أدباء اليمن يتساقطون على رصيف الحاجة.. ويموتون في ظروف غامضة
أديبة يمنية تعلن أنها على وشك الموت جوعاً وتعرض مكتبتها للبيع بعد أيام من إعلان مماثل لرئيس اتحاد الأدباء
يتساقط المثقفون اليمنيون على رصيف الحاجة والفقر يوما بعد آخر، فيما يكون الموت مصير آخرين بقضايا تُقيد ضد مجهول، دون معرفة الجاني.
وتسبب النزاع الدائر في اليمن منذ اجتياح الحوثيين العاصمة صنعاء أواخر العام 2014، بتدهور كافة شرائح المجتمع اليمني، لكن الأدباء الذين لا مصدر دخل لهم، كانوا من أكثر الفئات تضررا.
وغيب الموت عددا من الأدباء والمبدعين اليمنيين خلال السنوات الثلاث الماضية، فيما كان الموت جوعا يحاصر آخرين.
شاعر يلقى حتفه خنقاً
بلغ التضييق على المثقفين مداه في العاصمة صنعاء، تحت وطأة الاحتلال الحوثي، حتى فوجئت الأوساط الثقافية، الأسبوع الماضي، بوفاة الشاعر اليمني الشاب، علي هلال القحم، دون سابق إنذار، وفي ظروف مبهمة.
وبعد يومين من بقاء جثمانه في ثلاجة المستشفى الجمهوري، ظهرت أخبار مؤكدة أن الشاعر الشاب قتل خنقا وما زال جثمانه في ثلاجة الموتى دون غريم.
وطالب أدباء يمنيون بتشريج جثة الشاعر " القحم"، لكن سلطات ميليشيات الحوثي الإيرانية لم تبدِ أي تجاوب.
وقال أدباء لـ" العين الإخبارية" إن قضية وفاة الشاعر القحم تتجه نحو الإغلاق بشكل مؤسف، ولم يعد مهما إن كان مات مسموما أو مخنوقا أو أي شيء آخر.
وأشارت المصادر إلى أنه وبعد أيام من مكوث الجثة في ثلاجة المستشفى، من المقرر أن يتم سحب ملف القضية من النيابة التي كان أدباء قد تقدموا بها، وأن يتم دفن الجثة.
وتوقعت المصادر أن تصدر النيابة العامة تقريرها خلال اليومين القادمين، لافتة إلى أن التقرير لن يوضح أسباب الوفاة، وكل ما سيفعله هو التوصية بدفن الجثة.
وأنتقد أدباء الصمت الكبير من قبل الجهات المعنية واتحاد الأدباء حيال قضية الشاعر "القحم"، وقالوا إن المبدعين اليمنيين يتعرضون للإهمال سواء كانوا أحياء أو أمواتا .
بحسب مقربين منه، كان الشاعر "القحم" يعيش ظروفا إنسانية بالغة الصعوبة خلال الأشهر الأخيرة، وظل بعيدا عن الناس.
أدباء على وشك الموت جوعا
خلافا للموت الغامض، يتربص الجوع بشريحة كبيرة من المبدعين اليمنيين الذين فقدوا مرتباتهم الحكومية ومصادر دخلهم، ما جعلهم يلجؤون إلى بيع مكتباتهم الخاصة، والتي تعد الثروة الوحيدة التي جنوها طيلة سنوات.
وبعد أيام من إعلان رئيس اتحاد الأدباء بصنعاء، محمد القعود، بيع مكتبته من أجل تسديد ديونه، كانت الدكتورة آمنة يوسف، وهي أستاذ الأدب الحديث بجامعة صنعاء، تعيش ظروفا مشابهة، لولا فوزها بجائزة عربية أنقذتها من الجوع.
وذكرت الأديبة اليمنية أنها فازت مؤخرا بجائز الطيب صالح العالمية في دورتها الثامنة 2018 م من دولة السودان الشقيق، وكان فوزها بالجائزة نفخة الريح التي كشفت عما تخفيه الرماد.
وفيما شكرت دولة السودان، أعلنت الأديبة "يوسف" أنها كانت " على حافة الموت لولا أن أكرمني الله بالفوز بجائزة الطيب صالح العالمية للإبداع الكتابي في دورتها الثامنة 2018".
وقالت الأديبة اليمنية، في منشور على فيسبوك: " أقسم بالله العظيم إنني كنت وعائلتي على شفا حفرة من الموت بعد نفاد كل ما نملكه من أشياء رخيصة أخجل من البوح بها، بعناها والجوع يهددنا ونفاد الغاز المنزلي يرعبنا وصاحب البقالة يطالبنا بصوت مرتفع، والمؤجر ينذرنا بإخراج أثاثنا المتواضع جدا، إلى أن فوجئت باتصال من السودان الشقيق بفوزي بالجائزة التي لم استمتع بها لنفسي بل أسرعت بتسديد جزء من ديوني المتراكمة وأمهلت الباقي أن يفرجها الله".
وأضافت: "كل ما أملكه الآن مكتبتي الحبيبة، فهل سأمتلك شجاعة أخي محمد القعود، وأعلن عن نيتي في بيعها، مضطرة تحت وطأة الحاجة الملحة؟.. سترك يا الله".
وكان رئيس اتحاد أدباء صنعاء، محمد القعود، قد أعلن بيع مكتبته التي تضم حوالي 8 آلاف عنوان.
وذكر القعود أنه قرر بيع المكتبة من أجل تسديد بعض الديون التي تراكمت علي وفي مقدمة ذلك تسديد إيجار الشقة التي أسكن فيها والتي أصبحتُ مهددا بإخراجي منها خلال الأيام القادمة لعدم تسديد إيجارها منذ ما يقارب العام..
وتفاعل رئيس الحكومة اليمنية، أحمد عبيد بن دغر، مع إعلان القعود بعد ساعات من إعلانه بيع مكتبته الخاصة.
وقالت مصادر حكومية لـ" العين الإخبارية"، إن بن دغر، وجه بصرف مساعدة مالية للأديب القعود، دون الكشف عن أي أرقام.
الكاميرا ممنوعة لغير فعاليات الحوثيين
وخلافا للأدباء، باتت العدسة محظورة في صنعاء، مالم تكن في خدمة الفعاليات الخاصة بالحوثيين.
المصور المحترف، عبدالرحمن الغابري، وهو رئيس مؤسسة الهوية اليمنية ويعد بحق ذاكرة اليمن الفوتوغرافية، أعلن على صفحته في فيسبوك، أنه توقف عن حمل الكاميرا بعد أن صار الحال يفرض الحصول على ترخيص من أكثر من جهة وبدأ يصور بالهاتف المحمول فقط .