في الطرف الآخر من معادلة التحالف السعودي الأمريكي يبرز أمن السعودية والمنطقة الذي تهدده طهران وأدواتها بكل وقاحة.
في العام 1945 التقى الملك عبدالعزيز بالرئيس الأمريكي فرانكلين روزفلت، كان اللقاء استثنائياً بكل ما تعنيه الكلمة من معنى، فأمريكا العملاق القادم من وراء المحيط تبحث عن فضاء جديد بعدما بقيت معزولة عن العالم طوال 200 عام من تأسيسها، والفارس «عبدالعزيز» يأتي من وراء الصحراء حالما ببناء دولته الفتية وحمايتها من أعدائها الكثر.
في الطرف الآخر من معادلة التحالف السعودي الأمريكي يبرز أمن السعودية والمنطقة الذي تهدده طهران وأدواتها بكل وقاحة، إذ لطالما قالت الرياض إن العالم الغربي وخاصة الولايات المتحدة الأمريكية في عهد أوباما وألمانيا وفرنسا قدموا للإيرانيين ما لا يملكونه لمن لا يستحقه.
معارك التوحيد المنهكة التي خاضها «المؤسس» بيدين عاريتين إلا من إيمانه وشجاعته؛ هي من حولت المستحيل إلى حقيقة مدهشة حين قضى أكثر من 50 عاماً من حياته، ممتطياً جواده وشاهراً «قلبه» وحكمته وعقله الكبير لإنشاء وطن حديث، في المقابل جاء روزفلت هو الآخر من دولة منهكة بسبب الكساد العظيم، وأجبرته الظروف الدولية لخوض الحرب العالمية الثانية نيابة عن العالم الحر على الرغم من حرصه على أن تكون دولته محايدة.
الاجتماع جاء حميماً على الرغم من مرارة البحيرات المرة حيث وقع اللقاء التاريخي، كان لدى الزعيمين العظيمين الكثير من الأشياء المشتركة التي أثمرت عنها نتائج الاجتماع ببناء تحالف إستراتيجي استمر لليوم.
بعد 72 عاماً التقى حفيد المؤسس مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في العاصمة السعودية الرياض، حيث قدمت للضيف الكبير القهوة العربية المرة، وأيضاً وبالرغم من مرارة القهوة جاء اللقاء مبهجاً ومثمراً كما كان لقاء الجد وروزفلت.
وعند وصول الأمير محمد إلى البيت الأبيض، وصف ترامب خلال كلمته الأمير بـ«الصديق العظيم»، فالأمير محمد وترامب لديهما أيضاً الكثير من الأشياء المشتركة لعل أهمها الصراحة الكاملة دون رتوش، وطموحهما الكبير لبلديهما اقتصادياً وعسكرياً، كما يريدان إعادة بلديهما إلى صدارة المشهد الدولي، وكأن الزمن يعود من جديد، وكأن الأرواح التي تلاقت في البحيرات المرة تلتقي بانية نفس التحالف ونفس الثقة.
من المتوقع أن تثمر هذه العلاقة «المتجددة» بين القائدين الكبيرين عن ردم الهوة السحيقة التي تسبب فيها الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما، عندما حاول فك الارتباط بين الرياض وواشنطن واستبداله بإيران، وهو ما أكد عليه ترامب صراحة في بيان استقباله واعدا باستئناف «المحور» كما كان وربما أقوى.
اليوم يزور ولي العهد السعودي واشنطن، والمملكة تعيد هيكلة بنيتها الاقتصادية والاجتماعية وترسخ دورها الدولي والإقليمي كقائدة للعالم الإسلامي المتسامح، وحامية للفضاء العربي من أطماع دول التخوم الأعجمية والتنظيمات الإرهابية والدول الصغيرة العميلة لها.
لا شك أن الاقتصاد سيكون هو الرافعة الكبرى في التحالف السعودي الأمريكي في شكله الجديد، فالمملكة لا تزال هي أهم مزود للطاقة في العالم، وهي عمود التوازن في السوق العالمية، ولولا حكمة الرياض لانهارت دورة الاقتصاد والإنتاج والشراء، إضافة إلى رغبتها في بناء اقتصاد يشارك العالم وأن تكون نقطة الاتصال «اللوجستي» بين الشرق والغرب، ومكاناً مفضلاً للسياحة العالمية.
في الطرف الآخر من معادلة التحالف السعودي الأمريكي يبرز أمن السعودية والمنطقة الذي تهدده طهران وأدواتها بكل وقاحة، إذ لطالما قالت الرياض إن العالم الغربي وخاصة الولايات المتحدة الأمريكية في عهد أوباما وألمانيا وفرنسا قدموا للإيرانيين ما لا يملكونه لمن لا يستحقه.
فقد قام أوباما وفريق عمله وحلفاؤه بإعادة تعويم أكبر دولة صانعة للإرهاب ووقع معها واحداً من أسوأ اتفاقات التاريخ حينما سمح لها باستكمال برنامجها النووي دون أن يتأكد من أن هذه الدولة ستتخلى عن طموحاتها الإرهابية وتلتزم بالسلام.
ولعل من سخريات ذلك الاتفاق المعيب أن إيران كافأت العالم بمزيد من الإرهاب في سورية والعراق واليمن، لقد وصل عدد من تسببت طهران في قتلهم منذ الاتفاق وحتى اليوم أكثر من مليون عربي، هذا وهي لم تنتج القنبلة النووية بعد.
الرياض تقدم نفسها في لندن وواشنطن وموسكو وفي عواصم العالم ليست كدولة تنتج النفط وتأكل مما تبيع آخر اليوم، بل شريكة للعالم الحر في بناء المستقبل، مسؤولة عن حماية نفسها وشعبها وعالمها العربي من أي مخاطر محدقة، وهي تقول بصريح العبارة «نحن كالعسل المُصفى لمن سالمنا وأمرَّ من السم الزعاف لمن عادانا».
نقلا عن "عكاظ"
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة