سوريا وسنوات الحرب.. القمح يواجه "قيصر" في رحلة الاكتفاء الذاتي
الزراعة تُعدّ أكبر القطاعات المنتجة بالاقتصاد السوري، وتساهم في تأمين حاجات الملايين من سكان الأرياف، وفقا لتقرير أممي
يعاني ملايين السوريين من انعدام الأمن الغذائي في ظل أزمة اقتصادية خانقة يرجّح أن تفاقمها العقوبات الأمريكية الأخيرة، عبر قانون قيصر.
وقبل اندلاع النزاع في العام 2011، كانت سوريا تُحقق اكتفاءها الذاتي من القمح مع إنتاج 4,1 مليون طن سنوياً، لكن مع توسع رقعة المعارك وتعدد الأطراف المتنازعة، انهار الإنتاج إلى مستويات قياسية، وباتت الحكومة مجبرة على الاستيراد.
- "قيصر" على أبواب سوريا.. مقصلة تزيد عزلة الاقتصاد
- غزوة الليرة في إدلب.. أردوغان يستغل "قيصر" لاحتلال سوريا
ومنذ عام 2019، بدأ الحظ يحالف مزارعي القمح رويداً رويداً مع ارتفاع معدلات هطول الأمطار وتراجع حدة المعارك في مناطق واسعة. فتحسّن الإنتاج في بلد يعاني 9,3 مليون من سكانه من انعدام الأمن الغذائي، وفق برنامج الأغذية العالمي.
ويبادر مزارعون مع ارتفاع درجات الحرارة تدريجياً إلى حصد حقولهم باكراً خشية أن تلتهم الحرائق محاصيلهم.
وتطلب الحكومة السورية كل عام من المزارعين بيعها محاصيل القمح، حتى من محافظة الحسكة، الأغنى بحقول القمح والواقعة تحت سيطرة الإدارة الذاتية الكردية.
ومنع الأكراد هذا العام بيع المحاصيل إلى مناطق خارج سيطرتهم.
وبحسب تقرير صدر مؤخراً عن منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة، تُعدّ الزراعة اليوم أكبر القطاعات المنتجة في الاقتصاد السوري، وتساهم في تأمين حاجات الملايين من سكان الأرياف.
وتمكنّ مزارعو سوريا العام الحالي، وفق تصريحات لممثل المنظمة في سوريا مايك روبسون، من زراعة 70% من الأراضي المخصصة لإنتاج الحبوب.
صعوبات
في منطقة الكسوة قرب دمشق، تمكن المزارعون هذه السنة من زراعة 30 ألف دونم بدلاً من عشرة آلاف العام الماضي، وفق ما يشرح رئيس دائرة الزراعة في المنطقة هشام الصياد لفرانس برس.
لكن الأمر لم يكن بهذه السهولة في بلد يشهد أزمة اقتصادية حادة ونقصاً في الوقود، خصوصاً مادة المازوت، وتراجعاً غير مسبوق في قيمة الليرة أمام الدولار.
وقد نجح مزارعو الكسوة في مسعاهم، وفق الصياد، رغم "صعوبة توفير المازوت ومستلزمات الزراعة والري" في خضم عقوبات مفروضة على سوريا منذ سنوات تمّ تشديدها الشهر الحالي، فضلاً عن حرائق أطاحت بمحاصيل كثيرة.
ويتخوّف محللون ومنظمات إنسانية ومسؤولون سوريون أن تفاقم عقوبات أمريكية دخلت حيز التنفيذ الشهر الماضي بموجب "قانون قيصر"، معاناة السوريين الذين يعيش الجزء الأكبر منهم تحت خط الفقر.
وشملت الحزمة الأولى من العقوبات الجديدة 39 شخصاً أو كياناً، بينهم الرئيس بشار الأسد وزوجته أسماء. وقال وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو إنّها "بداية ... لحملة متواصلة من الضغوط الاقتصادية والسياسية".
إلا أنّ دمشق التي ندّدت بالعقوبات، قالت على لسان وزير خارجيتها وليد المعلم الأسبوع الماضي: "في سوريا نحن معتادون على التعامل مع موضوع العقوبات الأحادية"، مشدداً على أن "ما يجب أن نسعى إليه هو تحويل القانون الى فرصة للنهوض باقتصادنا الوطني وتحقيق الاكتفاء الذاتي".
اكتفاء ذاتي
وتخطى إنتاج سوريا من القمح العام الحالي، وفق ما يشرح مدير التخطيط والتعاون الدولي في وزارة الزراعة هيثم حيدر لفرانس برس، ثلاثة ملايين طن، مقارنة بـ2,2 مليون عام 2019، و1,2 عام 2018 الذي سجل فيه الإنتاج أدنى مستوياته.
ويقول حيدر: "نأمل بالعودة إلى كميات الإنتاج الكبيرة التي اعتدنا عليها قبل الحرب، والتي كانت تكفينا وتزيد". ويعزو التحسن الأخير إلى اتساع الأراضي المزروعة وإعادة تأهيل شبكات الري، بالتوازي مع ظروف مناخية ملائمة أكثر.
ويرى أن بلاده "تواجه حرباً بغذائها ولقمة عيشها لكن سيكون العنوان الرئيسي للفترة المقبلة الاعتماد على الذات في الإنتاج، وتقليل الاعتماد على الاستيراد قدر الإمكان".
aXA6IDE4LjExNy43MS4yMTMg جزيرة ام اند امز