لا مبرر للتهديد الذي أطلقه جنرال إيراني ضد البحرين بعد أن أسقطت الجنسية عن المرجع عيسى أحمد قاسم لاتهامه ب «خلق بيئة طائفية متطرفة»
لا مبرر للتهديد الذي أطلقه جنرال إيراني ضد البحرين بعد أن أسقطت الجنسية عن المرجع عيسى أحمد قاسم لاتهامه ب «خلق بيئة طائفية متطرفة»، فبموجب القانون يحق للدولة أن تحاسب مواطنيها بتسليط العقوبة مثلما تكافئ من يستحق، ولا يجوز للدول الأخرى التدخل في شؤون تلك الدولة، وإن كان لا بد من اتخاذ موقف فيجب أن يكون ذلك وفق الأطر المتعارف عليها من دون تجاوز للخطوط الحمر.
بعد قرار البحرين سحب الجنسية من المرجع قاسم، لم يتورع القائد في الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني عن تهديد المملكة بحرب أهلية، ملمحاً إلى إمكانية اندلاع عنف مسلح. وقد تردد صدى هذا التهديد في لبنان والعراق على الخصوص، حيث صدرت بيانات تصعيدية ضد البحرين، لا جامع بينها غير الرغبة في توسيع دائرة الفرقة بين أبناء المنطقة وتعزيز الخطابات الطائفية التي تزيد في نكأ الجراح القديمة. وكان يمكن لهذه المواقف ألا تبلغ هذه الدرجة من الشدة وتنأى بنفسها عن التدخل في شؤون الآخرين وفق مبدأ المعاملة بالمثل، فطهران ترفض أي انتقاد خارجي لسياساتها الداخلية، وتعتبر أي موقف من هذا النوع تدخلاً في شؤونها يستوجب الرد. وإذا كانت إيران ترى نفسها دولة ذات سيادة ولها مصالح، فالدول الأخرى في المنطقة ومنها البحرين دول ذات سيادة وتاريخ ولها مصالح وعلاقات لن تفرط فيها مطلقاً ولن تخضع للتهديد والابتزاز تحت أي ظرف. ومن الحتمي أن خطابات التعالي ودعوات إثارة الفتن ستعود بمفاعيل عكسية، ومن يدّعي ترويض الأفاعي لن يأمن لدغتها القاتلة.
مخطئ من يراهن على تحقيق مكسب من صناعة الفوضى وسفك الدماء، فقد جرى تجريب هذه الوصفات سنوات طويلة وكانت النتيجة أن أصيبت الأمة كلها بعاهات مزمنة قد لا تبرأ منها أبداً. ومع ذلك ما زالت أصوات كثيرة لا تشعر بأي حياء وهي تحرّض هذه الجماعة من الناس على جماعات أخرى، أو تدعو مباشرة إلى ضرب استقرار المنطقة من المداخل الطائفية والعرقية، وهي نتيجة طبيعة لحصاد سنوات من الحروب المذهبية التي تكاد تفضي بالمنطقة إلى مرحلة الانتحار الجماعي في حروب وصراعات لا هدف لها غير القتل للقتل.
في ظل حديث لا يتوقف عن تقسيم سوريا، وبعد أيام من إثارة المسؤول الكردي مسرور برزاني ضرورة تقسيم العراق إلى ثلاثة كيانات، ها هو حزب الدعوة الذي يرأسه الطائفي نوري المالكي يستحسن تقسيم العراق إلى ثلاث دول منفصلة بعد طرد تنظيم «داعش»، معتبراً، بحسب ما أكدته النائبة فردوس العوادي، أن التقسيم سيحول دون المزيد من إراقة الدماء.
وموقف كهذا لا يمكن أن يكون بريئاً، فهذا المخطط التقسيمي للمنطقة يتغذى على خطاب فتنوي سرعان ما يتأجج كلما جرت محاولات لإخماده.
وفي ظل تغييب الأصوات العاقلة عن النهوض بمسؤوليتها في لجم الإرهاب والطائفية ستدفع المنطقة ثمناً باهظاً، وهو هدف ما زال الطائفيون يراهنون على تحقيقه، ولكنهم سيكونون هم أول الخاسرين.
نقلا عن / الخليج
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة