الأمن والاستقرار هما الثروة الحقيقية للدول، وعندما لا يكترث المواطن العربي بهذه الثروة، فإن مصيره المؤكد ما يحدث الآن في العراق وسوريا.
يقول السياسي والبرلماني العراقي عزت الشابندر في لقاء تلفزيوني عندما سأله المذيع عن رأيه في أوضاع العراق حاليا والفساد الذي يعيق تشكيل الحكومة، وداعش على الحدود؟.. فأجاب "أقبل برئيس وحكومة 70% أو 60% منها فاسدة أو مخترقة أفضل لي من فراغ ينتهي إلى حرب أهلية طاحنة تستمر لربع قرن".. قال له المذيع "إذا كان هذا التوصيف صحيح لماذا لم ترضوا بصدام حسين، هو أيضا دكتاتور لماذا هنا تحللون وهناك تحرمون ؟"، فأجاب بشجاعة "لو كنت بهذا الوعي قبل أن يسقط لوقفت إلى جانب بلدي ضد الغزو الأمريكي ونتائجه.. وليبقى صدام".
بالنسبة لنا في المملكة والخليج فإن انحسار الحركات المتأسلمة، وانكشاف حقيقتها، وانصراف الأغلبية عنها وعن أساطينها، أمر يثير الطمأنينة، رغم محاولاتهم المتكررة بإشعال الفتيل ثانية، لكنهم يصطدمون بتكاتف الشعوب حول قيادتهم
ورغم أنني أختلف مع هذا السياسي في كثير من آرائه وأقواله، وبالذات لكونه من حزب (الدعوة الشيعي العراقي) الموازي سنياً لجماعة الإخوان المسلمين، فإنني أكبر فيه اعترافه، وعدم مكابرته، وقوله الحقيقة رغم أنها لدى كثير من الثورجيين مرة مرارة العلقم.
وأعتقد جازما أن ما قاله هذا السياسي العراقي هو ما يقوله كثير من مواطني الدول العربية التي تجاوب مواطنوها مع رياح ما كان يسميه القطريون، وجماعة الإخوان المسلمين (الربيع العربي). التجربة خير برهان، فكل الذين خدعوا بالأيديولوجيات والشعارات الرنانة، وواكبوا الثورات هم الآن يعضون أصابع الندم، فالأمن والاستقرار هو الثروة الحقيقية للدول، وعندما لا يكترث المواطن العربي بهذه الثروة، فإن مصيره المؤكد ما يحدث الآن في العراق وسوريا وليبيا واليمن، ثم يجب ألا ينسى المواطن العربي في العراق، إن من قاد الثورات الدموية فيها المتأسلمون، الذين امتطوا الدين وجعلوا منه مطية براغماتية، وها أنت ترى بأم عينيك نتائج هذه الثورات، وما فعلته الثياب القصيرة، والمظاهر الدينية الكاذبة ببلدانهم، حروب أهلية دموية طاحنة، لا تكاد تهدأ حتى تشتعل ثانية، وهكذا دواليك.
وبالنسبة لنا في المملكة والخليج فإن انحسار الحركات المتأسلمة، وانكشاف حقيقتها، وانصراف الأغلبية عنها وعن أساطينها، أمر يثير الطمأنينة، رغم محاولاتهم المتكررة بإشعال الفتيل ثانية، لكنهم يصطدمون بتكاتف الشعوب حول قيادتهم، مع أنه ما زال هناك جيوب للمتأسلمين يأملون في أن تعود صحوتهم القميئة، التي عانينا منها ومن انتشارها أشد المعاناة، كما أنه من الواضح أن كثيراً من أساطينهم الخونة، من ذوي المظاهر الدينية الكاذبة رفعوا الراية البيضاء، وشعروا كما لم يشعروا من قبل (بالوعي) وما حصل فيمن عصفت باستقرارهم رياح ما سموه زورا وبهتانا بالربيع العربي فقد كشف مخططاتهم وأدرك الناس مراميهم، و(المؤمن لا يلدغ من جحر مرتين)، فمثل هذه الحركات المتأسلمة هي الآن في مرحلة التلاشي والاندثار، وكنت منذ سنوات وسنوات متوقعا للحركات المتأسلمة المسيسة هذه النهاية، إلا أنني لم أتوقع أن أرى هذه النهاية في حياتي، غير أن ما سموه الربيع العربي كان بمثابة الضريبة الباهضة التي كان على الشعوب العربية أن يدفعوها ليتخلصوا من هذه الحركات الشيطانية التي تخدع الناس بالعقيدة الإسلامية.
إلى اللقاء
نقلا عن "الجزيرة السعودية"
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة