في كل سبتمبر طوال عقدين ماضيين تفتح أمريكا صفحات ذكرى الهجمات الإرهابية، التي راح ضحيتها آلاف الأبرياء.
جاء ذلك إثر هجوم شهدته نيويورك عندما استهدفت طائرات مدنية، اختطفها إرهابيون، برجَي التجارة العالمي ومقرا للبنتاجون.
يتذكر العالم كيف استطاع الإرهاب الوصول إلى هذه المرحلة، التي حوّلته إلى اتجاه مختلف، وجنّدت الدول كل إمكانياتها من أجل الوقوف بجانب أمريكا في حربها ضد الإرهاب.
الجميع يحزن لهذه الهجمات، ولكن هناك جانب مظلم عجزت سيناريوهات الكذب لدى أصحاب المصالح عن تجاوزه، هذا الجانب يتمثل في محاولات مستمرة منذ عقدين للبحث عمّن يمكن اتهامه بتنفيذ هذه الهجمات.
ادعاءات دائمة بلا أدلة كانت تحاول المساس بالمملكة العربية السعودية وتورطها في هذه الهجمات، رغم أن محكمة منهاتن -حيث وقعت هجمات 11 سبتمبر- رفضت في عام 2018 اتهام السعودية في الأحداث ونفت علاقة المملكة بالأمر تماما، حيث أعلن القاضي جورج دانيلز، في محكمة مانهاتن بولاية نيويورك الأمريكية، "أن كل ما يزعمه الخصوم ضد السعودية لا يرتقي لاعتباره أدلة، ولا يمكن الاعتماد على قصص وشائعات يتناقلها الناس أو تحاول أن تروج لها مافيا التعويضات".
الجميع أصبح مدركاً تحول قضية اتهام المملكة سنويا في أحداث سبتمبر إلى قصة مملة يثيرها مَن يحاولون إثبات روايات خيالية بحثا عن مصلحة أو تعويض.
ما يقلق صناع قصص سبتمبر وموزعي الاتهامات أنه على مدى عقدين لم ترفض السعودية أو تتخوف من أي إفراج عن تقارير سبتمبر "السرية"، بل ترحب برفع تلك السرية عن هذه التقارير.
ما تكشَّف خلال عشرين عاما مضت أثبت أن السعودية ليس لها أي ارتباط بهذه الهجمات، وفي الجانب الأهم تدرك السعودية علاقاتها الاستراتيجية مع أمريكا، كما تدرك أمريكا حجم التعاون الذي قدمته السعودية في الحرب الدولية على الإرهاب، وإذا كان هناك من فشل لدى الإدارة الأمريكية الحالية فيما يتعلق بالانسحاب من أفغانستان، التي انطلق منها تنظيم "القاعدة" الإرهابي من قبل ليهاجم أمريكا عام 2001، فيجب ألا يتحول ذلك إلى اتجاه سياسي يبحث عن ذرائع واهية.
سيكون من المخجل أمام العالم والشعب الأمريكي أن تكون السيناريوهات السنوية لذكرى 11 سبتمبر هي البحث عن وثائق يتم الادعاء بأنها "سرية ويجب كشفها" دون أن تكون ذات قيمة أو أثر في الحصول على أدلة تكشف الحقائق.
العالم كله يدرك مَن يقف خلف هجمات سبتمبر، وكيف استطاع الإرهاب أن يصل إلى أمريكا بهذه الطريقة.
أمريكا، وبعد تجربتها في أفغانستان، عليها أن تغير سياستها، وأن تدرك أن الزمن أصبح قريبا من تجاوزها مع ظهور قوى دولية تفكر بطرق مختلفة وتسعى إلى تحقيق الاستقرار الدولي، وإلى بناء نظام عالمي مشترك بين الجميع.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة