بطل رواية "أعجوبة".. رحلة استثنائية ضد التنمر
رواية حول طفل قادته ظروف ولادته لخوض حروب نفسية طويلة.. الرواية تُرجمت للغة العربية وتحولت لفيلم سينمائي وأصبحت أيقونة ضد "التنمر".
"أعرف أنني لست طفلاً عادياً في العاشرة من عمره. أقصد، بالطبع، أفعل أشياءً عادية. آكل الآيس كريم. أركب دراجتي، ألعب الكرة. لديّ إكس بوك، أشياء كهذه تجعلني عادياً، فيما أظن، وأنا أشعر أنني عادي من داخلي، لكنني أعرف أن الأطفال العاديين لا يجعلون غيرهم من الأطفال العاديين يفرون هاربين في ساحات اللعب وهم يصرخون. أعرف أن الأطفال العاديين لا يراهم الناس فتتسع أعينهم لرؤيتهم أينما ذهبوا. لو عثرت على مصباح سحري، وكان لي أن أتمنى أمنية، لتمنيتُ وجهاً طبيعياً لا يلاحظه أحد على الإطلاق. لتمنيت أن أستطيع المشي في الشارع من دون أن يراني الناس، فيديرون وجوههم بتلك الطريقة. إليكم نظرتي للأمر: أنا لست عادياً ولا أبدو عادياً لأحد".
راوي هذه الاعترافات هنا هو "أوجي" أو "أغسطس" بطل رواية "wonder" "أعجوبة" للكاتبة الأمريكية آر.جيه.بالاسيو، البطل الذي عبر حدود كتابه ووصل بصيته المُدوي إلى شاشات السينما العملاقة، وهو عبور مُستحق لبطل استثنائي.
"أوجي" طفل في العاشرة من عمره، وُلد بمرض نادر يُطلق عليه "متلازمة تريتشر كولينز" تسبب في تشوهات شاسعة شقّت طريقها على وجهه البرئ، لم تُفلح حتى عمليات التجميل في طمسها، فتحولت ملامحه للتشوه، فآثرت أسرته الاختباء به داخل جدران المنزل، وعندما كان يخرج برفقتهم كان يضع قناع رائد فضاء مُحبب لديه، يُشعره بالانطلاق ويحجب عنه نظرات الناس التي لا يرغب بها حتما.
قررت الأم أن تضع حدا لعُزلة ابنها، وقادت، مع وصول عمره 10 سنوات، قرار التحاقه بالمدرسة، بعد أن ظلّت تُعلمه منزليا منذ بلوغه سن التعلم، قررت أن تدفعه لمواجهة الحياة، الناس، النظرات، أن تجعله أكثر صلابة، وتفرض على الجميع تقبلهم لمحنة "أوجي".
ومع تفعيل القرار، والتحاق "أوجي" بالمدرسة، بدأت معركته ومعه أسرته مع آفة "التنمر"، تلك التي كان يتعرض لها الصبي الصغير بشكل يومي، أتلفت حالته النفسية، وحوّلت مساره من طفل وديع إلى طفل غاضب، يصرخ، يبكي بحُرقة، يفقد الكثير من براءته ومعها ثقته في أن العالم قد يتقبله يوما، راغبا في ترك المدرسة والاختباء داخل بيته من جديد.
ترفض الأسرة، وتخوض معه حربه ضد "التنمر"، حتى يتحول المسار، ويتحول "أوجي"بوجهه المُخيف لمن حوله، إلى مُلتقى للمحبة والاستثناء داخل مدرسته.
يتكرر مصطلح "التنمر" Bullying مرارا على مستوى العالم أجمع، لاسيما التنمر في المدارس، الذي تتبعه كوارث نفسية للأطفال، ففي هذه الأيام في مصر تبنت عدد من الجهات وعلى رأسها المجلس القومي للأمومة والطفولة، ومنظمة اليونيسف، حملة بعنوان "أنا ضد التنمر" بالتزامن مع العام الدراسي الجديد، وعرّفت "اليونيسيف" التنمر بأنه أحد أشكال العنف الذي يمارسه طفل أو مجموعة من الأطفال ضد طفل آخر عن عمد وبطريقة متكررة، سواء وجها لوجه، أو عبر الإنترنت، بدءا من الأذى الجسدي إلى الإساءة اللفظية والنفسية، والتي يمكن أن تؤدي إلى الإقصاء، والاكتئاب، وأحيانا الانتحار، ولفتت إلى أنه وفقا لأحدث البيانات العالمية، فإن ما يزيد قليلا على طالب من كل 3 طلاب ممن تتراوح أعمارهم بين 13 و15 عاما يتعرض للتنمر من الأقران.
لاقت رواية "أعجوبة" دعما كبيرا من جانب منظمات تواجه التنمر في الولايات المتحدة، وحصدت العديد من التعليقات المؤيدة لمثل تلك الأعمال التي تكافح مثل تلك الجريمة الأخلاقية، منهم تعليق لمنسق برنامج سفراء مكافحة التنمر قال فيه "أعتقد أنه كتاب رائع! قراءة واضحة للشباب لتعليمهم أهمية الاعتراف بالفروق بطريقة إيجابية".
ومن تعليقات أحد أعضاء مكافحة التنمر الشباب ويُدعى ثيو قال في عبارة تم إدراجها في الطبعات اللاحقة للكتاب: "أعتقد أن الكتاب يعلمنا الكثير، أوجي لا يكتفي بمشاكل وجهه، فهو يدرك أن الناس يحكمون عليه بما يرونه وبعض الناس يخافون منه، ومع ذلك ، عندما نقترب من نهاية الكتاب ، ندرك مدى قابلية الأطفال للتغيير، يجد أوجي القبول بمشاكله، يظل جاك صديقًا لأوجي على الرغم من أنه يضحي بكل أصدقائه لحرصه على صداقته بأوجي، وهذا دليل على أن النوايا الحسنة ستنتصر ويحظى الناس في نهاية المطاف بالاحترام إذا عرفهم الناس وشاهدوا ما يتجاوز مظهرهم.
وتابع ثيو "إذا كان لديك صديق يقوم بشيء ما ، أخبره بالتوقف. لا تدعهم يؤذون شخصًا آخر،لا يهم كيف تنظر أو ما يفكر به الناس، لا تحكم على الكتاب من غلافه فقط".
وبلغ بالكتاب من الشهرة والأهمية، ما جعل له نسخة سينمائية من بطولة جوليا روبرتس وأوين ويلوسن والطفل يعقوب تريمبلاي، وهو من إنتاج عام 2017، وسادت عبارات الإلهام في الفيلم، لعل أبرزها جملة إذا خُيرت بين أن تكون محقاً وبين أن تكون لطيفًا اختر أن تكون لطيفا".
aXA6IDMuMTM1LjI0Ny4xNyA= جزيرة ام اند امز