رجال دين من الإمارات: زيارة البابا وشيخ الأزهر رسالة ضد الكراهية
رجال الدينين الإسلامي والمسيحي في الإمارات يؤكدون أن تلك الزيارة تواجه العنف والكراهية والفرقة، وتنشر قيم الحب والتسامح
أكد رجال الدينين الإسلامي والمسيحي على أرض دولة الإمارات أن هذا الوطن الذي يحتضن ما يقرب من 200 جنسية يعد مركزا عالميا في الحوار بين الديانات والثقافات والحضارات على أسس تقوم على قبول واحترام الآخر.
وأضافوا في لقاءات مع "العين الإخبارية"، أن زيارة قداسة البابا فرنسيس، بابا الكنيسة الكاثوليكية، وفضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر إلى أبوظبي تحمل كثيرا من رسائل السلام، واعتبروا أن تلك الزيارة تواجه العنف والكراهية والفرقة، وتنشر قيم الحب والتسامح على أرض الإمارات التي وصفوها بأرض السلام.
نبذ الفرقة
بدأ كاهن كنيسة ماريمينا في دبي ثيؤدور يوسف حديثه بالقول: إن الهدف الأسمى لتلك الزيارة يكمن في أنها رسالة محبة لشعب الإمارات ليصل بها إلى كل الشعوب الخليجية والعربية، والحقيقة أن اللقاءات المنتظرة لقداسة البابا وكبار رجال الدين الإسلامي وفي مقدمتهم فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر هي لقاءات أخوة وتعارف، وشهادة ناصعة لعمق المحبة والتواضع والانفتاح التي ينبغي أن تزين حياة ومسلك كل الذين كرسوا حياتهم لخدمة البشر.
وعبر ثيؤدور عن يقينه بأن انعكاسات هذه الزيارة ستترك آثارها الإيجابية على كل الأصعدة لا سيما حوار الأديان وتلاقي الشعوب ونبذ الفرقة والتعصب والانغلاق، بل إنها ستشكل سدا منيعا في وجه التباغض ونبذ الآخر.
وقال: نتوقع أن يعمق اللقاء مساحات التلاقي بين المسيحية والإسلام لا سيما في محاربة الفقر والظلم والتخلف والجهل واستغلال البشر والاتجار بهم، والعمل على توطيد السلام والطمأنينة في مختلف البلدان خصوصا في بلداننا العربية التي هي بأمس الحاجة لهذه الأمور.
روح المحبة
الدكتور عمر الخطيب المدير التنفيذي لقطاع الشؤون الإسلامية في دائرة الشؤون الإسلامية والعمل الخيري في دبي، يرى أن تلك الزيارة هي الأولى من نوعها لبابا الكنيسة الكاثوليكية إلى منطقة الخليج العربي، ما يعكس الدور الحضاري للإمارات في نشر قيم والتعايش بين الأديان، وهي التي تعد نموذجا في التسامح بين الثقافات والحضارات وأتباع الديانات المختلفة على أسس سليمة، قوامها الاحترام المتبادل وقبول الآخر وإشاعة روح المحبة والسلام.
ويضيف الخطيب أنه قد سبق وقامت الإمارات بتنظيم العديد من المؤتمرات والفعاليات التي تعكس قيم الحوار بين الأديان، كان آخرها ملتقى تحالف الأديان من أجل أمن المجتمعات في دورته الأولى الذي احتضنته أبوظبي، وشارك فيه نحو 450 قائدا من قادة الأديان، وأبرز رجال الدين في العالم، حيث أثروا الحوار في مناقشة ومواجهة التحديات الخطيرة حول العالم.
قمة روحية
القس بشوي فخري صليب، راعي كاتدرائية الأنبا أنطونيوس في أبوظبي أكد أهمية القمة الروحية والدينية التي ستعقد في الإمارات تحت مسمى "لقاء الأخوة الإنسانية" والذي يحضره قداسة البابا فرنسيس بابا الكنيسة الكاثوليكية وفضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، وأكثر من 600 شخصية دينية من مختلف دول العالم.
وأوضح بشوي أن العالم أجمع يتطلع إلى مخرجات هذه القمة من توصيات وقرارات تسهم في تعزيز مناخات الحوار والتعايش السلمي بين الشعوب والأديان، والتصدي لجميع التيارات والأفكار الأصولية الهدامة التي تطل برأسها يوما بعد يوم مهددة السلام والاستقرار العالمي.
حدث تاريخي
الأب كيرلس في كنيسة جبل علي يرى أن مشاركة وفد من الكنيسة الكاثوليكية بمصر في الزيارة البابوية التي تعد الأولى لشبه الجزيرة العربية، والتي ستشهد قداسا احتفاليا في استاد مدينة زايد الرياضية بأبوظبي بحضور أكثر من 135 ألف شخص الأمر أمراً يشكل بحد ذاته حدثا تاريخيا، حيث سيكون أول حدث ديني يقام خارج الكنيسة في منطقة الخليج العربي.
وقال الأب كيرلس: إن جهود دولة الإمارات في مجال تعزيز الأمن والسلام بين الناس مقدرة من جميع دول العالم وكذلك من قبل المنظمات الدولية وهي تأتي من قبل القيادة الرشيدة والشعب الإماراتي الكريم بعفوية مطلقة بلا تصنّع أو تجمّل، تعبر بصدق عن الطبيعة المتسامحة لهذا الشعب العربي الأصيل، الذي لا يعرف إلا الحب والتسامح وينبذ كل أشكال الكراهية والتمييز، والحقيقة إن حالة التسامح الديني وحرية العقيدة ورفض التمييز، الذي يتمتع بها مجتمع الإمارات، لم تأت من فراغ بل جاءت من القيم العليا التي غرسها ورسخها حكيم العرب المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، في شعبه، ثم حمل الرسالة من بعده قادة وأبناء الدولة ليؤكدوا هذه المعاني السامية والقيم الإنسانية الرفيعة من خلال سن القوانين والتشريعات التي تحفظ الحقوق والحريات وتساوي بين الجميع.
رسالة إلى العالم
الشيخ أبو عمر الحمادي واعظ أول بوزارة الأوقاف بالشارقة يرى أن زيارة بابا الفاتيكان فرنسيس فرصة تاريخية لإبراز الصورة الحضارية لدولة الإمارات كعاصمة عالمية للتسامح، موضحاً أن وجود بابا الكنيسة الكاثوليكية على تراب هذا الوطن مع القيادات الدينية العالمية، وعلى رأسها شيخ الأزهر الشريف، يبعث رسالة للعالم مفادها أن الأديان تحمل رسالة السلام وترسخ معاني "الأخوة الإنسانية" القائمة على التسامح والاحترام المتبادل والتعاون الإنساني.
وأضاف الحمادي أن البابا وشيخ الزهر يتمتعان بنظرة ثاقبة وأفق بعيد، حيث يعرفا المشكلات الكبرى التي يعانيها العرب والمسلمون، ويعرفا أن من أهم مشكلات العالم المتعلقة باللجوء هي اضطرابات الدول والكوارث التي حلت بها؛ لذا فإن هذه المنطقة تستحق الاهتمام مثل غيرها.
وأضاف: إن اختيار بابا الفاتيكان بتلك البقعة من المنطقة لأسباب عديدة أهمها أن الإمارات مجتمع متعدد كبير ومسالم يسوده الوئام والسلام حتى إنه أنشأ في حكومته وزارة للتسامح، هذا إلى جانب الانضباط الكامل على المستوى الديني فلم يحصل تطرف أو إرهاب ولم يعرف عن شعب الدولة أو حكامها أي نزعة عنيفة، وبالتالي فهم نموذج للإسلام المعتدل، إلى جانب أنها تحتضن العديد من المؤسسات التي تنشر قيم التسامح.