حكومة لبنان المرتقبة.. محاصصة بقناع "تكنوقراطي" بين حلفاء حزب الله
التشكيل الجديد للحكومة، المتوقع أن يخرج للنور مع بداية العام الجديد يضم 18 وزيرا بينهم 4 وزراء للتيار الوطني الحر وحركة أمل
توقعت كتل نيابية لبنانية مؤثرة وخبراء أن تكون الحكومة الجديدة المرتقبة برئاسة حسان دياب ظاهرها تكنوقراط وباطنها حزبي، في خطوة يرجح أن تثير غضب الشارع المحتقن أصلا.
كما رجحوا أن يضم التشكيل الجديد للحكومة، والمتوقع أن يخرج للنور مع بداية العام الجديد، 18 وزيرا، بينهم 4 وزراء للتيار الوطني الحر وحركة أمل (حليفان لمليشيا حزب الله)، تتمثل في حقائب الدفاع والداخلية والخارجية والمالية، مشيرين إلى أن العقدة الاساسية تتمثل في رفض أي شخصية سنية معروفة الدخول إلى الحكومة الجديدة.
ويتمسك المحتجون في لبنان منذ منتصف أكتوبر/تشرين الأول الماضي بتشكيل حكومة تكنوقراط بعد أن أعبروا عن فقدانهم الثقة في الطبقة السياسية في البلاد.
وتجاوبا من سعد الحريري، رئيس الحكومة السابقة وزعيم تيار المستقبل، مع مطالب المتظاهرين تقدم باستقالته ورفض منح الغطاء السياسي لحكومة لا تستجيب لمطالب جمهور الغاضبين في البلد الذي يعاني من الفساد ويواجه أزمة اقتصادية عميقة.
ويأتي ذلك فيما استقبل الرئيس ميشال عون، في قصر بعبدا أمس الأول رئيس الحكومة المكلف والمدعوم من حزب الله، واطلع منه على آخر المستجدات المتعلقة بعملية تأليف الحكومة، وغادر دياب من دون الأدلاء بأي تصريح.
مسار الأمور غير مطمئن
ووسط هذه الأجواء، شارك حزب الكتائب اللبنانية المخاوف بشأن الحكومة المرتقبة برئاسة دياب والتعاطي الدولي والعربي معها.
وقال الدكتور سليم الصايغ، نائب رئيس حزب الكتائب اللبنانية وهو وزير سابق، في تصريحات لـ"العين الإخبارية": "نحن غير مطمئنين أبدا لمسار الأمور، لأن طريقة العمل تدل على طريقة عهدناها من محاصصة بين من أتوا به رئيسا مكلفا للتأليف".
ورأى الصايغ أن "السؤال المطروح هو من البديل؟ بينما السؤال الذي يجب أن يطرح هو ما البديل؟"، متابعا: نحن كدعاة للتغيير نعتبر أن هناك 3 عناوين رئيسية كمطالب للتغيير، وهى تشكيل حكومة اختصاصيين مستقلين، وإجراء إصلاحات واستعادة الأموال المنهوبة، وإجراء انتخابات نيابية مبكرة".
وبشأن ما تردد عن توقيت إعلان تشكيل الحكومة الجديدة، قال الوزير السابق: "لا شيء مؤكد حتى الآن، والعقدة الأساسية تتمثل في رفض أي شخصية سنية معروفة الدخول إلى الحكومة؛ فالطائفة السنية بثائريها وبأحزابها رافضة لما يحدث".
ووفقا للمعلومات المتاحة لديه والمعطيات الحالية بشأن الحكومة المرتقبة، رجح المحلل السياسي خالد ممتاز، في تصريح لـ"العين الإخبارية"، أن تضم الحكومة الجديدة 18 وزيرا، من شخصيات قريبة من الكتل النيابية الذين قاموا بتسمية دياب في الاستشارات النيابية الملزمة، وأبرزهم التيار الوطني الحر الذي يترأسه جبران باسيل وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال، والثنائي الشيعي حزب الله وحركة أمل.
وقال ممتاز: "الوجوه في الوزارة الجديدة قد تكون مستقلة نوعا ما لكن الوزارات السيادية الـ4 وهى الدفاع والمالية والخارحية والداخلية بحسب ما هو متاح من معلومات ستكون موزعة بين التيار الوطني الحر وحركة أمل برئاسة نبيه بري (رئيس مجلس النواب)، بحيث يتم اسناد حقيبة المالية للأخيرة، والدفاع والداخلية والخارجية لتيار باسيل".
ولم يستبعد ممتاز عودة جميل جبق وزير الصحة التابع لحزب الله في التشكيل الجديد، مشيرا إلى أن الحكومة ستكون ظاهرها خبراء اختصاصيين، لكنها في حقيقة الأمر "سياسية من لون واحد وسوف يجري تسويقها على أنها تكنوسياسية" وأبرز التحديات التي تواجه تشكيلها هو رفض الشخصيات السنية تولي مناصب بها.
وحول نيل حكومة دياب الثقة في مجلس النواب، توقع أن تنال الحكومة حال تشكيلها ثقة ما بين 69 و 72 نائبا، لكن المشكلة الحقيقية ستكون في ثقة الشارع المنتفض، والمجتمع الدولي والدول العربية.
