من يحسم "الأفضلية الوطنية" في الاستثمار الجزائري.. الوزير أم النواب؟
مشروع قانون الاستثمار الجديد في الجزائر يفجر خلافات بين أحزاب الموالاة والمعارضة بخصوص حماية الأفضلية الوطنية في الاستثمارات الأجنبية.
شن عدد من النواب الجزائريين هجوما لاذعا على وزير الصناعة، عبد السلام بوشوارب، عقب عرضه مشروع قانون الاستثمار، والذي يتخلى عن قاعدة الأفضلية الوطنية في الاستثمارات الأجنبية، وحق الشفعة الذي يقضي بأولوية حيازة الدولة لأي استثمار أجنبي يتخلى عنه صاحبه.
وذكر نواب جزائريون ينتمون لتيارات سياسية من اليسار والإسلاميين، في مداخلاتهم، اليوم الاثنين، بالمجلس الشعبي الوطني (الغرفة السفلى للبرلمان)، إن مشروع قانون الاستثمار المعروض أمامهم، يكرس عودة الهيمنة الأجنبية على الموارد الوطنية بما يضرب في الصميم السيادة الوطنية.
وطالب النائب عن حزب العمال، رمضان تعزيبت، بالسحب الفوري لمشروع القانون، -لأنه من وجهة نظره- غير صالح حتى لإجراء تعديلات عليه، وذلك كما قال "لاحتوائه إجراءات خطيرة تتخلى قاعدة الأفضلية الوطنية 51/49 التي تفرض على أي مستثمر أجنبي إيجاد شريك جزائري في حال أراد الاستثمار بالجزائر، وكذلك حق الشفعة الذي يتيح التخلي عن الشركات الوطنية للأجانب".
وأضاف إن هذا القانون يكرس نهب الموارد المالية للدولة، مستشهدا بأمثلة عدة دول في العالم، منها تونس، طبقت سياسة الانفتاح الكلي لاقتصادها أمام المستثمرين الأجانب، لكنها اكتشفت أن هؤلاء لا يأتون إلا لنهب الثروات الوطنية وتفقير الشعوب وانتهى الأمر بحدوث ثورات فيها.
وبنفس الحدة، هاجم النائب ناصر حمدادوش عن حركة مجتمع السلم - من التيار الإسلامي، ثالث قوة سياسية بالبرلمان، الوزير عبد السلام بوشوارب، متهما إياه بعرض قانون فصل على مقاس المستثمرين الأجانب للذهاب رأسا نحو الرأسمالية المتوحشة، متسائلا: "هل نحن أمام قانون الاستيراد أم قانون الاستثمار.
وأعاب حمدادوش تضمين القانون مزيدا من التحفيزات الجبائية بـ 600 مليار دينار (حوالي 6 مليار دولار)، لصالح المستثمرين، في حين لا تشكل الصناعة سوى 5% من الناتج المحلي الخام، رغم أن حجم الإنفاق العمومي وصل إلى 1000 مليار دولار خلال 15 سنة الماضية.
بالمقابل، لقي الوزير بوشوارب دعما منقطع النظير من أحزاب الموالاة التي تضمن أغلبية المقاعد في البرلمان، وجاءت معظم تدخلات نواب جبهة التحرير الوطني والتجمع الوطني الديمقراطي مثمنة ما ورد في القانون، وطالب بعض النواب بإزالة كل عراقيل الاستثمار بما فيها قاعدة الأفضلية الوطنية.
وقال النائب محجوب بدة رئيس اللجنة الاقتصادية بالبرلمان الذي ينتمي للموالاة إن قاعدة الأفضلية الوطنية ينبغي إزالتها لأنها تعرقل الاستثمار في العديد من القطاع، والجزائر اليوم بحاجة للانفتاح على الرساميل الأجنبية وتحرير الاستثمار حتى تتجنب اللجوء إلى الاستدانة مع تراجع مداخيلها من النفط.
ويتفق خبراء اقتصاديون، منهم عبد الرحمن مبتول، في تصريحه لبوابة "العين" الإخبارية، على أن قاعدة الأفضلية الوطنية تعرقل الاستثمارات الأجنبية بالجزائر، إذ ترفض معظم الشركات خوض مغامرة دخول السوق الجزائرية وهي لا تمتلك الأغلبية في استثمارها الذي يمكنها من التحكم فيه كما تشاء.
واقترح مبتول بدلا عن ذلك، جعل هذه القاعدة محصورة فقط في القطاعات الاستراتيجية مثل النفط والغاز والكهرباء، وفتح مجال الاستثمار عدا ذلك في باقي القطاعات الأخرى، مشيرا إلى أنه من غير المعقول أن تطبق هذه القاعدة في قطاعات كالسياحة والصناعات الغذائية مثلا.
ويعطي القانون الجديد للاستثمار الذي تجري مناقشته حاليا، العديد من الامتيازات بالنسبة للمستثمرين الأجانب والوطنيين من بينها الإعفاء من الضريبة على أرباح المؤسسات، وتخفيض بـ 50 % من سعر الإيجار السنوي للأرض التي يقام عليها الاستثمار، إلى جانب الإعفاء من الحقوق الجمركية بالنسبة للسلع والخدمات المستوردة التي تدخل مباشرة في إنجاز المشروع.
aXA6IDMuMTM4LjM0LjY0IA== جزيرة ام اند امز