير ليس فقط للتيارات السياسية بل حتى للدول التي تتدخل في الشأن الليبي محاولة إطالة أمد الأزمة.
وأشار المحلل السياسي الليبي إلى أن رغبة المجتمع الدولي في فرض عقوبات على معرقلي انتخابات ليبيا، جاءت بعد أن استفحل الحل منذ عدة سنوات أن يكون ليبيًا – ليبيًا.
وأوضح يسري، أن ما حدث طيلة السنوات الماضية لم يضر بالداخل الليبي فقط بل امتد إلى مصالح دول أخرى على المستوى الإقليمي والدولي، واستفادت منه أطراف خارجية أخرى ولا زالت مستفيدة من التخبط الحاصل في السياسة الليبية مثل تركيا التى تحاول بقدر الإمكان إطالة أمد الصراع في ليبيا.
مشروع استعماري
وأكد المحلل السياسي، أن الأمر في ليبيا كان يتجه نحو مشروع استعماري تركي، لذلك سارع المجتمع الدولي لحماية مصالحه، باتخاذ حلول سريعة، ضمنت تشكيل حكومة ومجلس رئاسي، فيما يسعى الآن لتتويج الخطة الأممية بإجراء انتخابات ديسمبر.
وأشار إلى أن إصرار المجتمع الدولي وتوافق الرؤى حول إنهاء الأزمة الليبية، بمثابة عصا وسيف مسلط يستطيع قطع أي أذرع تحاول المساس بما تم إقراره في خارطة الطريق، مؤكدًا أن المجتمع الدولي والولايات المتحدة الأمريكية قالت كلمتها بشأن ليبيا، فلن يكون هناك طريق آخر غير الانتخابات.
aXA6IDMuMTQuMTMyLjQzIA== جزيرة ام اند امز