زين الدين زيدان مدرب ريال مدريد يعود لفرض سطوته مجددا ويؤكد أنه رجل المواجهات الكبيرة رغم ارتكابه هفوات قاتلة أمام الصغار.
عاد زين الدين زيدان مدرب ريال مدريد ليفرض سطوته مجددا، ويؤكد أنه رجل المواجهات الكبيرة، واللقاءات الصعبة، بعدما قاد "الملكي" مؤخرا لحسم كلاسيكو الدوري الإسباني أمام برشلونة بهدفين دون رد، ليعود بالفريق من جديد إلى صدارة المسابقة، التي كان فقدها بخسارة مفاجئة أمام ليفانتي بهدف دون مقابل.
المفارقة الأخيرة تلخص جانبا كبيرا من مسيرة المدرب الفرنسي مع الفريق الملكي.. ففي الوقت الذي يقوده فيه لتحقيق الفوز على فرق كبيرة بحجم برشلونة في أوقات صعبة لا يكون فيها الريال المرشح الأبرز لتحقيق الانتصار، نجده في المقابل يقف عاجزا عن إيجاد حلول تقوده لتجاوز اختبارات صغيرة من عينة ليفانتي الذي أفقده صدارة الليجا مؤخرا قبل أن يستعيدها.
ولعل أبرز دليل على كون زيدان رجلا للمهام الصعبة سيطرته خلال ولايته الأولى على لقب دوري أبطال أوروبا لثلاثة مواسم متتالية، في سابقة لم يحققها أي فريق في البطولة بنسختها الحالية.
الريال تحت قيادة زيدان نجح في ترويض كل كبار القارة طوال ثلاثة مواسم متتالية، وإخضاع لقب البطولة وحفظه في الخزائن الملكية، التي لم يخرج منها إلا في الغياب القصير لزيدان الموسم الماضي، وهو ما اضطر فلورنتينو بيريز رئيس النادي للتغاضي عن خلافاته معه، وإعادته من جديد إلى عرش القيادة الفنية للفريق.
هفوات زيدان حرمته خلال مسيرته مع الريال من التتويج بالعديد من الألقاب المحلية مع الفريق، ولولاها لكانت حقبة المدرب الفرنسي في القلعة الملكية شهدت هيمنة على البطولات الإسبانية شبيهة بهيمنته على البطولات القارية.
زيدان تولى مهمة ريال مدريد في يناير 2016، وكان الفريق وقتها يحتل المركز الثالث بالدوري الإسباني، وأظهر منذ اليوم الأول قدرته على قيادة الفريق لتصحيح مساره، وتحقيق نتائج مميزة على كل الصعد.
وقاد زيدان سفينة ريال مدريد للانطلاق بسرعة الصاروخ وتعويض التعثرات السابقة، لينهي الموسم في المركز الثاني بفارق نقطة وحيدة خلف برشلونة البطل، وهي النقطة التي كان من الممكن تعويضها بسهولة حال تجنب التعثر أمام فرق بحجم ريال بيتيس وملقا، اللذين فقد أمامهما 4 نقاط، أو حتى تجنب الخسارة الوحيدة التي تلقاها خلال تلك الفترة، والتي كانت على أرضه أمام جاره اللدود أتلتيكو مدريد، وذلك عطفا على حقيقة أنه فاز على الفريق الكتالوني البطل في عقر داره بهدفين لهدف.
ورغم تتويج ريال زيدان بالدوري الإسباني في الموسم التالي فإن الفريق سقط في هفوات صغيرة أيضا كادت تضيع عليه اللقب الذي حسمه بفارق ثلاث 3 نقاط عن برشلونة، حيث أهدر نقاطا بالتعادل مع فرق مثل فياريال وإيبار، بجانب لاس بالماس ذهابا وإيابا، والخسارة من إشبيلية وفالنسيا، مع التسليم بقوة الفريقين الأخيرين في بعض الفترات.
كما ودع الفريق كأس ملك إسبانيا في الموسم ذاته بعد الخسارة على أرضه بهدفين لهدف أمام سيلتا فيجو في ذهاب ربع النهائي قبل أن يتعادل معه إيابا بهدفين لمثلهما ليودع البطولة.
وعادت شخصية زيدان قاهر الكبار مع بداية الموسم التالي، عندما فاز في مباراتي السوبر الإسباني على برشلونة ذهابا وإيابا بواقع ثلاثة أهداف لهدف في كامب نو، وهدفين دون رد في سانتياجو برنابيو، ليتوج باللقب.
لكن يبدو أن البداية القوية للموسم انعكست سلبا على مساره المحلي خلال باقي فتراته، حيث ظهر تذبذبه واضحا في الليجا، وأهدر الكثير من النقاط بالتعادل مع فرق مثل ليفانتي وبيلباو ذهابا وإيابا، وسيلتا فيجو وفياريال، فضلا عن فالنسيا وأتلتيكو مدريد على أرض البرنابيو.. كما خسر على أرضه من بيتيس وفياريال بجانب برشلونة، وخارجها أمام جيرونا وإسبانيول وإشبيلية، لينهي الموسم ثالثا بفارق 17 نقطة خلف الفريق الكتالوني.
وفي كأس الملك واصل ريال زيدان هفواته بالخروج من ربع النهائي أمام ليجانيس وبطريقة درامية، حيث فاز ذهابا في أرض المنافس بهدف دون رد، قبل أن يخسر في عقر داره إيابا بهدفين لهدف ويودع البطولة.
ولعل ذلك الفشل المحلي كان أحد الأسباب التي أدت لرحيل زيدان في صيف عام ألفين وثمانية عشر رغم التتويج بلقب دوري أبطال أوروبا، قبل أن يعود في مارس الماضي بعد خروج الفريق الدرامي من البطولة الأوروبية بقيادة مدربه السابق سانتياجو سولاري، بالخسارة على أرضه أمام أياكس أمستردام الهولندي بأربعة أهداف لهدف، رغم فوزه خارج أرضه ذهابا بهدفين لهدف.
وتسلم زيدان الفريق في موقف صعب بالليجا، ومودعا لدوري الأبطال وكأس الملك، ليستكمل معه باقي الموسم بمباريات الدوري الإسباني التي لم تخل من ممارسة هوايته بالسقوط أمام فرق صغيرة، حيث تعادل مع ليجانيس وخيتافي، وخسر أمام رايو فايكانو وسوسيداد وبيتيس، بجانب فالنسيا.
واستهل زيدان الموسم الحالي بهفوات مبكرة، عبر تعادلين في أول ثلاث جولات لليجا مع بلد الوليد وفياريال، ثم خسارة من مايوركا بعدها بقليل، تلاها بثلاثة تعادلات على أرضه على مدار الجولات التالية مع بيتيس وبيلباو وسيلتا فيجو، قبل الخسارة من ليفانتي.
وبعد أقل من شهر من إظهار شخصيته الكبيرة وحصد أول لقب بعد العودة عبر التتويج بالسوبر الإسباني على حساب أتلتيكو مدريد بركلات الترجيح، عاد زيزو لفصوله وودع بفريقه كأس الملك بشكل درامي من ربع النهائي بالخسارة على أرضه أمام سوسيداد بأربعة أهداف مقابل ثلاثة.
لكن الجديد هذه المرة أن هفوات زيدان امتدت إلى الصعيد القاري، حيث تعادل في ثاني مبارياته بدور المجموعات بدوري أبطال أوروبا على أرضه أمام كلوب بروج البلجيكي في مباراة كان الأقرب لخسارتها، ثم سقط مؤخرا في عقر داره أيضا أمام مانشستر سيتي بهدفين مع الرأفة مقابل هدف، ليفقد زيدان حتى فرصة التألق على ساحته المفضلة ويصبح مهددا مع فريقه بتوديع البطولة.
فهل يكون الكلاسيكو بداية حقيقية لزيدان للتخلي عن هفواته، والتمسك بشخصية رجل المباريات الكبرى، أملا في إنقاذ ما تبقى من الموسم، بعيدا عن أي سقطات جديدة قد تكلفه هذه المرة رحيلا بلا عودة عن القلعة الملكية؟