التخلص من البلاستيك.. العالم يواجه أعقد أزمات التاريخ
قبل عشرات السنوات لم يكن العثور على بديل جيد للبلاستيك أمرا سهلا، لكن هذه الصورة تغيرت تماما في ظل مواجهة العالم للنفايات البلاستيكية.
يبدو أن قائمة بدائل البلاستيك تزداد يوما بعد آخر، حيث تبتكر الشركات منتجات جديدة مثل غلاف التغليف المصنوع من نفايات البطاطس وأغلفة الطعام المعتمدة على الأعشاب البحرية وأكياس نشا الكسافا.
هذا بالإضافة، إلى الجهود المبذولة لتعبئة المزيد من المنتجات في المواد البديلة اليومية، مثل الزجاج والمعادن والورق، ومع ذلك، استمرت مشكلة التلوث البلاستيكي في العالم في التفاقم.
مشكلة التلوث البلاستيكي
تصنع اللدائن البلاستيكية التقليدية من الوقود الأحفوري؛ لكن مشكلة البلاستيك أقل تعلقا بمشتقات الوقود الأحفوري، وإنما تتعلق أكثر بما يتم تصنيعه بها في نهاية العمر الافتراضي؛ حيث تمثل المواد البلاستيكية ذات الاستخدام الواحد 40% من البلاستيك الذي يتم إنتاجه كل عام.
كما أنه يتم استخدام العديد من هذه المنتجات، مثل الأكياس البلاستيكية وأغلفة الطعام، لمجرد دقائق إلى ساعات، ومع ذلك قد تستمر في البيئة لمئات السنين، لذلك فإن مشكلة البلاستيك تكمن في كيفية إدارة نفاياته، بحسب ما ذكرته مجلة ذا واشنطن بوست
ومن هذا المنطلق، أصبح التلوث البلاستيكي أحد أكثر القضايا البيئية إلحاحًا؛ حيث إن الزيادة السريعة في إنتاج المنتجات البلاستيكية التي يمكن التخلص منها تطغى على قدرة العالم على التعامل معها.
يكون التلوث البلاستيكي أكثر وضحًا في الدول الآسيوية والأفريقية الأقل ثراءً، حيث غالبًا ما تكون أنظمة جمع القمامة غير فعالة أو غير موجودة. لكن الدول الغنية، خاصة تلك ذات معدلات إعادة التدوير المنخفضة، تواجه أيضًا مشكلة في جمع المواد البلاستيكية المهملة بشكل صحيح.
البلاستيك بالأرقام
- زاد الإنتاج البلاستيكي بشكل كبير، من 2.3 مليون طن في عام 1950 إلى 448 مليون طن عام 2015، ومن المتوقع أن يتضاعف الإنتاج بحلول عام 2050.
- كل عام، يتسرب حوالي 8 ملايين طن من النفايات البلاستيكية إلى المحيطات من الدول الساحلية، وهذا يعادل وضع 5 أكياس قمامة مليئة بالقمامة على كل قدم من السواحل حول العالم.
- غالبًا ما تحتوي المواد البلاستيكية على مواد مضافة تجعلها أقوى وأكثر مرونة ومتانة؛ لكن العديد من هذه الإضافات يمكن أن تطيل عمر المنتجات إذا أصبحت نفايات، مع بعض التقديرات التي تصل إلى 400 عام على الأقل للتحلل.
ذكرت ميليسا فاليانت، مديرة الاتصالات في منظمة ما وراء البلاستيكيات، أن الكثير من البلاستيك لا يتم إعادة تدويره.
وأظهرت الدراسات، أن البشر وضعوا في المحيطات أكثر من 170 تريليون قطعة من البلاستيك، وهو ما يزيد بشكل كبير عن التقديرات السابقة.
كما تزن تريليونات الجسيمات البلاستيكية -'الضباب الدخاني البلاستيكي' على حد تعبير الباحثين- حوالي 2.4 مليون طن متري وتتضاعف كل 6 سنوات تقريبًا. هذا ما يُعادل أكثر من 21 ألف قطعة من البلاستيك لكل فرد من سكان الأرض البالغ عددهم 8 مليارات.
القضاء على التلوث البلاستيكي
يأمل المفاوضون العالميون في استكمال معاهدة البلاستيك بحلول عام 2024، والتي ستنظم جميع جوانب دورة حياة البلاستيك، بما في ذلك أنواع المواد الكيميائية التي تدخل فيه وما إذا كان من السهل إعادة تدويره. وفي هذا الصدّد، يُذكر نشطاء مكافحة التلوث، أن حل مشكلة التلوث البلاستيكي، يكمُن في منع النفايات البلاستيكية من دخول الأنهار والبحار في المقام الأول؛ حيث إن التعامل مع البلاستيك قبل دخوله المجاري المائية أسهل بكثير من تنظيفه بعد ذلك.
ويمكن تحقيق ذلك من خلال تحسين أنظمة إدارة النفايات وإعادة التدوير، وتصميم أفضل للمنتج يأخذ في الاعتبار العمر القصير للعبوات التي تستخدم لمرة واحدة، وتقليل تصنيع المواد البلاستيكية غير الضرورية ذات الاستخدام الواحد.
وأشار "مايكل شيفر"، مدير مركز ابتكار المواد المستدامة بجامعة مانشستر، إلى إن المواد البلاستيكية بحاجة إلى الإصلاح؛ ولكن القيام بذلك ببساطة عن طريق التبديل إلى مادة أخرى دون النظر في عواقب ذلك سيصبح أمرا خطيرا؛ حيث إنه لم يكن من السهل استبدال البلاستيك، وهو مادة منتشرة وغير مكلفة وقوية ومتعددة الاستخدامات.
بدائل البلاستيك
1- زجاج
يُصنع الزجاج من مواد طبيعية مثل الرمل ورماد الصودا والحجر الجيري المصهور في درجات حرارة عالية. على عكس البلاستيك، يرى الخبراء، غالبًا ما يُعاد استخدام الزجاج بسهولة ويمكن إعادة تدويره عدة مرات دون تدهور الجودة.
ومن جانبه، يرى "محمد ربناوز"، الأستاذ المساعد في كلية التغليف بجامعة ولاية ميشيغان، أن الزجاج ثقيل، لذا فإن تحريكه لمسافات طويلة يمكن أن يؤدي إلى زيادة تكاليف النقل، فضلًا عن أنه أكثر عرضه للكسر مقارنة بالبدائل الأخرى من البلاستيك والألومنيوم والورق.
ويزعم الخبراء، أن صناعة الزجاج وإعادة تدويره عمليتان كثيفتان للطاقة. وذكر شيفر: 'حتى نتمكن من ربط إعادة تدوير الزجاج بالطاقة المتجددة، فإننا نواجه خطر استبدال مشكلة النفايات بمشكلة طاقة'.
وأضاف أن الزجاج، مع ذلك، يمكن أن يكون الخيار المفضل في أنظمة إعادة التعبئة حيث تكون مسافات النقل قصيرة.
2- الألومنيوم
يُمكن أن يكون تصنيع الألومنيوم البكر، الذي يتضمن تعدين المعادن مثل البوكسيت، مدمرًا للبيئة ويستهلك الكثير من الطاقة. لكنه يتميز بخفة وزنه وقابليته لإعادة التدوير. فضلًا عن أنه يصعب صنع الألومنيوم من المواد الخام، لذا يجب إعادة تدويره.
3- الورق
يُعتقد عمومًا أن الورق، القابل لإعادة التدوير، أنه أحد أكثر المواد استدامة بيئيًا. بحسب ما ذكره "لازلو هورفاث"، الأستاذ المشارك ومدير مركز التغليف وتصميم الوحدات في Virginia Tech.
وأوضح أن عملية إعادة تدوير الورق، تُعُّد عملية ضارة للغاية بالبيئة. وأضاف"أنها تتطلب الكثير من المواد الكيميائية، والطاقة، والماء"، وبالتالي، فإنه على غرار البلاستيك، قد يكون من الصعب الحفاظ على جودة الورق بعد إعادة تدويره.
البلاستيك والاقتصاد الدائري
يُعرف البلاستيك الحيوي، بأنه مادة قابلة للتحلل تأتي من مصادر متجددة ويمكن استخدامها للحد من مشكلة النفايات البلاستيكية التي تخنق الكوكب وتلوث البيئة.
عادة ما يسهم البلاستيك الحيوي -المُصنع من البوليمرات الحيوية- في دورات حياة بلاستيكية تجارية أكثر استدامة كجزء من الاقتصاد الدائري؛ حيث يتم تصنيع البوليمرات البكر من مواد خام متجددة أو معاد تدويرها.
هذا، وأوضح "شيفر" أن استخدام الملصق 'البلاستيك الحيوي' أو 'البوليمر الحيوي' يشير عادةً إلى أن مصدر المادة شيء بيولوجي، والذي يمكن أن يشمل المنتجات الغذائية أو نفايات الطعام أو النفايات الزراعية.
aXA6IDMuMTQ1LjU5LjI0NCA= جزيرة ام اند امز