في الواحدة من ظهر يوم الأحد 20 نوفمبر/تشرين الثاني، يدوّي صوت في شتى أرجاء العالم!
هذه ساحة الحرب الخضراء، يقف عليها 22 مقاتلا، ويفصل بينهم قائد الميدان، هو من يدير المعركة، ولكن حذارِ، فالمشهد كله مرصود من أعلى بكاميرات تنقل الحرب على الهواء، وتحاسب كل من يخطئ.
لا، هذه ليست ساحة حرب، هذا ملعب الكرة، وهؤلاء ليسوا جنودًا في معركة، ولكنهم 22 لاعبًا ينتمون لمنتخبَيْن مختلفين، وهذا ليس قائد الميدان، هذا حكم المباراة جاء ليطلق صافرته بدايةً ونهايةً.
نعم، المشهد كله تخيّلي، إلا تلك الكاميرات التي ترصد المشهد بأكمله لتُحاسب كل من فيه، والغريب أنها لن تحاسبه على مستواه الفني، ولكنها ستُحاسبه على تصرفات جعلتها معيارًا للحق والصواب، وهي في ذاتها عين الباطل.
منذ أشهر عديدة، لا تسمع آذاننا سوى أن قائد هذا المنتخب أو ذاك ينوي ارتداء شارة دعم "الشذوذ" في كأس العالم، وكأن هذه القضية القميئة هي القضية الوحيدة على سطح هذا الكوكب!
لك أن تتخيل يا عزيزي أن يورجن كلوب، مدرب ليفربول الإنجليزي، وهو أحد من أعلنوا دعمهم للشذوذ، قد سئم من تكرار تلك الدعاوى بشكل أصبح يسخّر كرة القدم لخدمة قضية بعينها.
حتى الاتحاد الدولي لكرة القدم، والذي يدعم أيضًا تلك القضية المريبة، خرج بدعوة صريحة للتوقف عن تلك الدعاوى، والتركيز على كرة القدم، وعدم جرّ اللعبة إلى "معارك أيديولوجية أو سياسية".
أصبحت كأس العالم فرصة لكل من هبّ ودبّ، وكل من أمسك بقلم، وكل من نطق بصوت، أن يستغلها ويعبث بها ويقتل متعة العاشقين لها، لكي يستغلها في أهدافٍ دنيا لم يكن يجرؤ من قبل أن يحدّث نفسه بها، لا أن يصدح بها جهارًا نهارًا.
لا يا سادة، هذه كأس العالم، أمتع وأقوى بطولة في كرة القدم، اللعبة الأكثر شعبية حول العالم، وُجدت لنستمتع بها، مُتعة "حلال" خالصة، ليست كمتعتكم التي ترفضها كل الأديان.
هذه لعبتنا، ومُتعتنا، لم يمنعكم أحدٌ منها، فلا تمنعونا إياها، ولا تُنغصوا علينا مشاهدتها بما تشمئز منه نفوسنا، ولا تفرضوا على الآخرين ما لن يقبلوه.
عذرًا مجتمع "الميم" والنون والكاف، عذرًا كل المجتمعات، هذه كأس العالم لكرة القدم فقط!
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة