تختتم، اليوم، الدورة العاشرة للقمة العالمية للحكومات بدولة الإمارات، والتي أقيمت على مدار 3 أيام، تحت شعار "استشراف حكومات المستقبل".
القمة جمعت نخبة من قادة الحكومات والوزراء والمسؤولين رفيعي المستوى وصنّاع القرار ورواد الأفكار والمختصين في الشؤون المالية والاقتصادية والاجتماعية من مختلف دول العالم.
ورغم أنها قمة حكومية، فإن هذا لا يعني اقتصارها على الحكومات أو أن الحكومات فقط هي المعنية بما تناولته القمة وعليها بالتالي تنفيذ أجندتها.. فجوهر المفهوم، الذي تنطلق منه القمة هو: الشراكة الفعلية بين الحكومات وبقية قطاعات ومؤسسات المجتمع.. بما في ذلك القطاع الخاص والمجتمع المدني والهيئات الدولية والمنظمات الإقليمية والمتخصصة.
وبهذا المعنى، فإن مضمون "القمة العالمية الحكومية" يتجه نحو التوجيه والإشراف ووضع الخطط وترتيب الأولويات وإدراج الأهداف التنفيذية بناء على الغايات المرجوة، في إطار التنمية الشاملة والمستدامة، على مستويين اثنين، هما المستوى الوطني: أي وفقا لمصالح وأولويات كل دولة، والثاني هو المستوى الجماعي، أي بالتنسيق بين الدول في جهود تحقيق هذه التنمية وفقا للأولويات الوطنية من جهة، والمزايا النسبية من جهة أخرى.
لذلك لا يمكن لتلك المنظومة المنسقة أن تعمل بنجاح واستمرارية، ما لم تكن بقيادة وإشراف حكومات الدول.. فيما يتسع مجال التنفيذ والتشاور والإسهام التخطيطي والبحثي والتطويري للقطاع الخاص وللمؤسسات العلمية والفكرية وللجهود والمواهب المستقلة، سواء كانت فردية أو جماعية.
قمة هذا العام ذهبت إلى ما هو أبعد في تعميق التفاعلات وتوطيد العلاقة بين المؤسسات التنفيذية الخاصة بالحكومات، والجهات الخاصة العاملة في المجال العام.. ما يعني أن العلاقة ليست في اتجاه واحد ولا هي علاقة تبعية بين الجهات الرسمية والجهات الخاصة.
ولهذا تم تخصيص أحد أهم محاور القمة لموضوع الاستفادة من خبرة قطاع الخدمات في تطوير وتحديث أداء العمل الحكومي الرسمي.
كذلك بالنسبة للتشارك وتبادل الخبرات والأفكار الجديدة في مجال الرقمنة، وفي الإعلام والتسويق، وكذلك في استشراف مرحلة ما بعد العولمة وتحديد بوصلة وأدوات العالم لإدارة المستقبل.
وبما أن المستقبل هو دائما الشغل الشاغل لسياسات وتحركات دولة الإمارات، كان شعار القمة لهذا العام هو "استشراف حكومات المستقبل"، أي إرساء وتطبيق المعنى الواسع للحكومات كما تعيد تعريفها هذه القمة، أي بالشراكة والتضافر مع المكونات العالمية الأخرى، في إطار مظلة جامعة عنوانها وقائدها هو الحكومات.
ومن ثم، فإن البحث عن المستقبل وكيفية التعاطي معه والاستعداد المبكر له، كان على رأس أولويات القمة في مختلف فعالياتها.. فتنوعت المجالات والقطاعات وأشكال التباحث، لكنها جميعا كانت تبحث عن "المستقبل".
وليس أدل على ذلك إلا تدشين منتدى حوكمة متغيرات المستقبل أعماله مع بداية اليوم الأول للقمة، لبحث أفضل السبل والقواعد المرنة والفعالية في التخطيط والإدارة والتنفيذ.. وهو ما لخصه المنتدى في عنوان "كيفية اتخاذ أفضل القرارات في عالم المتغيرات السريعة".
وقد كانت الخبرة الإماراتية حاضرة لتُقدم للعالم ما راكمته من دروس في تطوير الأسس والمحركات المحلية للتنمية عبر العقود الماضية.. وأيضا في سياق التطور النوعي والقطاعي، مثل القفزات الكبيرة التي تحققت في مجال النهوض بالشباب وتمكين المرأة.
إن القمة العالمية للحكومات جديرة بأن نسميها المحفل الجماعي العالمي الأكبر والأكثر شمولية على كل المستويات.
صحيح أن منظمة الأمم المتحدة هي المؤسسة الأكبر من حيث عدد الدول الأعضاء فيها.. لكنها من ناحية مقصورة فعليا على الحكومات الممثلة للدول، والتي تنفرد بالتعاون والتفاعل مع غيرها، وكذلك مع المنظمات والفروع التابعة للأمم المتحدة نفسها.. أما القمة العالمية للحكومات، فهي الساحة الأكبر والنطاق الأوسع للتفاعل والتنسيق والتشاور بين مختلف مكونات النظام العالمي في كل سياقات وأوجه الحياة البشرية.. لذا فإن القمة بالفعل المنتدى الأكبر على مستوى العالم في كل ما يتعلق بمقتضيات التنمية والوفاء باستحقاقات المستقبل.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة