بابا الفاتيكان في العراق.. حكاية 3 كنائس اختارها للصلاة
يزخر العراق بعشرات الكنائس والكاتدرائيات، لكن بابا الفاتيكان اختار 3 منها تتبع أكبر طائفتين في الدولة للصلاة فيها خلال زيارته.
ومن المقرر أن تطأ قدما قداسة البابا فرنسيس، بابا الكنيسة الكاثوليكية، العاصمة بغداد، الجمعة، في أول زيارة رسمية لحبر أعظم للعراق في تاريخ الفاتيكان، على أن تستمر حتى الإثنين 8 مارس/آذار.
الأماكن التي اختارها بابا الفاتيكان للصلاة خلال زيارته لثاني دولة عربية في عامين بعدما زار العاصمة الإماراتية أبوظبي في 2019، هي "سيّدة النجاة" للسريان الكاثوليك في بغداد، و"الطاهرة الكبرى" للسريان الكاثوليك في الموصل, أما الكاتدرائية التي ستشهد إقامة القداس الإلهي الضخم، يوم السبت 6 مارس، فهي "مار يوسف" للكلدان في العاصمة بغداد.
سبب اختيار بابا الفاتيكان لهذه الأماكن للصلاة لم يعلن رسميا، لكن بالاطلاع على قصة كل منها تجد أنها ملمح بارز في تاريخ كل طائفة، بل إن اثنتين منها تعرضتا للتدمير على يد تنظيم داعش الإرهابي قبل سنوات.
كنيسة سيدة النجاة
"سيدة النجاة" كاتدرائية للسريان الكاثوليك كائنة في حي الكرادة ببغداد، تشتهر بصليبها الكبير الذي يمكن ملاحظته من جميع أرجاء الحي العراقي.
وشيدت الكاتدرائية، التي تعد واحدة من أكبر دور العبادة الكاثوليكية في بغداد وتضم كنيسة كبيرة وتعرف محلياً باسم "أم الطاق"، في عام 1968، وأعيد ترميمها بعد تفجير ضخم شهدته خلال الألفية الحالية عرف باسم "مجزرة سيدة النجاة".
في 31 أكتوبر عام 2010، تعرضت "سيدة النجاة" لتفجير ضخم بسيارة مفخخة تابعة لتنظيم داعش الإرهابي، بمشاركة مسلحين فجروا أنفسهم أثناء أداء قداس الأحد، بعد احتجاز العشرات من المصلين المسيحيين.
وشهدت عملية تحرير الرهائن المحتجزين داخل الكنيسة حمام دم، إذ قتل نحو 52 عراقياً، بينهم كاهنان ورهائن وعناصر من قوات الأمن العراقية، فضلا عن جرح المئات.
ورغم أن كنيسة سيدة النجاة احتضنت مراسم دينية عدة منذ الهجوم الإرهابي، فإنها افتتحت رسمياً 14 ديسمبر/كانون الأول 2012.
أول المراسم الدينية أقيمت في الكنيسة التاريخية بعد سنتين من الاقتحام الدامي لها، بمشاركة نحو 200 عراقي أدوا قداس عيد الميلاد في حماية قوات الأمن.
تأتي زيارة قداسة البابا فرنسيس لكنيسة السريان الكاثوليك في بغداد بعد 11 عاما على إدانة بابا الفاتيكان، آنذاك، بنديكتوس السادس عشر تفجير "سيدة النجاة" وما سماه "العنف العبثي والوحشي ضد أشخاص عزل في العراق"، معبرا عن تضامنه مع الطائفة المسيحية.
وبعد التفجير، صلى البابا في ساحة القديس بطرس في الفاتيكان "من أجل ضحايا العنف العبثي الذي استهدف أشخاصا عزلا مجتمعين في بيت الله الذي هو بيت محبة وتسامح".
كاتدرائيّة مار يوسف
تستعد كاتدرائيّة "مار يوسف" للكلدان في بغداد لإقامة بابا الفاتيكان قداسا إلهيا ضخما داخل جدرانها، في ثاني أيام زيارته الرسمية للعراق.
جرى بناء كاتدرائية "مار يوسف" تلبية لاحتياجات المجتمع الكلداني في بغداد، الذي غادر في خمسينيات القرن الماضي حي عقد النصارى، حيث كانت كاتدرائية "أم الأحزان"، ليستقر في حي الكرادة الحديث.
ووضع البطريرك يوسف غنيمة السابع حجر الأساس في الكاتدرائية يوم عيد الصليب المقدس عام 1952، لكن جرى ترميمها وافتتحها البطريرك نفسه في عام 1956.
