زيارة بابا الكنيسة الكاثوليكية وشيخ الأزهر الشريف إلى أبوظبي أظهرت للعالم أن الإمارات تمتلك قوة ناعمة هائلة
لقد تابعت باهتمام بالغ خلال الأيام القليلة الماضية صورة الإمارات في الإعلام الدولي بمناسبة الزيارة التاريخية لكل من قداسة البابا فرنسيس، بابا الكنيسة الكاثوليكية، وفضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف للإمارات، حيث كان الانطباع العام لوسائل الإعلام التي تناولت هذه الزيارة ومخرجاتها بالتحليل والتقييم أن الإمارات تمثل نموذجاً ملهماً في التسامح والتعايش، وأنها قادرة على قيادة الجهود الرامية نحو تعزيز التقارب بين الأديان والثقافات والحضارات المختلفة، وأنها تمتلك القدرة على صناعة التغيير الإيجابي الذي ينعكس على قضايا السلام والأمن الدوليين.
وقد عززت هذه الزيارة من قوة الإمارات الناعمة في الإعلام الدولي، وباتت مفردات "الإمارات تصنع التاريخ، الإمارات تقود الحوار بين الأديان، الإمارات تقدم صورة حضارية عن الإسلام الوسطي المعتدل، الإمارات أصبحت رمزًا للسلام والتسامح في الشرق الأوسط"، حاضرة بقوة في تغطيات وكالات الأنباء العالمية والصحف الدولية، في تطور جديد يقدم صورة جديدة ليس فقط عن الإمارات ولكن عن منطقة الخليج بوجه عام، بالنظر لتأثيرها المتنامي في تفاعلات الأحداث على الصعيدين الإقليمي والدولي، وخاصة فيما يتعلق بالقضايا الثقافية والإنسانية.
إذا كانت القوة الناعمة في مفهومها النظري البسيط تعني القدرة على تحقيق الأهداف المرجوة، من خلال جذب الآخرين واستمالتهم، والترويج لجاذبية النموذج الذي تطرحه الدولة، وما تصنعه لنفسها من صورة دولية، فإن زيارة بابا الكنيسة الكاثوليكية وشيخ الأزهر الشريف لأبوظبي أظهرت للعالم أن الإمارات تمتلك قوة ناعمة هائلة، لا تؤهلها فقط لقيادة الحوار بين الأديان والعمل على التقريب فيما بينها، وإنما أيضاً في تنسيق الجهود الإقليمية والدولية الرامية إلى التصدي لنزعات التعصب والتطرف والكراهية التي تنتشر في الشرق والغرب معاً، وتمثل تهديداً للأمن والسلم الإقليمي والدولي، على حد سواء.
عززت هذه الزيارة من قوة الإمارات الناعمة في الإعلام الدولي، وباتت مفردات "الإمارات تصنع التاريخ، الإمارات تقود الحوار بين الأديان، الإمارات تقدم صورة حضارية عن الإسلام الوسطي المعتدل، الإمارات أصبحت رمزًا للسلام والتسامح في الشرق الأوسط"، حاضرة بقوة في تغطيات وكالات الأنباء العالمية والصحف الدولية
إن المخرجات الإيجابية التي ترتبت على هذه الزيارة سواء تلك الخاصة بـ "وثيقة الأخوة الإنسانية" أو "جائزة الأخوة الإنسانية"، وترحيب وسائل الإعلام العالمية بها، إنما يشير بوضوح إلى التأثير الإيجابي لقوة الإمارات الناعمة على الصعيد الدولي، فحينما يشير موقع "آم ريديمد" الأمريكي إلى أن "الحرية الدينية والتعايش هما أهم ما يميز دولة الإمارات التي تقوم بدور حيوي في منطقة ملتهبة بالصراعات الدينية والتطرف الأعمى"، ويذهب إلى أن" زيارة البابا من شأنها أن تسهم في تشكيل جبهة ضد الأيديولوجيات المتشددة في المنطقة"، وعندما تصف مجلة "يوراسيا ريفيو" الدولية زيارة البابا بأنها شهادة على التسامح في دولة الإمارات، التي أصبحت رمزًا للسلام والتسامح في الشرق الأوسط الأوسع، وعندما تعلق صحيفة "لوموند"، أعرق الصحف الفرنسية على هذه الزيارة قائلة: "إن البابا في أرض التسامح والانفتاح على العالم في زيارة تاريخية هي الأولى لمنطقة الخليج العربي"، وحينما تقول صحيفة "ناشونال بوست" الكندية إن "زيارة البابا تحقق حلم مئات الآلاف من المسيحيين في بلد أتاح حرية العبادة للجميع"، معتبرة أن "الإمارات أظهرت تسامحاً مع جميع الأديان والطوائف والأعراق والأجناس، ورغبت بتعزيز جهودها بدعوة البابا لزيارة البلاد بغرض تعميق الحوار بين الأديان"؛ فإن هذا يؤكد بوضوح الصورة الإيجابية والفاعلة التي تترسخ عن الإمارات في الإعلام الدولي، الذي يعتبرها قوة خير وأمل وسلام واستقرار وتنمية وازدهار.
إن الإمارات تعمل دوماً من أجل صالح شعوب المنطقة والعالم، وهي صورة لم تأت من فراغ وإنما نتاج لجهود متواصلة ومبادرات ملهمة في مجال التسامح والتعايش ومواجهة الفكر المتطرف، حظيت ولا تزال بتقدير المجتمع الدولي.
لكن ما أدهشني حقاً أنه في مقابل هذه الصورة الإيجابية التي يرسمها الإعلام الدولي عن الإمارات، وقوتها الناعمة وجاذبية نموذجها في التسامح والتعايش، والتي لا يتسع المجال للإشارة إليها هنا، فإن إعلام تنظيم الحمدين، وما يدور في فلكه من إعلام مغرض ومأجور، لا يزال يغرد خارج السرب، ويسعى إلى تقديم صورة مشوهة عن زيارة قداسة البابا فرنسيس للإمارات، بعد أن فشل في توظيفها سياسياً لتحقيق مآربه الخبيثة في تشويه صورة الإمارات.
وقد وضع النجاح الكبير الذي حققته هذه الزيارة التي تشكل بالفعل بداية مرحلة جديدة في الحوار والتقارب بين الأديان، وما صاحبها من ردود أفعال عربية ودولية مرحبة بمخرجاتها، واهتمام إعلامي دولي غير مسبوق بتغطية فعالياتها المختلفة، تنظيم الحمدين في مأزق وكشف الانتهازية السياسية له، وأظهر الفرق بين دولة الإمارات التي تستضيف رموز التسامح والسلام على أراضيها، وتسخر كل إمكانياتها وجهودها من أجل تعزيز الحوار بين الأديان والحضارات والثقافات ومواجهة التعصب والتطرف وإعلاء القيم النبيلة التي تعزز من الأخوة الإنسانية، وبين ما يسمى دولة قطر في ظل قيادة تنظيم الحمدين التي تمارس هوايتها في دعم التطرف والتحريض على خطاب الكراهية والعنف، وتصر على استضافة رموز وقيادات الإرهاب على أراضيها.. شتان الفارق بين الإمارات التي تبني السلام وتعزز الجسور المشتركة بين الأديان والثقافات والحضارات، وبين تنظيم الحمدين الذي يسعى إلى تدمير أي فرصة لبناء السلام، ونشر خطاب الكراهية والعداء في دول المنطقة.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة