لم تكن مفاجأة لمتابعي المشهد العراقي منذ غزو القوات الأمريكي وحتى يومنا هذا أن يتم تعيين قاسم سليماني مستشاراً في حكومة حيدر العراقية
لم تكن مفاجأة لمتابعي المشهد العراقي منذ غزو القوات الأمريكي عام 2003م وحتى يومنا هذا أن يتم تعيين الجنرال الإيراني قاسم سليماني مستشاراً عسكرياً في حكومة حيدر العبادي العراقية، فالجميع يعلم بأن الأيادي الإيراني تعبث في أمن واستقرار العراق، وتشعل النار الطائفية، وتمهد لتغيير هوية المنطقة، فهو عهد قطعة المرشد الديني الخميني، فإيران وقفت مع الأمريكان في غزو العراق كما وقفت معها في غزو أفغانستان، وليس هناك من يقدم مثل هذه الخدمات الجليلة مثل النظام الإيراني.
قبل أيام وبالتحديد في السادس من هذا الشهر (يونية 2016م) أعلن وزير الخارجية العراقي إبراهيم الجعفري أن الحكومة العراقية عينت قاسم سليماني مستشارا عسكريا لها، وهذا التصريح جاء على لسان الجعفري بعد أن كثر اللغط عن أسباب ظهور قاسم سليماني مع مليشيات الحشد الشعبي الطائفية في حصارها وقصفها للفلوجة، فقد جاء سليماني على الدبابة الإيرانية من طهران لشحذ همم الحشد الشعبي بشعارات طائفية مقيتة، وقاسم سليماني هو قائد فيلق القدس الإيراني منذ عام 1998م، وهو الفصيل الأكثر دموية في الحرس الثوري الإيراني، واستغل انشغال الدول العربية بما يعرف بالربيع العربي ليقوم على تقوية الفيلق وزيادة قواته ومليشياته الإرهابية، وأصبحت له أذرع في الكثير من الدول العربي، العراق وسوريا ولبنان واليمن وغيرها، وبدأ في تشكيل أجهزة استخبارتية ومراكز للتمويل، وفتح المعسكرات لتدريب الإرهابيين على التخريب وإشاعة الفوضى بالمنطقة، وكل ذلك دعماً لمشروع الشرق الأوسط الجديد لصالح إيران وإسرائيل وبغطاء أمريكي، ولسليماني مكانة كبيرة لدى المؤسسة الدينية في إيران، ويعتبر الرجل المقرب للمرشد الديني علي خامنئي وكذلك الرئيس الإيراني حسن روحاني.
ولمن لا يعرف قاسم سليماني فإن يديه ملطختان بدماء العراقيين والسوريين، فقد قاد الحشد الشعبي الطائفي لحصار الفلوجة في العراق، كما وقف مع النظام السوري لإفشال تقدم الثوار إلى دمشق، وقد ساعده في ذلك بعض المليشيات العراقية التي تم تهجينها لصالح النظام الإيراني ومليشيات حزب الله اللبناني، والتي ساهم في تأسيسها عام 1982م بتوجيه من النظام الإيراني.
المستشار العسكري للحكومة العراقية الجديد قاسم سليماني يقود اليوم معركة الفلوجة بدعوى محاربة تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، وهو بهذا يؤكد على التعاون الإيراني الأمريكي الذي بدأ بغزو العراق عام 2003م وتعزز بالاتفاق على الملف النووي الإيراني، فإذا كان بول بريمر الحاكم بالوكالة للعراق عام 2003م فإن قاسم سليماني اليوم يدير الشؤون العراقية، والغريب أن الجنرال الإيراني قد عجز عن إعادة الأمن في سوريا فكيف به بالعراق التي تعيش بين تنظيم الدولة الإسلامية والحشد الشعبي الطائفي؟!.
لا يمكن القبول بفكرة تحرير الفلوجة من القوى الإرهابية بقوى إرهابية أخرى، فالفكرة إذا تم القضاء على داعش الإرهابية فإن البديل الحشد الشعبي الطائفي، قد نتفهم هذا الأمر لو كانت الحكومة العراقية من يقول بمحاربة الدواعش! أما وقد حشد سليماني مليشيات إرهابية تحت مظلة (الحشد الشعبي) فإن الأمر أصبح ظاهراً للعيان بأنها تصفية لمكون رئيس بالفلوجة. من هنا إن تواجد قاسم سليماني في الهلال العربي (العراق وسوريا ولبنان) ليؤكد على دوره المحوري في الأجندة الإيرانية التوسعية، فإيران لا تزال تحلم بالإمبراطوريه الفارسية، وما تأجيجها للطائفية بالمنطقة إلا لإشعال المنطقة بالصراعات والحروب، وإعادة رسم المنطقة من جديد!.
نقلًا عن صحيفة الأيام
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة