قبل زحمة الصيف.. تجسيد قوي لمعاناة اجتماعية تخلله "الملل"
فيلم "قبل زحمة صيف" رصد معاناة اجتماعية في المجتمع المصري بشكل فني قوي وصادم، ولكن انتابه رتابة وملل عانى منها الجمهور أثناء المشاهدة.
عندما يصاب المجتمع بالانفلات الأخلاقي ويزداد الاضطراب المجتمعي في حل المشكلات؛ تظهر لنا فجوة عميقة بين الطبقات، وهو ما يجعل المجتمع هشًّا، هذه هي الصورة الذي رسمها المخرج المصري محمد خان من خلال فيلم "قبل زحمة الصيف".
ففي إحدى قرى الساحل الشمالي وقبل زحمة الصيف تذهب "هالة" التي تجسدها الفنانة المصرية هنا شيحة، إلى إحدى القرى السياحية لمقابلة حبيبها "هشام" الممثل المغمور لتجد في الشاليه المجاور لها "الدكتور يحيى" -يجسده ماجد الكدواني- الذي يرفض زوجته البدينة ويسترق دائمًا نظرات إلى هالة، لتصبح السيدة بؤرة المنتجع السياحي حيث يراقبها الجميع حتى "جمعة" عامل القرية الذي يمثل الطبقة الأقل حظًّا في المجتمع.
ويعتمد المخرج محمد خان في أفلامه على إبراز شخصيات الأبطال عن طريق التعبير عن أنفسهم في أدق تفاصيلها وانفعالاتها الداخلية، والتي يمكن أن تصبح حقيقية فعليًّا من قوة واقعيتها في مجتمعنا المعاصر.
ورغم إبرازه لأدق تفاصيل الشخصيات في فيلم "قبل زحمة الصيف"، إلا أنه أهمل فكرة الصراع الذي اعتاد المشاهد أن يراه في الأعمال الفنية، فظهر الفيلم منقوصًا من الصراع المادي الذي يتطور تدريجيًّا واكتفى بالصراع النفسي بين شخصيات العمل مما أضاف الكثير من الرتابة والملل على المشاهد.
وعلى الوتيرة نفسها، لم تستطِع سيناريست الفيلم غادة شهبندر إشباع رغبات المشاهد من خلال الصراعات بين الأشخاص، فانتهى الأمر بالجمهور منتظرًا طيلة الفيلم بأن تكون النهاية أكثر إثارة، ولكن ذلك لم يحدث حيث جاءت النهاية مثل نهاية أي يوم عادي في حياتنا اليومية.
وفي المقابل لجأ المخرج محمد خان إلى الانفعالات وتعبيرات وجه ممثليه، وهو ما ظهر بقوة في نظرات "جمعة" الذي جسده الممثل أحمد داود وهو محور قضية الفيلم، للتعبير عن مشكلات المجتمع والفارق الكبير بين طبقة الأغنياء وطبقة الفقراء، وأن هدف كلتا الطبقتين هي المتعة المتمثلة في هالة الفتاة الجميلة المطلقة.
وبالانتقال إلى مشهد قتل القطط للببغاء الذي يملكه "الدكتور يحيى" عندما فتح "جمعة" باب القفص للقطط، فهو رسالة قوية من خان لحدوث ثورة وصراعات قوية بين الفقراء والأغنياء من أجل الفوز بخيرات وملذات الحياة، حتى بعد زيادة الفجوة الطبقية في المجتمع والتي تدفع الفقير لأخذ حقه بالقوة.
أما عن ظهور الممثلين، استطاعت الفنانة هنا شيحة أن تكون صاحبة حضور متميز من خلال أداء الشخصية التي أقنعتنا كثيرًا بأنها الفتاة الجميلة التي تبحث عن الحب المفقود بعد طلاقها.
وكان لماجد الكدواني وأحمد داود الظهور الأقوى أمام الكاميرا فاستطاع الكدواني أن يرسم لنفسه شكلًا آخر بعيدًا عن الكوميديا الذي تميز بها حيث عبّر بانفعالاته مدى الكبت الذي يعاني منه الكثيرون في تلك السن.
بينما أثبت الفنان أحمد داود أنه يسير بخطى ثابتة إلى طريق النجومية والبطولة المطلقة، فلم يؤدِّ دور الشاب الفقير بنظرات وجهه فحسب، بل استخدم جميع أدوات الفنان للتعبير عن معاناة الطبقة الفقيرة.
فيلم "قبل زحمة الصيف" ناقش الكثير من المشكلات التي صنعتها الفجوة الطبقية في المجتمع، كما حاول محمد خان أن ينبه الجميع بخطورة تلك الفجوة عندما ألقى الضوء على نظرات وشغف الفقراء لحياة الترف والثراء، ولكنه فقد الجمهور في خضم صراعه النفسي المستمر والذي لا يهم الكثير من المشاهدين المعتادين.
aXA6IDMuMTMzLjE1Ny4yMzEg
جزيرة ام اند امز