كامالا هاريس.. هل تحافظ على إرث بايدن المناخي أم تسقط في فخ الأحلام؟
بعد أسابيع من التكهنات الإعلامية والضغوط المستمرة من المشرعين الديمقراطيين والمانحين أعلن الرئيس جو بايدن انسحابه من السباق الرئاسي.
انسحاب بايدن وضع نائبته كامالا هاريس في المنافسة وجها لوجه مع دونالد ترامب، الذي اختير كمرشح رئيسي للحزب الجمهوري لانتخابات 2024 المرتقبة.
وأيد بايدن نائبته كامالا هاريس لتحل محله عبر بيانه الذي قال فيه "اليوم أريد أن أقدم دعمي الكامل وتأييدي لكامالا لتكون مرشحة حزبنا هذا العام".
ووجود كامالا هاريس في المنافسة على منصب رئيس الولايات المتحدة الأمريكية، دفع المحللين للبحث بشكل متعمق في آرائها حول العديد من القضايا الحيوية التي ستتطلب منها اتخاذ قرارات تنفيذية حاسمة في حال وصولها للسلطة، أبرزها قضية المناخ.
وخلال فترة ولايته تمكن الرئيس بايدن من إقرار عدد كبير من السياسات الرئيسية بأغلبية ديمقراطية ضئيلة في مجلس الشيوخ، وكان إنجازه الأبرز هو التوقيع على قانون خفض التضخم، الذي يرمز له بـIRA الذي من ضمن تشريعاته أنه خصص أكبر حجم للإنفاق على الطاقة النظيفة في تاريخ الولايات المتحدة لمواجهة أزمة التغير المناخي، مع فتحه الباب أمام إمكانية مشاركة الولايات المتحدة للمساعدة في تقليل انبعاثات الغازات المسببة للانحباس الحراري العالمي بنسبة تصل إلى 42% عن مستويات عام 2005 بحلول عام 2030.
وفي إعلانه عن انسحابه وصف بايدن قانون IRA بأنه "التشريع المناخي الأكثر أهمية في تاريخ العالم".
وعلى الرغم من نجاحاته التشريعية لم يتمكن الرئيس الأمريكي البالغ من العمر 81 عاما من تحمل ردود الفعل السلبية واسعة النطاق بعد أدائه في المناظرة في يونيو/حزيران، حيث بدا ضعيفا واعتبره كثيرون في حزبه غير مؤهل لقيادة البلاد لمدة 4 سنوات أخرى.
وسيترك بايدن منصبه مع جزء من أجندته المناخية المقترحة دون إقرارها، إذ من المتوقع أن تفشل الولايات المتحدة في تحقيق هدف إدارة بايدن المتمثل في خفض الانبعاثات بحلول عام 2030، وهنا تتجه الأنظار لكامالا هاريس التي قد تعمل على استكمال مهمة بايدن في حال نجاحها في هزيمة دونالد ترامب.
على الجانب الآخر، تعهد الرئيس السابق دونالد ترامب بإلغاء العديد من السياسات التي أنجزها بايدن إذا أصبح رئيسا، بما في ذلك أجزاء من تشريع IRA.
وأسهم العشرات من مستشاري ترامب وأعضاء سابقين في إدارته الرئاسية في وضع مخطط يدعو إلى إلغاء الغالبية العظمى من تشريعات حماية المناخ والبيئة في البلاد.
وأيا كان الديمقراطي الذي سيترشح ضد ترامب فإن لديه مهمة ثقيلة بحماية إرث المناخ والبيئة الهش في أمريكا من هجمات الجمهوريين.
ومع تأييد بايدن أصبحت نائبة الرئيس هاريس، عضو سابق في مجلس الشيوخ الأمريكي في كاليفورنيا، والمرشحة الديمقراطية المفضلة، هي من يقع على عاتقها حماية هذا الإرث، حسب ما ذكر موقع "سورس إن إم".
والمرشح الديمقراطي الرسمي للانتخابات المقبلة سيتحدد بشكل نهائي بعد أقل من 30 يوما من الآن، حيث سينعقد المؤتمر الوطني الديمقراطي في 19 أغسطس/آب المقبل، وبه سيقرر الآلاف من المندوبين الديمقراطيين مرشحهم بشكل رسمي للانتخابات المقبلة.
وفيما يخص السياسات المحتملة المتعلقة بالمناخ التي ستتبعها كامالا هاريس، بصفتها نائبة للرئيس الحالي، يمكن أن يتضح ذلك من سياسات ومواقف سابقة لها.
حيث سبق أن دافعت هاريس عن تخصيص 20 مليار دولار لصندوق الحد من غازات الاحتباس الحراري التابع لوكالة حماية البيئة، بهدف مساعدة المجتمعات المحرومة التي تواجه تأثيرات المناخ، وروجت بشكل متكرر لتشريع IRA في مختلف الفعاليات، حيث روجت لاستثمارات مشروع القانون في وظائف الطاقة النظيفة، بما في ذلك تركيب الإضاءة الموفرة للطاقة، واستبدال أفران الغاز بمضخات الحرارة الكهربائية.
كما كانت كامالا هاريس أعلى مسؤول أمريكي يحضر محادثات المناخ الدولية في مؤتمر الأطراف الثامن والعشرين في دبي العام الماضي، حيث أعلنت عن التزام الولايات المتحدة بمضاعفة كفاءة الطاقة، و3 أضعاف قدرة الطاقة المتجددة بحلول عام 2030.
وفي المؤتمر نفسه أعلنت هاريس عن التزام بقيمة 3 مليارات دولار لصندوق المناخ الأخضر لمساعدة الدول النامية على التكيف مع تحديات المناخ، على الرغم من أن صحيفة "بوليتيكو" ذكرت أن المبلغ إتاحته تخضع لتوافر الأموال، وفقا لوزارة الخزانة.
وقالت منظمة إيفرغرين أكشن، مجموعة سياسية موجهة لصالح المناخ، في بيان "كانت نائبة الرئيس هاريس جزءا لا يتجزأ من أهم إنجازات إدارة بايدن في مجال المناخ ولديها سجل طويل كبطلة مؤثرة في مجال المناخ".
وتعرضت هاريس لبعض الانتقادات لاستخدامها رقما محتملا مبالغا فيه، هو تريليون دولار على مدى 10 سنوات، لوصف استثمارات إدارة بايدن في المناخ.
وفي عام 2019 اقترحت هاريس خطة مناخية بقيمة 10 تريليونات دولار لتحقيق الحياد الكربوني بحلول عام 2045 ضمن مسار الحملة، بما في ذلك الكهرباء تدعم صفر انبعاثات كربونية بنسبة 100% بحلول عام 2030.
وبموجب الخطة نفسها التي اقترحتها هاريس ستكون 50% من المركبات الجديدة المباعة في أمريكا خالية من الانبعاثات بحلول عام 2030، وتصل النسبة لـ100% من السيارات بحلول عام 2035.
لكن هذه الخطة كانت كغيرها من مقترحات لمواجهة تغير المناخ الطموحة التي أصدرها ديمقراطيون آخرون خلال دورة الانتخابات تلك، ولم تصل لأن تكون أكثر من قائمة أحلام محتملة.
أيضا من الدلائل التي تشير بشكل أفضل لطبيعة خططها لتغير المناخ في حال نجاحها في الانتخابات المنتظرة، سجلها في دعم المناخ كمدعية عامة لمنطقة سان فرانسيسكو من عام 2004 إلى عام 2011، وكمدعية عامة لولاية كاليفورنيا من عام 2011 إلى عام 2017.
وبالنسبة لفترة خدمتها كمدعية عامة لمنطقة سان فرانسيسكو أنشأت هاريس وحدة عدالة بيئية لمعالجة الجرائم البيئية التي تؤثر على أفقر سكان سان فرانسيسكو ومقاضاة العديد من الشركات، بما في ذلك U-Haul لانتهاك قوانين النفايات الخطرة.
وروجت هاريس لاحقا لوحدة العدالة البيئية الخاصة بها، باعتبارها أول وحدة من هذا النوع في البلاد.
ومع ذلك، وجد تحقيق أن وحدة العدالة البيئية التي دشنتها هاريس رفعت عددا قليلا فقط من الدعاوى القضائية، ولم يكن أي منها ضد كبار الملوثين الصناعيين في المدينة.
وبصفتها المدعية العامة في ولاية كاليفورنيا، حصلت هاريس على تسوية بقيمة 86 مليون دولار من فولكسفاغن لتزوير بيانات مركباتها فيما يتعلق بحجم الانبعاثات التي تصدرها السيارات.
كما رفعت دعوى مدنية ضد Phillips 66 فيليبس 66 وكونوكو فيليبس ConocoPhillips، بسبب الانتهاكات البيئية في محطات الوقود، التي أسفرت في النهاية عن تسوية بقيمة 11.5 مليون دولار.
وأجرت تحقيقا جنائيا مع شركة نفط بشأن تسرب عام 2015 في سانتا باربرا، وأدينت الشركة بتسع تهم جنائية.
وقالت هاريس في أواخر العام الماضي في قمة المناخ في دبي "يجب أن نبذل المزيد من الجهد"، وتابعت "إن عملنا الجماعي، أو الأسوأ من ذلك، تقاعسنا، سيؤثر على مليارات الأشخاص لعقود قادمة".
aXA6IDE4LjExOC4yNTUuNTEg جزيرة ام اند امز