العين مسلطة هذه المرة على ما نطق به كبير أساقفة كانتربيري، ورأى فيه الناس خروجًا على المألوف
العين مسلطة هذه المرة على ما نطق به كبير أساقفة كانتربيري، ورأى فيه الناس خروجًا على المألوف، وقالوا: نطق القس كفرًا، كما قالوا من قبل: أحب القس سلامة وهو التقي الورع.
لنترك ديفيد كاميرون يعد التقرير الذي سيقدمه للجنة العلاقات الخارجية بشأن التدخل العسكري في سوريا حتى بالضربات الجوية، والموضوع ما زال يتعلق بأحداث باريس، فرجل الدين الأول، والملكة هنا رأس الكنيسة، خرج بكلام صاعق لا يتوقع من رجل مهمته تثبيت إيمان المؤمنين وجذب المتشككين إلى رحاب الدين في وقت عز فيه الحضور.
كبير الأساقفة، وفي لحظة حزن شديد على ما حدث في مدينته المفضلة التي قضى فيها مع زوجته أوقاتا طيبة، باريس نطق بما قد يراه البعض كفرًا، وقال: ان الأحداث الإرهابية المؤسفة جعلته للحظات يقف ويتساءل: إن كان الرب موجودًا، ولماذا يسمح بكل هذا؟
بطبيعة الحال قد سمعنا أناسًا كثيرين يقولون مثل هذا الكلام في لحظات اليأس والقنوط من رحمة الله، وهذا كان حال الكثير من السوريين، فحتى عندما تلهج السنتهم بقول: "ما لنا غيرك يا الله" فلسان حالهم يقول: أين انت يا الله؟ وهل يرضيك هذا وهل هؤلاء حقًّا عبادك الذين خلقت؟
وحتى لا نحكم على الرجل من ظاهر القول نسرد ما قاله تحديدًا.
كشف كبير أساقفة كانتربيري أن هجمات باريس جعلته "يشك" في حضور الله.
وقال، إن الهجمات القاتلة "أصابت نقطة ضعفه".
وأضاف أن رد فعله على الهجمات كان "أوله صدمة ثم رعب، وبعدها حزن عميق؛ لأنه عاش وزوجته في باريس".
وقال كبير الأساقفة: "كنت صباح السبت أمشي في الخارج، كنت أناجي الله قائلًا: لماذا "لماذا يحدث هذا؟ أين أنت من كل هذا، ثم استرسلت في حديثي إلى الله، نعم لقد ساورني الشك".
وتابع يقول: "تضاعفت صدمتي لأني عشت وزوجتي في باريس، خمسة أعوام، وكانت من أسعد الأماكن التي عشنا فيها، وينفطر القلب عندما تسمع أن مدينة بتلك البهجة أصيبت".
ولكن كبير الأساقفة حذر من مخاطر رد الفعل الفوري.
وقال: "إن الرد على الظلم بظلم آخر لا يحقق العدل، فإذا شرعنا في القتل العشوائي وأصبنا الذين لم يسيئوا، فلن يحل ذلك المشكلة، فلابد أن تكون الحكومات وسائل عدل".
وقال كبير الأساقفة أيضًا: إن الطريقة التي حرف بها مسلحو تنظيم "الدولة الإسلامية" عقيدتهم، ليتصوروا أن أعمالهم في سبيل الله تعد واحدة من صور اليأس".
هذا ما قاله الرجل ويصعب على المرء أن ينكر عليه مثل هذه المشاعر ومثل هذا الحوار مع الله، وإنكار ذلك عليه ضرب من الخواء العقلي والتعصب الأعمى، نعم هو رجل دين ولكن أليس له كبد كأكبادنا وقلب يخفق، ومن حقه أن ينطق بمكنون عقله حتى لو أنكره قلبه، والرجل طالب بتحكيم صوت العقل، وأن تكون الحكومات وسائل عدل، فهل سيستمع كاميرون إلى كلام كبير الأساقفة وهو يضع خطته وهو يقابل الرئيس الفرنسي وهو يضع تقريره، وألا يرد على الظلم بظلم.
الذي يجب ألا ينسى هنا أن الذي دفعه إلى هذا النوع من التصريحات هو فعل ألصق بالإسلام والمسلمين ولبس ثوبه، شئنا أم أبينا، ولا يجب أن نظل نردد المقولة التي نتشدق بها دائمًا بأن هناك فرقًا بين الإسلام والمسلم؛ لأن هذا لا يفهمه الغرب، وإن كان يجارينا على سبيل الاستحياء أو على سبيل التقية أو على سبيل المصلحة، ولا سبيل لنا إلا التضرع إلى الله، بأن يحمي الإسلام مما لحق به، وهنا نقول: إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الظالمون..
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة