بلومبرج: القادم أسوأ للاقتصاد التركي
الليرة الضعيفة وقفزات الفائدة والتضخم دفعت مئات الشركات التركية للإفلاس،وفق وكالة بلومبرج الأمريكية..
نشرت وكالة بلومبرج الأمريكية الأحد تقريرا رصدت فيه قصة إفلاس إحدى شركات النسيج التركية ضمن مئات الشركات الأخرى التي أشهرت إفلاسها منذ ضربت أزمة تدهور العملة التركية اقتصاد أنقرة، وقالت إن حجم الديون الضخم الذي تراكم على الشركات ينذر بمستقبل أسوأ للاقتصاد، مشيرة إلى أن نموذج النمو الذي تبناه الرئيس التركي رجب طيب أدروغان منذ وصوله إلى السلطة عام 2002، وكان يعتمد على التمويل الرخيص للشركات، فقد زخمه ويواجه نهايته في عام 2018.
القصة التي رصدتها بلومبرج كانت أيضا إشارة على نهاية نموذج النمو الذي يتبناه أردوغان، فهي تتحدث عن سيم ساري رائد أعمال تركي، أسس شركة نسيج تدعى "سيرم تكستيل"، لقد تأسست هذه الشركة عندما كان أردوغان في عامه الأول بالسلطة، ورغم توسعها في السنوات اللاحقة إلا أن أزمات الاقتصاد هوت بها إلى الإفلاس في مطلع 2018!
- اليابان تلغي مشروعا نوويا في تركيا بسبب ضعف الليرة
- حصاد أردوغان المر.. تركيا تستقر في قاع قائمة بلومبرج للأسواق الناشئة
"سيرم تكستيل" التي كانت تنتج الأقمشة المنزلية كالستائر ازدهرت معتمدة على نمو الطلب وانجذاب رأس المال الأجنبي إلى البلاد، فضلا عن ارتفاع قيمة الليرة بشكل ساعد مؤسس الشركة على استيراد معداته ومدخلات إنتاجه مثل الأصباغ والغزل من الخارج، إضافة إلى القدرة على الاقتراض بأسعار فائدة منخفضة.
في هذا الوقت كانت معظم الشركات التركية تتوسع، وكثير منها استفاد من الاقتراض الرخيص واتجه حتى للاستدانة بالعملات الأجنبية كالدولار واليورو، لكن ساري تجنب الوقوع في هذا "الفخ" كما تبين لاحقا، وفضّل الاحتفاظ بمعظم ديونه بالليرة التركية.
في مطلع عام 2016، كان لدى ساري 90 موظفا يعملون في مصنعين ووصلت مبيعاته السنوية لأكثر من 10 ملايين دولار، لكن ومع اندلاع المشاكل الإقليمية وانخراط أردوغان فيها مع سوريا وروسيا ثم الانقلاب الذي استهدفه في صيف العام ذاته، عانت الليرة أول هبوط حقيقي كبير لها، ثم بحلول نهاية العام، استغنى ساري عن ثلث موظفيه، وبدأ يواجه صعوبات في الاقتراض من البنوك.
- صهر أردوغان يعترف بتباطؤ اقتصاد تركيا خلال 2018 ويترقب الأسوأ
- تركيا تبيع أدوات دين مجددا لإنقاذ اقتصادها المنهار
كان أردوغان، القِلق من الأزمة المالية، قد دفع إلى خفض الدين العام بشكل حاد كنسبة من الاقتصاد، ولكن الدين الذي هو محرك لنمو الاقتصاد التركي تم استبداله بالديون الخاصة والتي تتطلب تمويلا أسهل.
لاحقا نال التضخم وضعف الليرة من أرباح ساري، وأوضح أنه على سبيل المثال، فإن "الصبغة" التي كان يستوردها من إيطاليا بسعر 86 ليرة للتر في مطلع عام 2017، زادت تكلفتها إلى 109 ليرات في نوفمبر من العام نفسه بزيادة قدرها 30%، وبالتالي فإن الأرباح هوت في عدة أشهر قبل أن تتحول إلى خسائر، لا سيما وأنه كان يبيع معظم منتجاته بالآجل وعندما يحصل على الأموال تكون قيمتها أقل بكثير من القيمة وقت البيع.
في عام 2018، انتقل ساري إلى وضع "مكافحة الأزمات"، ونقل معداته من المصنعين إلى مبنى واحد كبير تخيفضا فاتورة الإيجار بنحو 30%، لكن الخطوة لم تكن مجدية وأفلس الرجل في النهاية، وأغلق مشروعه وعمل مستشارا لدى الغير في قطاع النسيج.
- الناتج الصناعي في تركيا يسجل أكبر هبوط خلال 7 سنوات
- تركيا.. صعود البطالة لأعلى مستوى منذ أوائل 2017 مع عجز في الميزانية
وبحسب بلومبرج، فإن القادم أسوأ لليرة، التي تشهد أدنى مستوياتها بالتزامن مع زيادة معدل الفائدة إلى أعلى مستوى منذ 16 عاما هي فترة حكم أردوغان، مشيرة إلى أن الشركات التركية غير المالية ترزح تحت تل من الديون والالتزامات بلغت قيمتها حتى أغسطس الماضي نحو 331 مليار دولار، وهو رقم أكثر 3 مرات من قيمة أصولها بالعملات الأجنبية.
"كنت أبكي عندما اضطررت إلى الاقتراض بفائدة نسبتها 18%.. الآن يقترض الناس بفائدة 40%"، اختتم ساري.