قبل تشييد كاتدرائية "مار يوسف"، كان هناك مزار قريب بالاسم ذاته في حدائق جمعية "الرحمة الكلدانية" ومدرسة تابعة لهذه الجمعية، لكن منذ افتتاح الكاتدرائية لم يعد لهما أي وجود حيث تم دمج المكانين ليصبحا قاعة كبيرة.
في عام 1959، تم تعيين أول مسؤول للكاتدرائية الجديدة الأب يوسف بابانا، بمساعدة من النائب الأب غوريال قودا، وكاهن الرعية الأب كورياكوس حكيم.
ما يميز كاتدرائية مار يوسف أنها ليست موجهة نحو الشرق كما هي الكنائس عامة، لكن باتجاه الشمال الشرقي والجنوب الغربي. بجانب المدخل، يوجد برج الجرس النحيف المستطيل في الزاوية الشمالية الغربية.
هيكلها مكون من الأسمنت المسلح وهندستها المعمارية من النوع البازيليكي، وهي عبارة عن قاعة كبيرة بدون أعمدة داخلية، يعلوها سقف مائل على الوجهين.
من الداخل، ومن الواجهة الشمالية الغربية، يدخلها الضوء الطبيعي من خلال نوافذ زجاجية ملونة جميلة موجودة فوق المدخل الرئيسي، ونوافذ مزدوجة من الزجاج الملون على طول الواجهة الجنوبية، وأخيراً من خلال النوافذ التي اخترقت القبة فوق المكان المقدس.
قبتها مسطحة ومغطاة بزخرفات خشبية تشكل في وسطها صليب كبير، وعلى الجانب الجنوبي توجد الكنيسة الصغيرة التي يمكن أن تستوعب حوالي خمسة عشر شخصاً.
خضعت الكاتدرائية الكلدانية للترميم عدة مرات كان آخرها عام 2018 في عهد بطريرك بابل للكلدان لويس رافائيل ساكو الأول.
تضم الكاتدرائية قبر البطريرك جوزيف غنيمة السابع، الذي توفي عام 1958 بعد عامين من تدشينها، بجانب مجموعة من مقابر بعض الكهنة الذين تركوا بصمتهم وسط شعب الكلدان المسيحي.
كنيسة الطاهرة الكبرى
خلال زيارة بابا الفاتيكان لمدينة الموصل العراقية، سيتوقف في حوش البيعة للصلاة ثم ينتقل إلى كنيسة الطاهرة الكبرى في قرة قوش، حيث يتلو صلاة السلام الملائكي.
تعتبر كنيسة الطاهرة للسريان الكاثوليك أكبر كنائس العراق وإحدى كبريات كنائس الشرق الأوسط سعة وهندسة وجمالاً.
"الطاهرة الكبرى" سميت بهذا الاسم ليس لضخامتها وسعتها فقط، بل نسبة إلى كنيسة الطاهرة القديمة المجاورة لها، وداخل جدرانها تجرى الاحتفالات والتجمعات الكبرى.
الكنيسة التي بدأ بناؤها خلال الحرب العالمية الثانية افتتحت في 7 أكتوبر عام 1947، بحضور سفير بابوي من الفاتيكان بعد 16 عاما من الإنشاء عل يد الخديديين، وهي من أهم مراكز الكنيسة السريانية.
وتتألف من 3 فضاءات شاهقة أوسعها وأعلاها أوسطها، وتضم قبة شاهقة تخترقها اثنتا عشرة نافذة، أما الفضاءات الداخلية الكبرى الثلاثة فترتكز على 18 عموداً رخامياً ضخماً تتلاقى في أقواس شاهقة رائعة.
منذ عام 1962 بدأ ترميم الكنيسة، وأضيف إليها رواق وهيكل داخلي وأبراج مجرسة، واستمرت الترميمات حتى عام 2005.
في فبراير/شباط 2015، شهدت الكنيسة التاريخية تفجيرها على يد مسلحي تنظيم داعش الإرهابي، ما أدى إلى تدمير أجزاء كبيرة من أروقتها الداخلية وجدرانها الخارجية.
قبل عامين، وبتمويل من دولة الإمارات، أعلنت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونسكو) العمل على ترميم كنيسة الطاهرة الكاثوليكية، وانطلقت الأعمال فعليا في 2020.
المشروع الذي يحمل اسم "إعادة إعمار كنائس الموصل"، شهد تنفيذ المرحلة الأولى من ترميم كنيسة الطاهرة، والمتمثلة في إزالة الأنقاض والذخائر غير المنفجرة وتأمين موقع المشروع بشكل كامل.
في 11 يناير 2021، توجت كنيسة الطاهرة الكبرى بتمثال السيدة العذراء على برجها الذي هدّمه التنظيم الإرهابي، بعد عمل أكثر من 4 أشهر نحته النحّات ثابت ميخائيل شابه بتق.
aXA6IDMuMTUuMTQuMjQ1IA== جزيرة ام اند امز