معدل "مخيف" لخفض الوظائف في أكبر بنوك وول ستريت
تواجه بنوك وول ستريت أسوأ سوق للتوظيف منذ الأزمة المالية، حيث يتجه تخفيض الوظائف هذا العام إلى تجاوز مستوى 11000 وظيفة.
وأصبح مصرف سيتي غروب أحدث بنك أمريكي كبير يعلن عن تخفيضات كبيرة في الوظائف، حيث أخبر المستثمرين أنه يخطط إلي خفض نحو 5000 وظيفة مع نهاية الربع الثاني، معظمها في الخدمات المصرفية الاستثمارية والتداول. وجاء ذلك في أعقاب التخفيضات التي أثرت على آلاف المصرفيين في غولدمان ساكس ومورغان ستانلي، وذلك وفقا لتقرير نشرته صحيفة فايننشال تايمز.
ويأتي خفض الوظائف في الوقت الذي يحاول فيه المسؤولون التنفيذيون التخلص من موجة تعاقدات بدأت مع انتعاش الاقتصاد في أعقاب كوفيد حيث زادت المصارف بشكل كبير من عدد موظفيها للتعامل مع ازدهار الصفقات والتداول في وقت كان العمل من المنزل من ضمن الأمور الطبيعية في ذلك الوقت لممارسة الأعمال التجارية.
ويشير ماكس كيمنيتسر، مدير إدارة الخدمات المصرفية والمالية في شركة التوظيف مايكل بيغ إلى "أن هذا ربما يكون أحد أكثر التحديات التي تواجه أسواق العمل منذ الأزمة المالية عام 2008".
ودفعت تحديات سوق العمل أثناء وبعد وباء كوفيد الشركات والمصارف إلى تقديم مدفوعات سخية للموظفين الحاليين وسط مخاوف من أنهم قد يخسرون هؤلاء في "تنافس شرس على المواهب".
882 ألف وظيفة على مستوى العالم
ووصل عدد الموظفين في المصارف الخمسة الكبرى في أمريكا وهي جي بي مورغان ، وبنك أوف أمريكا غ، ومورغان ستانلي، وغولدمان مان ساكس، وسيتي غروب- مجتمعة في نهاية الربع الأول رقمًا قياسيًا بلغ 882 ألف وظيفة على مستوى العالم، دون تغيير تقريبًا مقارنة من الربع الأخير بنهاية العام الماضي 2022 وزيادة قدرها أكثر من 100 ألف موظف مقارنة بنهاية مارس/آذار 2020.
ويعد المصرف الوحيد الذي أبلغ عن تخفيض كبير في عدد الموظفين في الأشهر الثلاثة الأولى من العام كان بنك غولدمان مان ساكس ، حيث انخفض عدد الموظفين بنسبة 6.4٪ ليصل إجمالي العدد إلى 45400 موظف، وهو التراجع الأكبر منذ سنوات.
في المقابل، قفز التوظيف في صناعة الأوراق المالية في نيويورك بنسبة 6٪ خلال العام الماضي، وهي أكبر زيادة في 20 عامًا على الأقل، وفقًا لبيانات تم تجميعها من إدارة ولاية نيويورك..
وتشير غين برانثوفر، رئيسة قطاع توظيف الخدمات المالية في شركة الأبحاث دي إتش آر: "في العام الماضي، كان التوظيف غير مسبوقا، ليس فقط لأداء مهام محددة بل يتم توظيف أفضل المواهب على أن يقوم أصحاب الأعمال بالاحتفاظ بهم لوقت لاحق".
وقالت برانثوفر إن هذا الاتجاه قد انعكس هذا العام حيث كان في السابق خفض عدد الوظائف ضمن حالات فردية، لكن الآن يتم إخبار المديرين أنه يجب أن يكون هناك سبب محدد للغاية للقيام بالتوظيف.
ويكافح حاليا المديرون التنفيذيون من أجل خفض العدد الإجمالي للموظفين جزئيًا لأن الموظفين يغادرون بوتيرة أبطأ وسط تراجع الطلب على التعيينات الجديدة ليس فقط من البنوك ولكن أيضًا من شركات ومصارف إدارة الأصول وشركات التكنولوجيا الكبيرة، وفقًا لكبار المصرفيين.
بنك أوف أمريكا وإلغاء ٤ آلاف وظيفة
ويختبر تلك الأزمة "بنك أوف أمريكا"، الذي حاول تجنب تسريح الموظفين ولكنه الآن يسعى لإلغاء 4000 وظيفة. وقال الرئيس التنفيذي للبنك براين موينيهان لشبكة سي بي إس نيوز هذا الشهر: "نحن لا نقوم بتسريح العمال". "نحاول القيام بذلك عن طريق الاستنزاف، ولكن حتى الاستنزاف تباطأ إلى نصف ما كان عليه العام الماضي."
وبدأ نشاط الصفقات في التباطؤ في عام 2022 حيث بدأ مجلس الاحتياطي الفيدرالي في رفع أسعار الفائدة لمعالجة التضخم، وفشل الانتعاش المأمول هذا العام في أن يتحقق كما انخفضت رسوم الخدمات المصرفية الاستثمارية العالمية بنحو 16٪ لتصل إلى 43.7 مليار دولار خلال العام الحالي ، وفقًا لبيانات شركة الأبحاث رفينيتيف.
خطط المصارف
وقال ديفيد سولومون الرئيس التنفيذي لمصرف غولدمان مان ساكس، في تصريحات أخيرة إن "الفرصة المتاحة لتطوير أعمال المصرف قد تقلصت ولذلك يجب على المصرف إجراء التعديلات المناسبة"
وخفض مصرف غولدمان مان ساكس قرابة 6 ٪ من قوته العاملة في يناير/كانون الثاني، ويستهدف الآن الاستغناء عما يقرب من 250 مديرًا إداريًا.
وذكرت صحيفة فايننشال تايمز الشهر الماضي أن بنك غولدمان ساكس يدرس أيضًا خفض عدد الموظفين الذين يعتبر أداءهم ضعيفًا في سبتمبر/أيلول، وهي عملية استؤنفت في عام 2022 بعد توقف مؤقت أثناء الوباء.
ورغم ذلك، قال الرئيس التنفيذي لمورغان ستانلي غيمس غورمان قبل أيام إنه من غير المرجح أن يسعى إلى مزيد من التخفيضات على نطاق واسع في الوظائف في المستقبل القريب.
وذكرت وكالة بلومبرغ هذا الأسبوع أن شركة بيريلا واينبرغ تخطط أيضا إلى خفض 7٪ من عدد موظفيها واستبدالهم بتعيين لمواهب جديدة.
ويعد الربيع هو تقليديا موسم التوظيف في وول ستريت. ويتلقى المصرفيون مكافآتهم السنوية في فبراير/شباط ويبدأون في البحث عن فرص جديدة في مارس/آذار، مع انتهاء معظم التحركات بنهاية يونيو/حزيران.
لكن هذا العام تعطل النمط الطبيعي، ليس فقط بسبب انخفاض الطلب ولكن أيضًا بسبب الأزمة المصرفية الإقليمية الأخيرة في الولايات المتحدة.
وقال مايك كارب، مسؤول التوظيف البارز الذي يرأس شركة أوبشنز غروب في وول ستريت: "كان التوظيف في وول ستريت بطيئًا بالفعل بسبب تراجع حجم الصفقات" والأزمة المصرفية وهناك خطر زيادة متطلبات رأس المال التي تؤثر على خطط التوظيف أيضًا."