على وقع المناخ المتطرف.. «النينيو» تُنذر العالم بشتاء أكثر تقلباً
من المتوقع أن تشتد حدة ظاهرة النينيو المناخية، والتي تنشأ شرق المحيط الهادئ الاستوائي وتخلف تداعيات "أكثر تقلباً" حول العالم، في أشهر فصل الشتاء الحالي.
لقد أصبحت المخاطر المرتبطة بالمناخ الآن على رأس اهتمامات خبراء المخاطر، ولا سيما الفشل في التخفيف من تغير المناخ والتكيف معه، وفقا لتقرير المخاطر العالمية لعام 2023 الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي.
"الولد الصغير" كما تُعرف بالإسبانية، لكن في مجال علم المناخ والبيئة لها وقع صارم وخطير، فهذه الظاهرة تؤثر على طقسنا بشكل أساسي، ومن المتوقع أن تزداد تداعياتها حدة خلال فصل الشتاء. وقد يلوح في الأفق شتاء من الطقس القاسي، خاصة في الولايات المتحدة، وفقا لتوقعات جديدة صادرة عن مركز التنبؤ المناخي التابع للإدارة الوطنية الأمريكية للمحيطات والغلاف الجوي.
- القضاء الألماني ينسف جهود برلين المناخية.. تعطيل التمويل بحجة الديون
- انبعاثات الميثان تُشعل حرارة الأرض.. هل تنجح جهود المناخ للحد منها؟
ما هي ظاهرة النينيو؟
النينيو هو الاسم المستخدم لوصف ارتفاع درجات حرارة سطح البحر في شرق المحيط الهادئ الاستوائي، ويتكرر كل بضع سنوات مع ارتفاع درجات حرارة البحر بمقدار 0.5 درجة مئوية فوق المتوسط على المدى الطويل، ووفقاً لمكتب الأرصاد الجوية في المملكة المتحدة فإن اسم النينيو يعود إلى الصيادين البيرويين الذين أطلقوا على هذه الظاهرة منذ قرون اسم "إل نينو دي نافيداد" على اسم المولود الجديد.
وتؤدي الظاهرة الجوية إلى طقس أكثر دفئا من المعدل، وتؤثر ظاهرة النينيو على منطقة شرق المحيط الهادئ الاستوائية بقوة، ولكنها تؤدي أيضا إلى ارتفاع درجات الحرارة في جميع أنحاء العالم.
في السنوات الأخيرة، استفادت درجات الحرارة في جميع أنحاء العالم من تأثير ظاهرة النينيا -"الفتاة الصغيرة"- التي تتناوب مع شقيقها، فهو يجلب درجات حرارة سطح البحر الأكثر برودة والتي غالبًا ما تتراوح بين ثلاث وخمس درجات تحت المتوسط. وتؤدي ظاهرة النينيا إلى طقس أكثر جفافا وبرودة في شرق المحيط الهادئ الاستوائي، وبالتالي في جميع أنحاء العالم.
وبين طرفي ظاهرة النينيو والنينيا هناك أيضا فترات محايدة، حيث تظل درجات الحرارة قريبة من المتوسط على المدى الطويل، ما يقرب من نصف جميع السنوات عادة ما تكون محايدة.
ماذا يمكن أن نتوقع من ظاهرة النينيو هذا الشتاء؟
بعد ثلاث سنوات من مرحلة التبريد في ظاهرة النينيا تعود ظاهرة النينيو في وقت يواجه فيه العالم بالفعل درجات حرارة مرتفعة للغاية، فقد أعلنت الأمم المتحدة أن شهر يوليو/تموز 2023 هو الشهر الأكثر سخونة منذ 120 ألف عام نتيجة لظاهرة النينيو وتأثير تغير المناخ، لقد شهدنا منذ ذلك الحين أيضا شهري أغسطس/آب وسبتمبر/أيلول الأكثر سخونة على الإطلاق.
بالنسبة للولايات المتحدة تتوقع الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي (NOAA) أن تكون درجات الحرارة أكثر دفئا من المتوسط عبر مساحات واسعة من البلاد، تصل إلى غرب المحيط الهادئ وعلى طول النصف الشمالي من ساحل المحيط الأطلسي.
إلى جانب ظاهرة النينيو هناك أيضا تفاعل مع التيارات النفاثة، وفقا لتقارير أكسيوس، وهي تيارات هوائية سريعة الحركة تدور فوق الأرض وتكون أقوى في الشتاء عندما تكون اختلافات درجة حرارة الهواء في أقصى حالاتها.
وفي الولايات المتحدة من المرجح أن تحمل ظاهرة النينيو والتيار النفاث شبه الاستوائي العواصف من كاليفورنيا عبر الولايات الجنوبية، مما يؤدي إلى سقوط أمطار أعلى من المتوسط في تلك المناطق، وفي الوقت نفسه سيجلب التيار النفاث القطبي الهواء البارد إلى شمال البلاد، حسب موقع أكسيوس، ولذلك يمكننا أن نشهد تكرار العواصف الثلجية الغزيرة في ولايات وسط المحيط الأطلسي، مثل عاصفة ثلجية "Snowmageddon" في واشنطن العاصمة خلال شتاء 2009/2010.
ما هو تأثير ظاهرة النينيو عالمياً؟
ويمتد تأثير ظاهرة النينيو إلى ما هو أبعد من الولايات المتحدة والأمريكتين، إن أولئك الذين يعيشون بالقرب من المحيط الهادئ سيشعرون بالآثار أولاً، ويشمل ذلك الساحل الغربي للأمريكتين واليابان وأستراليا ونيوزيلندا، ويمكن أن تشهد إندونيسيا وأستراليا طقسا أكثر حرارة وجفافا مع زيادة خطر حرائق الغابات، وبينما قد تشهد الهند وجنوب أفريقيا كميات أقل من الأمطار فإن شرق أفريقيا قد تشهد زيادة في الأمطار، مما يؤدي إلى الفيضانات، سيكون الشتاء في شمال أوروبا أكثر برودة وجفافا، بينما سيكون الشتاء في الجنوب أكثر رطوبة.
كما حذرت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية التابعة للأمم المتحدة من أن تأثير ظاهرة النينيو يمكن أن يهدد مرة أخرى الأرواح والإمدادات الغذائية في بعض المناطق، وهناك أيضا خطر زيادة نشاط الأعاصير في المحيط الهادئ، مما يجعل الأعاصير المدارية أكثر عرضة لضرب الدول الجزرية مثل هاواي.
وكانت مرحلة النينيو القوية في الفترة (2014-2016) قد أدت إلى موجات جفاف وفيضانات في جميع أنحاء العالم، وأسهمت في تفشي فيروس "زيكا" في جميع أنحاء أمريكا الجنوبية وابيضاض ما يقرب من ثلث الحاجز المرجاني العظيم في أستراليا، ما كان يعتبر ظاهرة النينيو المعتدلة في (2018/2019) أسهم في بعض أسوأ حرائق الغابات في أستراليا.
ومع ذلك فإن التفاعل بين ظاهرة النينيو وتغير المناخ يخضع للبحث العلمي المستمر، وتشير العديد من الدراسات إلى أن ظاهرة الاحتباس الحراري قد تؤدي إلى مراحل أقوى من ظاهرة النينيو، وفقا لتقرير صادر عن معهد غرانثام للتغير المناخي والبيئة في كلية لندن للاقتصاد والعلوم السياسية، على سبيل المثال وجد الباحثون أن أحداث درجات حرارة سطح البحر المتطرفة في شرق المحيط الهادئ قد زادت بمقدار العُشر منذ عام 1960، ولكن من المرجح أن تصبح نوبات النينيو أكثر تواتراً على مدى السنوات المائة المقبلة، كما يتوقع العلماء.
aXA6IDUyLjE1LjIxNy44NiA= جزيرة ام اند امز