لماذا استهدف الإرهابيون قلب العاصمة القاهرة؟
تفجير الكنيسة البطرسية ألقى بظلاله حول ما إذا كانj هناك خطة متكاملة للإرهابيين للتمدد للقاهرة لاستعادة زخم الهجمات الإرهابية بسيناء.
واجهت الأجهزة الأمنية المصرية "اختبارا صعبا"، أمس، مع الهجوم الإرهابي على الكنيسة البطرسية، الملاصقة للكاتدرائية الأرثوذكسية بالعباسية؛ حيث طرح خبراء الأمن عدة تساؤلات بشأن قدرتها على تأمين المنشآت الحيوية ونطاقاتها، ودوافع الجماعات الإرهابية في الاتجاه إلى قلب القاهرة، مشيرين إلى أن قوات الجيش والشرطة نجحت في اجتياز الاختبار الأمني في سيناء وتضييق الخناق على الجماعات الإرهابية، ما دفعها لوضعهم في اختبار جديد.
الاختبار الجديد جاء متزامنا مع وقوع تفجيرين، خلال الأيام الماضية، أحدهما بحي الهرم بالجيزة المتاخمة للعاصمة القاهرة، والثاني في محافظة كفر الشيخ، وهو ما ألقى بظلاله، حول ما إذا كانت هناك خطة متكاملة للحركات الإرهابية للتمدد وصولا إلى قلب العاصمة، في مواجهة القبضة الأمنية، بهدف استعادة زخم الهجمات الإرهابية التي كانت تنفذها في سيناء، شمالي مصر.
ومنذ أكثر من 3 سنوات، تعد منطقة سيناء (شمالي مصر) مسرح العمليات الإرهابية؛ حيث تركز الحركات الإرهابية هجماتها عليها، مستخدمين أسلحة نارية وقذائف "آر بي جي" وقنابل بدائية الصنع، قبل أن تخف حدة الهجمات، وتنتقل بكثافة إلى منطقة الدلتا ثم محافظة الجيزة، وأخيرا العاصمة القاهرة..
وفي نوفمبر/تشرين الثاني 2014، أعلن تنظيم مسمى بـ"أنصار بيت المقدس" مبايعة أمير "داعش"، أبوبكر البغدادي، وغيّر اسمه إلى "ولاية سيناء"، وكان من بين أشهر الهجمات وأفجها التي تبنى إسقاط طائرة ركاب روسية أودت بحياة 224 شخصا.
وانتشرت حركات إرهابية عدة كانت تركز هجماتها على منطقة سيناء ودلتا مصر، أبرزها "أجناد مصر"، و"المقاومة الشعبية"، و"العقاب الثوري"، إلى جانب "كتائب حلوان"، والتي امتدت شمالا، وكونت "بؤرا إرهابية"، كانت محل رصد ومكافحة، من قبل قوات الجيش والشرطة.
اللواء محمد نبيل فؤاد، الخبير العسكري ومساعد وزير الدفاع الأسبق قال، لبوابة "العين"، إن "ما حدث أمس يرتبط بلا شك بما يحدث في سيناء، فهناك رابط بين الأمرين، فمن المؤكد أن حدوث نجاحات لقوات الجيش والشرطة في سيناء، وقدرتهم على تضييق الخناق على تلك العناصر، شكلت دافعا لدى العناصر الإرهابية للبحث عن اتجاهات أخرى".
وأضاف الخبير العسكري: الأخطر من هذا وجود عقل مدبر يرتب العمليات الإرهابية في سيناء أو الوادي؛ لأن هذا يعني أن العقل المدبر لديه حرية الحركة، وهذه هي الخطورة أنه ما زال في عناصر قابلة للتخطيط والحركة بهذا الشكل.
ولفت الخبير العسكري إلى أننا أمام معادلة جديدة، وهي انضمام شرائح من المجتمع للفئة المستهدفة؛ حيث لم تعد جيشا وشرطة فحسب، ولكن ضمت العناصر الإرهابية المسيحيين أيضا إلى قائمة الأهداف.
متفقا معه، قال الخبير العسكري طلعت مسلم، لبوابة "العين"، إن الجماعات الإرهابية تلفظ أنفاسها الأخيرة في سيناء، ويحاولون تكثيف عملياتهم، لعلهم يحققون نجاحات مثلما كان الوضع في سيناء قبل أن يتم التضييق عليهم.
وذهب نبيل فؤاد إلى أن هناك صعوبات أمنية في الوقت الراهن، مطالبًا بضرورة وجود أجهزة فنية حساسة قادرة على استكشاف مثل هذه العناصر مبكرا، فيما رأى طلعت مسلم أنه من غير المعقول أن يتم تفتيش كل شخص مار من الشارع أو بصدد دخول مكان عبادة مثل الكنائس والمساجد.
غير أن حسام سويلم حسم المسألة الأمنية بالنسبة له قائلًا: ما يحدث ليس تقصيرا أمنيا أو يفتح الباب أمام قدرة الأمن على اجتياز هذا الاختبار أو لا، كل ما هنالك أن أعداء مصر في الداخل والخارج، يحاولون تكثيف إرهابهم، كي يظهروا مصر بمظهر الضعيف، وهذا هدف سياسي وإستراتيجي يأتي بالتزامن مع اقتراب مصر من الاستقرار الأمني والسياسي، وكذلك قبل إجراء الانتخابات الرئاسية المقبلة.
وأضاف سويلم: هم يعلمون إنه إذا مرت مصر بأمان واستقرار رغم الصعوبات الاقتصادية، لن يستطيع أحد إيقافها، ومن ثم يسعون لتفجير الأوضاع في الداخل وإثارة جميع طوائف الشعب.
وأعلن الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، خلال جنازة ضحايا الحادث اليوم، عن هوية منفذ العملية وأنه محمود شفيق محمد مصطفى وعمره 22 عاما ونفذ التفجير الانتحاري بحزام ناسف، مشيرا إلى القبض على 4 أشخاص بينهم سيدة وجارٍ البحث عن اثنين آخرين.