محاولة احتواء.. واشنطن على خط المواجهة بين الهند وباكستان

في محاولة لاحتواء التصعيد، دخلت الولايات المتحدة على خط الأزمة بين الهند وباكستان، سعيا للتهدئة وتفادي الانزلاق نحو صدام مباشر.
وأجرى وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو، اتصالين منفصلين بكل من رئيس الوزراء الباكستاني شهباز شريف ووزير الخارجية الهندي، أكد فيهما على ضرورة التهدئة وتفادي الصدام.
وأفادت المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية تامي بروس بأن روبيو طالب باكستان بإدانة الهجوم والتعاون الكامل في التحقيقات، ووصف الهجوم بـ"العبثي والمروع"، كما دعا الهند إلى "ضبط النفس"، رغم إعلانه التضامن معها في مواجهة الإرهاب.
وأكد روبيو أن الولايات المتحدة مستعدة للعمل مع الجانبين من أجل خفض التوتر، والحفاظ على الأمن في جنوب آسيا، مكرّرًا دعم بلاده لجهود مكافحة الإرهاب بالتنسيق مع الهند.
وكان التوتر عاد إلى شبه القارة الهندية بعد الهجوم الدامي الذي وقع في 22 أبريل/نيسان بمنطقة باهالغام في إقليم كشمير الخاضع للسيطرة الهندية، وأودى بحياة عدد كبير من المدنيين، في أسوأ هجوم من نوعه منذ ربع قرن.
الهند سارعت إلى اتهام باكستان بدعم جماعة "عسكر طيبة" المصنّفة إرهابية، والتي يُعتقد أن منفذي الهجوم الثلاثة ينتمون إليها.
ونشرت الشرطة الهندية ملصقات بـ"المطلوبين" مع مكافآت مالية تصل إلى 1 مليون روبية (نحو 23,500 دولار) لكل منهم، وبدأت حملة اعتقالات داخل الإقليم.
تهديدات بضربة وشيكة
في المقابل، أعلنت باكستان أنها تلقت معلومات استخباراتية "موثوقة" تفيد بأن الهند تخطط لتنفيذ ضربة عسكرية خلال "24 إلى 36 ساعة"، متهمة إياها باستغلال الهجوم كذريعة.
وردت الحكومة الباكستانية بالتحذير من "رد حاسم على أي عدوان"، دون أن تبادر بالتصعيد.
رئيس الوزراء الباكستاني شهباز شريف أجرى بدوره اتصالًا بروبيو، متهماً الهند بممارسة "استفزازات منظمة"، بينما أكد وزير الخارجية إسحق دار أن بلاده "لن تكون البادئة بأي عمل عسكري"، رغم استعدادها الكامل للدفاع عن سيادتها.
الهند تلوّح بخيارات عسكرية
تصريحات حكومية هندية كشفت أن رئيس الوزراء ناريندرا مودي منح الجيش "الحرية الكاملة" للرد على الهجوم، وهو ما أثار قلقًا إقليميًا ودوليًا، خصوصًا مع استمرار تبادل إطلاق النار عبر خط وقف إطلاق النار في كشمير.
وأعلن الجيش الهندي عن إسقاط طائرتين مسيرتين، بينما تحدث الجانب الباكستاني عن "إطلاق نار غير مبرر"، ما يعكس حالة تأهب عالية على الجانبين في منطقة من أكثر بقاع العالم توترًا.
وأعلنت الهند، الأربعاء، إغلاق مجالها الجوي أمام الطائرات الباكستانية ردّا على حظر باكستان تحليق الطائرات الهندية فوق أراضيها.
وقالت نيودلهي في إعلان لشركات الطيران إنّ المجال الجوي الهندي أغلق حتى 23 مايو/أيار أمام الطائرات المسجّلة أو المستأجرة في باكستان، "بما في ذلك الرحلات العسكرية".
وكانت باكستان أغلقت في 24 أبريل/نيسان مجالها الجوي أمام الطائرات الهندية.
وأتت خطوة إغلاق المجال الهندي أمام الطائرات الباكستانية بعد أن أعلنت إسلام أباد أنّها تلقّت "معلومات استخباراتية موثوقا بها" تفيد بأن الهند تخطط لضربة عسكرية وشيكة توعدت بالردّ عليها.
مخاوف من سيناريو 2019
وفي ظل تصاعد الأزمة، دخل الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش على خط الوساطة، متحدثًا مع الجانبين لعرض "مساعيه الحميدة" لخفض التصعيد، محذرًا من أن الوضع قد يخرج عن السيطرة كما حدث في 2019 بعد هجوم بولواما.
يُذكر أن هجوم بولواما أودى آنذاك بحياة 40 جنديًا هنديًا، وردّت عليه الهند بعد أقل من أسبوعين بضربات جوية داخل الأراضي الباكستانية، كادت أن تشعل حربًا مباشرة بين الجارتين النوويتين.
قلق شعبي
ومع ازدياد التصعيد، بدأ سكان المناطق الحدودية في كشمير الباكستانية بحفر ملاجئ ترابية وتدعيمها بالخرسانة، في استحضار لمشاهد الحروب الماضية.
وقال أحد السكان: "نستعد لكل شيء. قد يحدث الهجوم في أي لحظة".
اقتصاديًا، تراجعت سوق الأسهم الباكستانية، الأربعاء، مع ازدياد المخاوف من ضربة عسكرية وشيكة، وسط عزوف المستثمرين وتزايد عدم اليقين السياسي والأمني.
تاريخ من النزاع
وتتنازع الهند وباكستان السيطرة على كشمير منذ عام 1947، وتسبّب هذا النزاع في ثلاث حروب، فيما تعاني المنطقة من تمرد مسلح منذ عام 1989، تطالب جماعات محلية بالاستقلال أو الاندماج مع باكستان.
ويبلغ عدد سكان كشمير نحو 15 مليون نسمة، وتخضع المنطقة لرقابة أمنية صارمة وتشهد توترات متقطعة بين حين وآخر.
aXA6IDMuMTMxLjEzLjE0OSA= جزيرة ام اند امز