واشنطن تتحرك لتعزيز هيمنة الدولار في مواجهة التحدي الصيني
تتحرك الإدارة الأمريكية بقيادة الرئيس دونالد ترامب لتعزيز مكانة الدولار على الساحة الدولية، عبر تشجيع مزيد من الدول على تبنيه كعملة رئيسية. وتعكس هذه الخطوة ردا مباشرا على الجهود التي تقودها الصين لتقليص هيمنة العملة الأمريكية في المعاملات العالمية.
وكشفت صحيفة فايننشال تايمز أن مسؤولين من البيت الأبيض ووزارة الخزانة عقدوا خلال الصيف الماضي اجتماعات مع الخبير الاقتصادي ستيف هانكي، أستاذ جامعة "جونز هوبكنز" وأحد أبرز المتخصصين في قضايا «الدولرة»، لمناقشة سبل تطبيق هذه السياسة على نطاق أوسع.
وقال هانكي إن الإدارة "تتعامل مع الفكرة بجدية بالغة، لكنها لا تزال في مرحلة الدراسة دون قرارات نهائية".
وتأتي هذه التحركات في ظل انشغال واشنطن بأزمة الأسواق الأرجنتينية، إذ يرى بعض صناع القرار أن الأرجنتين تمثل نموذجاً مثالياً لاعتماد الدولار، بسبب فقدان الثقة المستمر في عملتها المحلية، رغم نفي حكومتي البلدين وجود خطة رسمية في هذا الاتجاه.
لكن اهتمام الإدارة الأمريكية بالدولرة لا ينفصل عن قلقها من الحملة التي تقودها بكين لحثّ الأسواق الناشئة على تقليل استخدام الدولار في التسويات التجارية.
وأشار هانكي إلى أن شخصية سياسية بارزة من البيت الأبيض أكدت له في أغسطس/آب الماضي أن هناك "تياراً نافذاً داخل الإدارة يسعى لتعزيز الدور الدولي للدولار"، وأن هذه الجهود تتقاطع مع مشروع التوسع في استخدام العملات الرقمية المستقرة المدعومة بالدولار.
وأكد المتحدث باسم البيت الأبيض كوش ديساي أن الرئيس ترامب "ملتزم بالحفاظ على قوة الدولار"، موضحاً أن الاجتماعات مع الخبراء تأتي في إطار "استطلاع الآراء حول أولويات وطنية"، ولا تعكس بالضرورة سياسة رسمية حتى الآن.
وتشمل قائمة الدول المرشحة لاعتماد الدولار اقتصادات تعاني من اضطرابات نقدية حادة ونقص في الاحتياطيات الأجنبية.
ويُذكر أن الأرجنتين كانت قد ربطت عملتها بالدولار بين عامي 1991 و2002، قبل انهيار ذلك النظام إثر أزمة الديون الشهيرة عام 2001.
ويحظى مشروع الدولرة بدعم جزئي داخل الأوساط الاقتصادية الأرجنتينية، إذ كان أحد الوعود الانتخابية للرئيس الليبرتاري خافيير ميلي، رغم أن وزير الاقتصاد لويس كابوتو استبعد تطبيقه في المدى القصير لعدم توافر احتياطيات كافية من الدولار. أما صندوق النقد الدولي فيرى أن الدولرة قد تحدّ من النمو، لأنها تربط الاقتصاد بسياسات مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي.
ويرى مراقبون أن اهتمام واشنطن بتوسيع دائرة الدولرة يعكس استراتيجية أوسع لمواجهة محاولات الصين وروسيا تعزيز التعامل باليوان والعملات الإقليمية في التبادلات التجارية. ومع تزايد الضغوط على الاقتصادات النامية، تراهن الإدارة الأمريكية على أن استمرار اضطرابات العملات المحلية سيدفع بعض الدول إلى تبني الدولار كحل استقراري طويل الأمد.
وبينما تستعيد الأسواق الأرجنتينية بعض التوازن بعد فوز حكومة ميلي في الانتخابات التشريعية، لا يزال احتمال اعتماد الدولار رسمياً مستبعداً في المدى القريب، لكن النقاش الدائر حول “مستقبل الهيمنة النقدية” يكشف عن سعي واشنطن لإعادة رسم خريطة النفوذ المالي العالمي لصالحها في مواجهة خصومها.
aXA6IDIxNi43My4yMTYuMTYxIA== جزيرة ام اند امز