ارتكب الإرهابي عمر متين مذبحته في مدينة أورلاندو الأميركية في ذروة الحرب الدولية على أعتى الجماعات الإرهابية
ارتكب الإرهابي عمر متين مذبحته في مدينة أورلاندو الأميركية في ذروة الحرب الدولية على أعتى الجماعات الإرهابية عبر معاقلها السورية والعراقية. لا علاقة مباشرة مبدئياً بين هذه وتلك. غير أن المعركة ضد الإرهاب لن تحسم عسكرياً حتى بعد القضاء التام على "الدولة الإسلامية - داعش" و"القاعدة" وغيرهما من التنظيمات المتطرفة العنيفة.
لن تنجز هذه المعركة على الأرجح إلا بوقف تجنيد الإرهابيين عبر الإنترنت أيضاً. بعض هذا يحصل تنظيمياً أو ذاتياً. هناك أسباب عدة تجعل هذه المهمة مستحيلة. لذلك تبدو ملحة أكثر من أي وقت مضى "الثورة المعرفية" كتلك التي دأب غسان تويني على المناداة بها آملاً في شرارة لها تبدأ من المشرق العربي. دعكم من أسباب العيش الكريم ومعنى الحرية والتحرر، ألا يبعث على الحزن أن العرب والمسلمين يهذرون بصورة متواصلة عن الفتوحات والإنتصارات وهم عاجزون عن صنع حتى سراويلهم الداخلية؟ أمة من الأميين يتزينون بالسلاح والثأر والعنف الدموي.
لم تظهر التحقيقات المكثفة التي تجريها السلطات الأميركية دليلاً حاسماً على انتماء "وحش أورلاندو" الى أي من الجماعات الإرهابية المعروفة. غير أن هذا الذئب المتوحش خرج من أوجار الإنترنت. ترعرع على العنف صغيراً. وجد في التكنولوجيا وسيلة لمشاهدة حفلات حزّ الجماعات الإرهابية الرقاب وقطعها الرؤوس في إماراتها عبر سوريا والعراق وليبيا واليمن ونيجيريا وأفغانستان وغيرها من الملاذات الآمنة لهم في البلدان الإسلامية. شكل الإنترنت له ولأمثاله "بيئة إرهابية حاضنة".
غير أن العالم لن يستغني عن الإنترنت. لن يعود الى الوراء بسبب هذه الذئاب المتوحشة. لا طلقة سحرية توقف استخدام الإرهابيين الوسائل الإلكترونية في حربهم على "الحياة الدنيا" طمعاً بالجنة وحواريها وجواريها وأنهار لبنها وعسلها وخمرها.
يسعى المجتمع الإنساني الى توسيع نطاق مكافحة الإرهاب. تواجه صناعة الإنترنت تحدياً شاقاً. يفتح الإرهابيون الآلاف من الحسابات والمواقع وغرف المحادثة الإلكترونية. ما أن تقفل الشركات واحداً منها حتى يفتح آخر. كان عمر متين يتصفح "الفايسبوك" و"التويتر" خلال هجومه على المحتفلين بالملهى الليلي في أورلاندو. عاين العالم في دقائق آلاف التغريدات. عرف الملايين بما يجري في غضون ساعات.
لا حل أنيقاً يمكن ان تستخدمه شركات التكنولوجيا لوقف ما يحصل. لا حل سحرياً لمنع الإرهابيين من استخدام الإنترنت. صار استخدامه شائعاً كالبارود. تسلح "وحش أورلاندو" بمثل هذا البارود وبمثل هذا المنطق الإرهابي لقتل العشرات...
يبحث العالم عن طرق للتوافق على تعريف موحد للإرهاب. يبحث عن وسائل لمحاربة الإرهابيين، جماعات وفرادى. تفضلوا أيها العرب والمسلمين بمساهماتكم.
*- نقلاً عن جريدة "النهار".
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة