"أصحاب الشعر الرمادي".. "كتيبة 101" لكسر دكتاتورية أردوغان
مجموعات اتفقت على تشكيل تجمع سياسي كبير يضم كافة أطياف المعارضة ليكون جبهة ديمقراطية تدعو لتوحيد الصفوف بوجه دكتاتورية النظام
الاستياء من دكتاتورية الرئيس التركي رجب طيب أردوغان تجاوز الحيز السياسي على ما يبدو، لتسري عدواه إلى الأتراك وقادة الفكر والأكاديميين، فتشكل مزيجا من مواقف اتفقت على هدف واحد، وهو الإطاحة بالنظام القائم.
واتفقت مجموعات على تشكيل تجمع سياسي كبير يضم كافة أطياف المعارضة تحت مسمى "أصحاب الشعر الرمادي الكبار"، ليكون جبهة ديمقراطية تدعو لتوحيد الصفوف بوجه دكتاتورية ألقت بتداعياتها على حياة الأتراك، وأساءت لسمعة بلدهم على جميع المستويات.
وتهدف المجموعة التي نشرت صورتها على كامل الخريطة التركية في إشارة إلى تواجد أعضائها في كل شبر من أرض البلاد، إلى تقويض صلاحيات أردوغان ووقف سياساته العدائية ضد المعارضة، ومحاولة إنقاذ البلاد واقتصادها وعملتها من انهيار وشيك.
الوحدة ضد أردوغان
مجموعة أو كتيبة بالأحرى، تتكون من 101 شخص ينتمون لشرائح مختلفة في المجتمع والخلفيات والسياسات والدين، لكن جمعهم الغضب والاستياء مما تشهده بلادهم في عهد الدكتاتورية.
وأعلنت المجموعة عن نفسها قبل أسبوع، غير أنها تأخرت أياما قبل نشر بيانها التأسيسي الذي تزامن مع الذكرى الثانية لبدء تطبيق نظام الحكم الرئاسي في تركيا، وتضمن مطالبات بإنقاذ البلاد مما تشهده من مشاكل سياسية واقتصادية واجتماعية تضعها على شفير الهاوية.
ويرى مراقبون أن حجم الشخصيات المؤسسة للمجموعة يمنحها ثقلا قادرا على تحريك الشارع التركي، وتوحيد صفوفه مع المعارضة للتصدي لمشروع أردوغان، خصوصا أن من بينها جنكيز تشاندار، الصحفي والباحث اليساري التركي الشهير، وأحمد ترك، الشخصية النافذة في السياسة الكردية، إضافة إلى الأديبة وعالمة الاجتماع المعروفة أويا بايدار.
وفي تصريحات نقلها إعلام تركي معارض، قال تشاندار إن المجموعة توجه دعوتها "بشكل خاص إلى الشباب والجيل الصاعد"، مطالبا بتشكيل جبهة ديمقراطية ضد "حكومة القمع"، في إشارة إلى الحكومة الحالية التي يقودها حزب العدالة والتنمية.
وتابع البيان الذي نشرته صحف محلية وعالمية: "نحن عدد من كبار السن ذوو الشعر الرمادي، ممن يأتون من شرائح مختلفة في المجتمع والخلفيات والسياسات.. نناشد كل تركي يرى أن بلده تستحق العيش بسلام وهدوء في مجتمع عادل وسلمي، وخاصة فئة الشباب الذين هم أملنا، أن ينضم لنا".
واعتبر أن ما تشهده تركيا بالفترة الراهنة "ظلام وظلم وغياب القانون وتفكك النسيج الاجتماعي، بشكل مرعب، وعزلة عالمية"، داعيا إلى ضرورة التحرك بسرعة.
وحذر البيان من أن أردوغان علق العمل في عهده بالدستور، فيما باتت السلطة القضائية مسيسة وتحت وصاية القصر، كما أن كل المؤسسات التي يفترض أن تضمن الأسس الديمقراطية للجمهورية التركية أصبحت معطلة واحدة تلو الأخرى.
واتهمت المجموعة نظام أردوغان بالوقوف وراء "المرحلة غير المسبوقة من القمع الذي لا هوادة فيه، حتى أنه يمكن القول أن هناك تحركات ممنهجة للتخلص حتى من أي (قصاصات) متبقية للديمقراطية، ومن سيادة القانون".
وحذرت من أن الأحوال تزداد سوءا داخليا وخارجيا، حيث باتت تركيا في عداوة مع جميع دول العالم، جراء "أوهام التوسع والغزو التي تم استبدالها بمبدأ السلام والصراع والعداء مع العالم بأسره".
حزب أردوغان.. شعبية تنهار
وبخروج أردوغان وحزبه عن ضوابطه ومساره الأصلي، ودخول البلاد في أزمات اقتصادية واجتماعية متواترة، علاوة على الحروب الخارجية التي استزفت خزينة الدولة وأساءت لسمعة تركيا، باتت الانشقاقات السمة المهيمنة على حزب غدا بلا رموز.
ويأتي تشكيل المجموعة الجديدة عقب الزلزال الذي أحدثه حلفاء أردوغان السابقين، ومعارضيه الحاليين وفي مقدمتهم أحمد داوود أوغلو، وعلي باباجان، والذين استقالا من "العدالة والتنمية"، وأسسا حزبين معارضين.
ولم يتوقف تسونامي الاستقالات والانشقاقات عند القيادات المؤسسة، بل يستمر بوتيرة تثير رعب أردوغان، خصوصا عقب إعلان رئيس فرع حزب العدالة والتنمية فى مقاطعة أرجيش التابعة لولاية فان جنوب شرقي البلاد، استقالته من الحزب الحاكم مع 17 عضوة من شعبة المرأة بفرع الحزب في المقاطعة.
وبشأن الدوافع، قال المنسحبون في بيان نقله إعلام محلي، إنهم خضعوا لضغوطات من قبل مسؤولي حزب العدالة والتنمية في الولاية، معتبرين أنه لم يعد بإمكانهم الرضوخ وتحمل الوضع، ما دفعهم للاستقالة.
وعلى نفس الشاكلة، أعلنت أمينة جوكتاش، رئيسة شعبة المرأة فى حزب أردوغان ولاية ماردين، قبل أسبوع، استقالتها و14 من زميلاتها، وانضممن إلى حزب داوود أوغلو، في خطوة أعرب الكثير من زملائهن عن رغبتهم في اتخاذها بالمستقبل القريب.
وفي يونيو /حزيران الماضي، قال داوود أوغلو، في مقطع فيديو نشرته قناة تابعة للمعارضة التركية، إن أردوغان انفصل عن شعبه ولا يرى غير قصره، مؤكدا أن النظام نسي أساس العدل، ويظن أن العدالة تنشأ في القصر.
وهاجم داوود أوغلو، حينها، أردوغان بشراسة، متوقعا انهيار "العدالة والتنمية" الحاكم، واختفائه من الساحة السياسية، لافتا إلى أن الحزب «فقد شعبيته بسبب ممارساته التي قضت على الحريات والعدالة وقادت إلى الاستبداد، وأفقدت تركيا اعتبارها على الساحة الدولية».
وبعدها بأيام قليلة، استقال 5 قياديين من الحزب الحاكم فى ولاية بالكسير بشكل مفاجئ، في نزيف سبقه إعلان رؤساء أفرع الحزب في بلدات أيفاليك، وجوماتش، وبرهانية، وكاريسى، وإيفريندى التابعة لبلدية باليكسير، استقالتهم، في انشقاقات يجزم متابعون أنها ستكتب قريبا الفصل الأخير للحزب الحاكم في تركيا.