يعيش السوريون اليوم أصعب أيام في تاريخهم، خاصة بعد أن اضطر أكثر من نصف سكانها من مغادرة منازلهم، ومنهم حوالي 4 ملايين غادروا البلاد كلياً
ما الذي يمكن فعله حيال الأزمة السورية للخروج منها؟ سؤال يتبادر دوماً إلى الأذهان خاصة مع الوضع السياسي المتأزم الذي يعيشه السوريون يوماً بعد يوم.
تلك الحرب والثورة المأساوية التي اندلعت شرارتها في سوريا، بعد قيام مجموعة من الأطفال في مدينة دوما السورية بكتابة شعارات معادية للنظام مثل «الشعب يريد إسقاط النظام» على جدار مدرستهم، مما استدعى اعتقال الأطفال من قبل أجهزة الأمن وتعذيبهم، وسلسلة من الأحداث المتوالية التي زادت الوضع تأزماً، وروّجت لمظاهرات شعبية تطالب بإطلاق سراح الأطفال، التي تطورت فيما بعد بسبب قمع النظام، إلى شعارات تطالب برحيل الرئيس وما يعيشه السوريون اليوم من واقع أليم.
يعيش السوريون اليوم أصعب أيام في تاريخهم، خاصة بعد أن اضطر أكثر من نصف سكانها من مغادرة منازلهم، ومنهم حوالي 4 ملايين غادروا البلاد كلياً، لاجئين إلى دول أجنبية أخرى ليستعدوا لشتاء آخر، بالإضافة لوجود أكثر من ربع مليون من القتلى، وملايين الجرحى، وعشرات الآلاف ممن فقدوا أطرافهم، فضلا عمّن عانوا من الصدمات النفسية لمجرد رؤية تلك المشاهد والصور الوحشية وآثار العنف التي خلفتها تلك الحرب الدموية في خلال فترة زمنية قصيرة.
أما الوضع الاقتصادي غير المستقر الذي كانت تشهده سوريا قبل قيام الثورة فقد ازداد سوء وتدهورا وانهار إلى حد كبير، خاصة بعد أن فقد النظام السيطرة على غالبية حدود أراضيه لعدد كبير من الجماعات الإرهابية المعارضة للنظام السوري.
وكشف تقرير تشاتام هاوس مؤخرا أن الاقتصاد السوري قد انكمش بنسبة ٥٠٪، أما نسبة التضخم فقد ارتفعت بنسبة ٥١٪ وانخفضت قيمة الليرة السورية بنحو ٨٠٪ منذ بدء الصراع وحتى اليوم.
في الوقت ذاته مع تلك الظروف، كثيراً ما يطرح السؤال - أين هم الأمريكان وما هو موقف أمريكا في تلك الأزمة؟
لا تزال هجمات 11 أيلول/ سبتمبر تلقي بظلال وآثار واضحة على علاقة العرب بالولايات المتحدة؛ حيث بدت سياسة الولايات المتحدة تجاه الشرق الأوسط والعرب بالاختلاف جذريا، والظهور كوحش مختلف - منذ عشر سنوات من بعد هجمات ١١سبتمبر وحتى بداية الصراع السوري إلى يومنا الحالي.
بعد سقوط برجي مركز التجارة العالمي، أصبحت الولايات المتحدة تفرض نفسها سياسيا وعسكريا على المنطقة العربية بغرض الوصول وفرض سيطرتها على منطقة الأهوار أو ما يعرف بـ"شط العرب" وهو مسطح مائي في جنوب العراق لتحقيق محاولاتهم في بناء دولة العراق الجديدة.
إن "التمرد الدموي والحرب الأهلية التي تلت "هايمورهاجيد" الداعمة لفكرة أن الولايات المتحدة هي المتحكم الأول في سياسات العالم تحت إشراف "رئاسة أوباما" بهدف استخراج الجنود الأمريكيين من الصراع".
واستطاع الرئيس الأمريكي أن يفي بوعده في البيت الأبيض عندما قام بسحب القوات العسكرية الأمريكية من العراق، وتخفيض عدد كبير من قاعدة أمريكا العسكرية في أفغانستان خاصة عندما يتعلق الأمر بالصراعات المختلفة التي انبثقت من الربيع العربي في الآونة الأخيرة.
في الوقت الذي تدخلت فيه الولايات المتحدة عسكريا، على مضض، في الشؤون السياسية في ليبيا عندما تعلق الأمر بالتدخل المضاد للحمض النووي في سوريا.
التصاعد السريع في الأزمة السورية من النظام على ما يبدو كان على وشك الحدوث بعد أن أطاحت احتجاجات الشارع بالنظام وقادت إلى قيام حرب أهلية طاحنة بين كل صفوفها وقياداتها وأطيافها في كل المدن السورية، لتقرر الحكومة الأمريكية مصممة على تجنب تصعيد غير محسوب في المنطقة العربية.
في الأيام الأولى من الحديث عن الأزمة فإن الضربات الجوية، ومناطق حظر الطيران، لمنع والتقليل من هجمات الجماعات المعارضة للنظام كانت من أهم البنود التي تمت مناقشتها إلا أن العمل بها كان محدوداً نوعاً ما.
فبدلا من ذلك حدد الرئيس الأمريكي أوباما سياسة التدخل الأمريكي لحل الأزمة السورية من خلال استخدام نظرية "الخطوط الحمراء"، وكانت لتلك النظرية الأثر الكبير الذي يهدد ويؤثر سلباً على مساعي الرئيس بشار الأسد في المنطقة.
وكان الخط الأحمر الأوضح حولها، كما نص عليه الرئيس الأمريكي أوباما في أيلول/سبتمبر 2013، هو عبارة عن مجموعة كاملة من المواد الكيميائية والأسلحة التي يتم استخدامها وتوظيفها في تلك الحرب.
ولكن هذه الخطوط الحمراء الواضحة لم تسلم من الاتهامات المتكررة بسبب كثرة استخدام الأسلحة الكيميائية التي تسبب وأسفرت عن مقتل أعداد كبيرة من المدنيين دون أي رد فعل أو تدخل من جانب الحكومة الأمريكية في واشنطن.
أعلنت الحكومة الأمريكية في شهر مايو تسليح وتدريب 5000 جندي المعارضة السورية "المعتدلة".
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة