قدوتها «المرأة الحديدية».. ساناي تاكايشي تصنع التاريخ كأول رئيسة وزراء باليابان

تستعد اليابان لدخول مرحلة سياسية جديدة مع انتخاب ساناي تاكايشي، التي أصبحت أول امرأة تتولى رئاسة الوزراء في تاريخ البلاد، وأحد أكثر الزعماء نزعة قومية وتشددًا يمينيًا منذ الحرب العالمية الثانية.
تبلغ تاكايشي 64 عامًا، وقد وجدت نفسها أمام أسابيع حاسمة يتعين خلالها أن تؤمّن أغلبية برلمانية، وتشكل حكومتها الجديدة، وتقيم علاقات قوية مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
وستسعى تاكايشي في الوقت ذاته إلى فرض هيبتها على مؤسسة سياسية تُعد من أكثر المؤسسات ذكوريةً ومحافظةً في العالم الديمقراطي، بحسب صحيفة التايمز البريطانية.
ومن المنتظر أن يُصوّت البرلمان لإقرار تعيينها رسميًا في منصب رئيسة الوزراء في 15 أكتوبر/تشرين الأول الجاري، بعد فوزها المفاجئ في سباق زعامة الحزب على أربعة منافسين ذكور، من بينهم وزير الزراعة شينجيرو كويزومي الذي تغلبت عليه في جولة الإعادة.
أزمة الأغلبية والائتلاف الحاكم
تسلّمت تاكايشي الحزب في ظرف سياسي صعب بعد أن فقد رئيس الوزراء المنتهية ولايته شينغورو إيشيبا الأغلبية في مجلسي البرلمان للمرة الأولى منذ عقود.
ورغم أن الحزب ما يزال يمتلك أكبر عدد من المقاعد، إلا أن المعارضة منقسمة ولا تملك بديلاً قويًا، ما يمنحها فرصة محدودة للمناورة.
ومع ذلك، ستحتاج تاكايشي إلى دعم أحزاب المعارضة لتأمين الموافقة على تعيينها وتسهيل تمرير القوانين والموازنات. لكن نزعتها اليمينية المتشددة تزيد من تعقيدات الوضع، إذ تهدد علاقتها مع الشريك الأساسي في الائتلاف، حزب كوميتو، المعروف باسم "حزب الحكومة النظيفة"، وهو الذراع السياسي لمنظمة سوكا غاكّاي البوذية.
طوال أكثر من 26 عامًا، قدّم حزب كوميتو الدعم للحزب الليبرالي الديمقراطي رغم الفجوة الأيديولوجية بينهما، مفضلاً البقاء في السلطة على حساب مبادئه السلمية. إلا أن مواقف تاكايشي المحافظة قد تُشكل اختبارًا صعبًا لتحالف استمر عقودًا.
"المرأة الحديدية" اليابانية
تُعد تاكايشي أول امرأة تتولى قيادة اليابان منذ تنازل الإمبراطورة غو-ساكوراماتشي عن العرش عام 1771.
وتُعرف بسياساتها المحافظة الصارمة، وتستلهم نهجها من مارغريت تاتشر، رئيسة الوزراء البريطانية الراحلة مارغريت تاتشر، التي تصفها بأنها قدوتها في القيادة القوية.
وقالت في أحد تصريحاتها: "أُعجب بشجاعة تاتشر في تنفيذ السياسات التي تراها ضرورية للشعب، حتى وإن كانت غير شعبية".
مواقف مثيرة للجدل
تُثير تاكايشي الجدل بسبب زياراتها المتكررة لمعبد ياسوكوني في طوكيو، حيث تُكرم أرواح قتلى الحروب اليابانيين، بمن فيهم مجرمو حرب مدانون.
وخلال حملتها الأخيرة، رفضت الإفصاح عما إذا كانت ستواصل تلك الزيارات وهي في منصبها، ما أثار استياء الصين وكوريا الجنوبية اللتين تعتبران المعبد رمزًا للعدوان الياباني السابق.
كما تدعو تاكايشي إلى زيادة الإنفاق العسكري، وشككت في الحظر المفروض على دخول الأسلحة النووية الأمريكية إلى الأراضي اليابانية. وهي أيضًا من أشد المعارضين للهجرة الواسعة النطاق.
هذه المواقف الصلبة، إلى جانب توجهها القومي، قد تكسبها نقاطًا إيجابية لدى إدارة ترامب، الذي يُتوقع أن يزور اليابان في نهاية الشهر الجاري.
خلفية شخصية وإنسانية
بعيدًا عن السياسة، تمتلك تاكايشي شخصية متعددة الجوانب. ففي شبابها عملت عازفة للطبول في فرقة روك، كما تزوجت مرتين من الرجل نفسه، النائب السابق في البرلمان تاكو ياماموتو، الذي عاد إليها بعد الطلاق. ولديها ثلاثة أبناء بالتبني، وقد تحدثت بصراحة عن عدم قدرتها على الإنجاب بعد عملية جراحية خضعت لها.
خططها للحكومة الجديدة
وبلغ عدد النساء في الحكومة المنتهية ولايتها، وزيرتان فقط. أما تاكايشي فقد وعدت بتعيين عدد أكبر من النساء في المناصب الوزارية، قائلة: "لن أختار النساء لمجرد أنهن نساء، لكنني أعتزم تعيين مزيد من النساء القادرات على خدمة الوطن".
وأشارت إلى أن طموحها هو الوصول إلى نسب تمثيل نسائي قريبة من تلك التي حققتها دول الشمال الأوروبي.
لكن في المقابل، تعارض تاكايشي تعديل القوانين التي تتيح للنساء الاحتفاظ بأسمائهن الأصلية بعد الزواج، كما ترفض السماح لأي امرأة باعتلاء العرش الإمبراطوري.
ولذلك يرى المدافعون عن حقوق المرأة أن صعودها قد يمثل خطوة إلى الوراء في مسيرة المساواة، في مجتمع لا يزال يُنظر إليه على أنه من أكثر المجتمعات ذكورية ومحافظة بين الديمقراطيات المتقدمة.
aXA6IDIxNi43My4yMTYuMjEg جزيرة ام اند امز