بابا الفاتيكان يقيم قداسا حاشدا في ختام زيارة تاريخية لمصر
البابا فرنسيس يختم زيارته الأولى لمصر وسط ترحيب واسع بعدما أعرب عن تضامنه مع مصر وأزهرها وكنائسها ضد الإرهاب.
يحيي البابا فرنسيس بابا الفاتيكان، السبت، قداسا للكاثوليك المصريين في ختام زيارته لمصر التي استغرقت يومين، ودعا خلالها كل الديانات إلى التسامح ورفض العنف.
وسيلقي رأس الكنيسة التي يتبعها 1.3 مليار نسمة عظة في القداس الذي يقام في استاد الدفاع الجوي في القاهرة باللغتين العربية واللاتينية أمام جمع من أبناء الكنائس القبطية والأرمينية والمارونية والروم الكاثوليك.
ويوجد في مصر عدد صغير من الكاثوليك يبلغ 270 ألفا، أي 0,3% من الشعب المصري، ويعود وجودها في مصر إلى القرن الخامس الميلادي.
ووصل البابا إلى الاستاد راكبًا سيارة صغيرة مكشوفة، وسط حضور حاشد، واستقبله مجموعة من الفتيات الصغيرات يرتدين الزي المصري التقليدي "الفرعوني"، ولوح له الجمهور بأعلام مصر والفاتيكان.
وأشاد بطريرك الأقباط الكاثوليك إبراهيم إسحق بالدعم "المعنوي والروحي" الذي يقدمه الحبر الأعظم بزيارته لمصر في وقت يستهدف الإرهاب الكنائس المصرية، ضمن أهداف عدة له تتركز على رجال الشرطة والجيش والقضاء والكنائس.
وبعد غداء مع أساقفة مصريين، سيلتقي البابا فرنسيس كهنة المستقبل الذين يدرسون في معهد ديني للأقباط الكاثوليك في جنوب القاهرة.
وكان البابا فرانسيس شارك مساء الجمعة مع بابا الأقباط تواضروس الثاني في صلاة مسكونية في الكنيسة البطرسية بالقاهرة التي استهدفها تفجير انتحاري أوقع 29 قتيلا في ديسمبر/كانون الأول الماضي.
وفي كلمة قصيرة في الكاتدرائية المرقسية قبيل هذه الصلاة، أعرب البابا فرنسيس عن تضامنه مع ضحايا التفجيرات قائلا: "أريقت للأسف مؤخرا دماء بريئة لمصلين عزل وبقسوة ...آلامكم هي أيضا آلامنا. دماؤهم الزكية توحدنا".
كما وقع البابا فرنسيس والبابا تواضروس الثاني وثيقة "إخاء وصداقة" تشير إلى التراث المسيحي المشترك على الرغم من الخلافات التي أدت إلى تباعد الكنيسة الكاثوليكية عن الكنائس الأرثوذكسية الشرقية.
وشددت الوثيقة على أن "أواصر الصداقة والأخوّة العميقة، التي تربطنا، تجد جذورها في الشركة التامّة التي جمعت كنائسَنا في القرون الأولى".
وتضمنت دعوة إلى الوفاق بين المسلمين والمسيحيين في العالم. وأكدت "أننا نسعى جاهدين إلى الصفاء والوئام عبر التعايش السلميّ بين المسيحيّين والمسلمين".
وأطلقت الوثيقة الحريات الدينية بلا شروط قائلة: "لكلّ أعضاء المجتمع الحقّ والواجب بالمشاركة الكاملة في حياة الأمة، متمتعين بالمواطَنة والتعاون الكاملين والمتساويين في بِنَاء وطنهم. فالحرّية الدينيّة، التي تتضمّن حريّة الضمير، المتجذّرة في كرامة الشخص، هي حجر الأساس لباقي الحرّيات. إنّها حقّ مقدّس وغير قابل للمساومة".
وفي هذا السياق، قال البابا فرنسيس خلال لقاء مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في حضور العديد من المسؤولين إن مصر مدعوة إلى إثبات أن "الدين لله والوطن للجميع" مستعيرا شعارا سياسيا شهيرا في مصر ظهر في مصر في ثورة 1919 للتعبير عن تلاحم المصريين مسلمين ومسيحيين أمام الاحتلال الإنجليزي.
وفي كلمة ألقاها الجمعة في مؤتمر الأزهر العالمي للسلام الذي عقد في مشيخة الأزهر أبدى بابا الفاتيكان أسفه على "تصعيد الأشكال الغوغائية للشعبوية" في إشارة محتملة للأحزاب اليمينية التي انتعشت في أوروبا في السنوات الأخيرة، والتي تدعو للحد من تدفق المهاجرين والأجانب على البلاد، وتدعو لحماية الهوية الوطنية.
واعتبر بابا الفاتيكان أن دور مصر في استقبال اللاجئين من جميع أنحاء العالم جعل العالم على يقين من أن مصر بالفعل "أم الدنيا"، في إشارة إلى دعوته لها لاستقبال مزيد من اللاجئين، خاصة مع مساعي دول كثيرة في العالم لإغلاق الأبواب في وجوههم، ومن بينهم إيطاليا التي يوجد بها الفاتيكان.
وبمصر أكبر عدد من المسيحيين في الشرق الأوسط، وأغلبيتهم من الأرثوذكس، ويمثلون 10% من السكان البالغ عددهم 92 مليونا.
ومن المقرر أن يغادر البابا فرنسيس مصر عصراً في ختام زيارة مدتها 27 ساعة أحيطت بتدابير أمنية شديدة.
وهي ثاني زيارة لحبر أعظم إلى مصر بعد 17 عاما على زيارة البابا يوحنا بولس الثاني.