الوضع سيزداد تدهورا
من جانبه، قال سمير جعجع رئيس حزب "القوات اللبنانية" خلال كلمة له من المقر العام للحزب في معراب (شمالي غرب بيروت): "إن الخطوة الأولى التي يجب أن نقوم بها هي إعادة الثقة التي لا يمكن أن تتم عبر إعادة القوى نفسها ولو مقنعة إلى الحكومة، لأن هذا يعني أننا نراوح مكاننا والوضع سيزداد تدهورا".
وأكد أنه ليس جيداً أن يقوم مسؤولون كبار بذرّ الرماد في عيون الناس، حيث أن هناك من يدعي أنه ليس مسؤولا عما آلت إليه الأوضاع، معتبرا أنها نتيجة تراكم لعشرات السنوات.
وتابع القول: "علينا الإتيان بأشخاص مستقلين، كي لا يقوم أي أحد بإجراء تماه بينهم وبين القوى السياسية التي كانت موجودة، لأنه في هذا الوضع ستفقد الثقة بشكل فوري، وأي محاولة للتحايل على الأزمة لن تعطي أي نتيجة".
وأردف جعجع: " لا نزال نسمع حتى هذه اللحظة أنه في الحكومة العتيدة، فلان يريد وزارة الطاقة، وآخر يريد وزارة المالية، وكل وزارة يريدها طرف معين ويبحثون عن كيفية اقتسام الاختصاصيين في ما بينهم، الأمر الذي سيبقينا مكاننا لأن الاختصاصيين ليسوا زينة، فنحن بحاجة إليهم فعلا".
وأشار إلى أن "للبنان أصدقاء كثر في الخارج مستعدون لمساعدته شرط أن يروا شيئا يحضهم على ذلك، أما إذا ما رأوا أن الأوضاع مستمرة كما جرت العادة وعلى ما كانت عليه سابقا، فمن المؤكد لن يساعدنا أحد، وهنا يأتي السؤال على أي أساس نشكل هذه الحكومة؟".
"المستقبل" ينتقل إلى المعارضة
وبدوره، قال عضو كتلة المستقبل النيابية محمد الحجار إن التيار يراقب ما يحدث على صعيد تأليف الحكومة، والمؤشرات الأولية توحي بأننا سننتقل إلى المعارضة ضمن الأطر الديمقراطية السلمية"، مضيفا "سنبقى إلى جانب الرئيس سعد الحريري اليوم أكثر من أي وقت مضى، ونحن واثقون به وبكل قراراته".
وفي الوقت الذي أعرب فيه عن أمنيته في نجاح الرئيس المكلف وفريقه في إنقاذ البلاد، قال الحجار إن "شكوك كبيرة تلوح في الأفق بفعل ما يسرب من أسماء تطرح للتوزير ظاهرها أخصائي وباطنها حزبي ملتزم لن تحوز ثقة الناس، ولا ثقة المجتمع الدولي الذي يراقب ويتابع مجريات ما يحصل عندنا".
وحذر الحجار خلال كلمته بـ"المنبر الشهري" الذي عقدته منسقية جبل لبنان الجنوب بـ"تيار المستقبل" أمس من أنه يجب أن يكون هناك حكومة في لبنان وإلا سنكون أمام الانهيار الكامل، وعلى من يؤلف هذه الحكومة أن يتحمل المسؤولية.
وكان سعد الحريري رئيس حكومة تصريف الأعمال قد اعتبر ، الثلاثاء الماضي، الحكومة المقبلة حكومة جبران باسيل، وزير الخارجية، معلنا بذلك سقوط التسوية الرئاسية بشكل نهائي بعد رفضه المشاركة في أي حكومة يشارك فيها باسيل بعد الآن.
في المقابل، دافع الرئيس عون عن صهره، رافضا اتهامه بتشكيل الحكومة لكنه قال إنه يحق له ذلك لأنه يرأس أكبر كتلة نيابية، وهو الأمر الذي لاقى بدوره رفضا من نواب "المستقبل"، مؤكدين مخالفته للدستور.
وتم تكليف حسان دياب بتشكيل حكومة جديدة في 19 من الشهر الجاري بعد استشارات نيابية ملزمة أجراها رئيس الجمهورية مع النواب، وحاز الرئيس المكلف 69 صوتاً من أصوات النواب، وامتنع خلالها 42 نائباً عن تسمية أحد لتشكيل الحكومة، من بينهم كتلة المستقبل برئاسة الحريري.
واستقال الحريري وحكومته في 29 أكتوبر/تشرين الأول الماضي "تجاوباً مع إرادة الكثير من اللبنانيين الذين نزلوا إلى الساحات ليطالبوا بالتغيير، والتزاماً بضرورة تأمين شبكة أمان تحمي البلد في هذه اللحظة التاريخية.
ويشهد لبنان منذ 17 أكتوبر/تشرين الأول الماضي احتجاجات للمطالبة بتشكيل حكومة إنقاذ من التكنوقراط وإجراء انتخابات نيابية مبكرة، ومعالجة الأوضاع الاقتصادية واسترداد الأموال المنهوبة ومحاسبة الفاسدين، ويؤكد المحتجون استمرار تحركهم حتى تحقيق المطالب.
aXA6IDMuMTQ0LjYuMjkg جزيرة ام اند امز