ضمن قائمة "الأعلى تضخما".. أردوغان يقود اقتصاد تركيا لظلام التسعينيات
تركيا تحتل المرتبة الـ 14 في قائمة الدول الأعلى في التضخم وديونها الخارجية وصلت إلى 226 مليار دولار حتى نهاية فبراير الماضي
الرئيس رجب طيب أردوغان يقود الاقتصاد التركي للأيام المظلمة في التسعينيات، بسبب إصراره على إبقاء أسعار الفائدة أقل بكثير من معدل التضخم، مما يسبب اختلالات في الاقتصاد، وفقا لتقارير محلية.
وواصل معدل التضخم الارتفاع حتي أصبحت تركيا في المرتبة الـ14 في قائمة الدول الأعلى في التضخم، ليصل تدهور الاقتصاد إلي معدلاته في التسعينيات فترة حكومة رئيسة الوزراء التركية السابقة تانسو تشيلر قبل أكثر من عقدين.
وحسب تقرير لموقع جريدة الزمان التركية، تتقلص فرص الحكومة التركية في تحقيق أهداف نقل معدل التضخم السنوي إلى خانة الآحاد، وهو الوعد الذي قدمه الرئيس رجب أردوغان العام الماضي، وذلك كعادته في وعود الكاذبة.
وبلغ معدل التضخم في تركيا خلال شهر يونيو/ حزيران الماضي 12.62%، مقابل 11.4% في مايو/ أيار الماضي، و 10.94% في أبريل/ نيسان الماضي.
وبهذه الزيادة، أصبحت وعود الحكومة التركية بخفض معدلات التضخم إلى أرقام أحادية خلال الصيف كاذبة كعادتها.
وكان البنك المركزي التركي، قد أعلن هدفه لمعدل التضخم عند 7.4% بنهاية العام الجاري.
وقبل أيام أعاد الرئيس التركي الحديث عن تصميمه على خفض التضخم إلى خانة الآحاد في أقرب وقت، مشيرا إلى أن محاولات عرقلة نهوض تركيا لن تنجح مهما فعلوا في الداخل والخارج.
وكان أردوغان قد قال في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي إن " التضخم سيتراجع إلى خانة الآحاد مع حلول عام 2020" مستبشرا وقتها بخفض سعر الفائدة من نحو 40 % إلى 13.5% مع تعيينه المحافظ الجديد للبنك المركزي.
وحذر الخبير الاقتصادي التركي، عطاء الله يشيل أضا، الشهر الماضي، من أن ارتفاع قروض البنوك منذ مطلع العام الجاري بنحو 20% قد يؤدي إلى أزمة ديون.
وأوضح يشيل أضا أن أكثر ما يقلقه هو أن تشهد تركيا موجة قروض جنونية بتشجيع من الحكومة وهيئة التنسيق والرقابة البنكية.
وخلال مقطع فيديو على موقع يوتيوب تناول يشيل أضا ما حذر منه الخبيران الاقتصاديان، كينيث روجوف وكارمن رينهادت، حول وقوع أزمة ديون نتيجة لتزايد القروض بشكل أكبر من سرعة النمو الطبيعية للاقتصاد.
ويبلغ إجمالي ديون تركيا الخارجية 1.4 تريليون ليرة تركية ( 225.8 مليار دولار) حتى نهاية فبراير/ شباط الماضي.
وقال صندوق النقد الدولي في تقريره النصف سنوي بشأن آفاق الاقتصاد العالمي إن الاقتصاد التركي قد ينكمش بنسبة 5% هذا العام.
وأكد صندوق النقد الدولي أن الانخفاض في الناتج الاقتصادي للبلاد يصاحبه زيادة في البطالة، متوقعا معدل بطالة يبلغ 17.2% بحلول نهاية عام 2020.
وقال أردال ساغلام، كاتب عمود بصحيفة جمهورييت التركية، إن تركيا ستضطر إلى إعادة عقارب الساعة إلى الوراء وإعادة صياغة الإصلاحات الاقتصادية في التسعينات لتحقيق الاستقرار في اقتصادها.
ووفقا لموقع أحوال التركي، قال ساغلام في مقالة، الثلاثاء، إن أنقرة تبقي أسعار الفائدة أقل بكثير من معدل التضخم، مما يسبب اختلالات في الاقتصاد، تماما كما فعلت حكومة رئيسة الوزراء السابقة تانسو تشيلر قبل أكثر من عقدين.
وأوضح ساغلام أن تركيا اضطرت في التسعينيات إلى إجراء إصلاحات على نظامها المصرفي وإجراءات أخرى قبل أن يوافق صندوق النقد الدولي على القروض الجديدة لأن الثقة في الإدارة الاقتصادية للبلاد قد فقدت، وذلك في وقت ازدادت فيه البيروقراطية في البلاد للغاية.
وأضاف، أن الأمر استغرق سنوات لإبرام صفقة بسبب تراجع الحكومة.
وأكد ساغلام أن وزير الاقتصاد السابق كمال درويش ساعد تركيا أخيرًا في الوفاء بتعهداتها لصندوق النقد الدولي بعد اندلاع أزمة مالية في عام 2001.
وبفضل الإجراءات، تمكنت البيروقراطية والاقتصاد التركي من الاستمرار حتى اليوم دون الحاجة إلى مزيد من المساعدة من صندوق النقد الدولي.
ولفت ساغلام إلى أنّ تركيا الآن في خطر العودة إلى الأيام المظلمة في التسعينيات. وقال كذلك: لكنها لن تكون قادرة على سن الإصلاحات اللازمة مع القيادة الاقتصادية الحالية.
ويبلغ سعر الفائدة القياسي للبنك المركزي 8.25%، ما يعني أن أسعار الفائدة سلبية لتصل إلى أكثر من 4 نقاط مئوية.
علاوة على ذلك، يوفر البنك المركزي السيولة للبنوك بأسعار فائدة منخفضة بمتوسط 7.6% من خلال أسواق المال.
وقال ساغلام كذلك إن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، مثل تانسو تشيلر، يحاول إبقاء أسعار الفائدة أدنى بكثير من التضخم.
وتتضمن تصريحات أردوغان أخطاء اقتصادية حيث يروج لفكرة مفادها أن ارتفاع أسعار الفائدة يسبب تضخمًا أعلى، وليس العكس.
وقال ساغلام إن البنك المركزي سيضطر إلى زيادة تقديرات التضخم بمقدار نقطة مئوية واحدة على الأقل في تقريره الفصلي المقبل، ومن المرجح أن يبقي أسعار الفائدة دون تغيير.
وكان البنك يسعى إلى خفض أسعار الفائدة نحو تقديراته للتضخم في نهاية العام، ولكن في الاقتصادات التي تكون فيها الثقة بالسلطات النقدية منخفضة للغاية، يجب على صناع السياسات التركيز على التضخم الحالي عند تحديد أسعار الفائدة، وليس زيادة الأسعار التي يرونها.
ويعيش الاقتصاد التركي قبل كورونا على وقع أزمة عملته المحلية منذ أغسطس/آب 2018، وسط عجز الحكومة المحلية والمؤسسات الرسمية عن وقف تدهورها، على الرغم من رزمة إجراءات وتشريعات متخذة.
وتوقع مؤخرا تقرير للمعارضة التركية، أن يكون لتفشي فيروس كورونا وأثاره السلبية وسط عجز حكومي تداعيات سلبية كبيرة على الاقتصاد.
وعلى رأس تلك التداعيات زيادة العاطلين عن العمل ليصل إلى 11 مليون شخص، وارتفاع سعر الدولار أمام العملة المحلية الليرة إلى حدود الـ8 ليرات مقابل الدولار الواحد.
كما أشار التقرير إلى توقعه انكماش القطاعات الزراعية والصناعية، فضلا عن قطاع الخدمات، وانكماش النمو الاقتصادي بشكل عام، إلى جانب ارتفاع معدلات التضخم.
وذلك بخلاف التداعيات المدمّرة المحتملة للوباء على قطاع السياحة الذي يؤمّن وظائف لمئات الآلاف.